◦ سؤالُ مُزعجٌ، لكن من الضروري الإجابةَ عليه، في حربٍ بات الوعيُ فيها هو السلاحَ الأهمَّ والأفعلَ أمام العدو الإسرائيلي الذي ما كان له أن يبقى بيننا سبعون عاماً، إلّا لأنّهُ أتقنَ فنّ اجتياح ِ العقول أكثرَ مِمّا أتقنَ فنَّ اجتياحِ المدن ِ والساحات، أمام دهاءِ عدوٍّ يجهَدُ ليصنعَ من هزيمتِهِ نصراً في وعي مُجتمعِه ومؤيدِيه، ومن النصرِ هزيمةً تحفرُ في وعيِ أعدائه.
◦ واهمٌ إلى حدّ السذاجةِ مَنْ يعتقدُ بأنّ بضعةَ ملايينَ من الصهاينةِ المحتلِّينَ لِبُقعةٍ جغرافيةٍ لا يزالونَ على قيدِ الوجود، في وَجْهِ مئاتِ الملايين، لأنّهم أقوياء،أو لأنهم أصحابُ عقيدةٍصلبة،بلْلِقُدرتهم على تجنيدِ أعدائهم في جبهتهم عن وعي، والأغلبُ بِلا وعي، فيصيرُ أحدُنا يخدِمُهم بالمجّانِ وهوَ يلعَنُهُم، ويطعنُ جبهتَنا وهو يُجاهرُ باِلِانتماءِ إليها والغيرةِ عليها.
ألا تلاحظونَ، أنّنا كِدْنا ننسى صوَرَ الاقتدار، والعنفوان، التي أحدثها الفتحُ الإلهيُّ في 7 أكتوبر، أمام انجذابِنا اليوميِّ غيرِ الواعي
والمتوازن تُجاهَ صوَرِ المآسي، الدمار، وغزارةِ الضحايا، وما ينشره عدونا من تهديدات لتأديبنا، فصرنا ننفِّذُ إرادةَ عدوِّنا في مَهَمَّةِ كيِّ وَعْيِنا.
إن لهذه الوحشيةِ والتهديداتِ التي يمتازُ بها عدونا، ويفاخرُ بِها منذ وطأت قدماه أرضَنا، هدفاً أساساً يتجاوزُ رغبتَهُ باجتياحِنا؛ ألا وهو أن يحفرَ في وعيِنا أنَّهُ مهما حقّقنا من إنجازاتٍ، فهو القادرُ على إلغائِها، ومحوها، عبر إشغالِنا بِهَوْل ِ المآسي وعظيمِ الأثمان.
مؤسف أن يصير عدد من وسائلنا الإعلامية،ومِنصاتِنا عبر وسائلِ التواصل ِ الاجتماعيّ خدما بلا وعيٍ لتلك الإدارةِ الجهنّمِيّةِ الأمريكية الشيطانية، التي تُديرُ المعركةَ على الجبهةِ الإعلامية، حتى اضطُرَّ سماحةُ القائدِ أن يبعثَ بتحذيرٍ إلى خطورةِ ما يحصُل، فعدمُ التوازُن ِبين صورةِ الِاقتِدارِ وصورةِ المظلومية، يُعَدُّ خطيئةً بحقِّ جبهةِ المظلومين.
مؤسِفٌ ما حصلَ ليلةَ الأمس، كم كُشِفَ عن حجمِ الجِهاتِ والأشخاصِ من بينِنا الذين دخلوا في حالةِ اللّاوَعيِ، بِالِاستِنادِ إلى الهَوَسِ الأعمى، وغيرِ المُبَرّر، لِنَشْرِ الأخبارِ قبلَ التدقيقِ ِ فيها، فصارُوا دُمىً لما تُرَوِّجُهُ الميديا الأمريكيةُ الإسرائيلية، حول هول ما سوفَ يُصيبُ غزّة، وهم أنفسُهم سارعوا، وبالمجان، لنشرِ سَرْدِيَّةِ العدوِّ، بِأنَّ ما حصلَ هو مجردُ خطوةٍ باتِّجاهِ اختراقِ غزّة، وليس خطوةً فاشلةً يائسة، أمامَ بأسِ المقاومين.
الهَوَسُ الأعمى بِنَشْرِ الأخبارِ، هو في الحياةِ الطبيعيةِ خطأ، ولكن في الحروبِ يُعَدُّ خطيئة، فكما على المقاوِمِ في جبهاتِ القتال ِ أنْ يَبْقى يَقِظاً، مُنْضَبِطاً، واعياً لتحرُّكاتِه، كذلكَ المقاومُ في الجبهةِ الإعلامية، حتى لا يصيبَ في محورِنا مَقتلا.
وحدَكَ ولا أحدَ غيرَك، في الإعلامِ كُنتَ أو على وسائلِ التواصل ِ الِاجتِماعي، يُمْكِنُ أنْ تُجِيبَ لِنفسِكَ على السؤال: هل أنت معنا، أم مع عدونا ؟
ويبقى الخيرُ فِيما حصل