حققت المقاومة الفلسطينية انتصاراً بنيويا ساحقاً على العدو الصهيوني، يوم 7 تشرين "طوفان الأقصى" هزيمة الكيان بنية ووظيفة، هزيمة علّة وجود كلب حراسة مصالح المركز الراسمالي العالمي في المنطقة، لذلك اندفع حلف الناتو وعلى رأسه الولايات المتحدة بكل قوة الى ساحة الصراع، بعد تلمسه حالة الإنهيار والذهول والهستيريا التي أصابت القيادة العسكرية والسياسية والأمنية جراء هول الإجتياح الذي نفذته المقاومة الفلسطينية وخاصة كتائب عزالدين القسام.
ارتعب حلف الناتو لهذا الحدث " طوفان الأقصى " وللهزيمة النكراء التي أصابت الكيان الصهيوني في بنيته الوظيفية، فما كان منه إلا أن حشد حاملات طائرات وسفن وخبراء عسكريين لقيادة المعركة ضد المقاومة الفلسطينية (حوالي 2000 ظابطاً أمريكياً من مجرمي حرب العراق، ممن أوغلوا في دم الشعب العراقي عبر ممارسة القتل والتعذيب والإغتصاب) .
الإعلان غير المعلن السابق للولايات المتحدة انسحابها من الشرق الآوسط ، ضمن استراتيجية دولية جديدة ترتكز الى نقل مركز الصراع الدولي من الشرق الأوسط إلى المحيط الهادي، باعتبار أنها ضمنت الاستسلام الكامل للنظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية للمشروع الأمريكي والإرادة الأمريكية، عززة هذا الشعور اعتقادها أن قوى المقاومة عاجزة عن إحداث تغيير في الواقع العربي الشعبي المكتئب والمستسلم والبائس،
ازداد شعور الغطرسة هذا جراء النجاح الذي تحقق للمرحلة الثالثة للمشروع الصهيوني في المنطقة " السلام الاقتصادي " تحت عنوان فرض التطبيع، وبناء عليه قرر حلف الناتو الإنتقال الى خطوة جديدة في الصراع العالمي، حيث يتم التركيز على ساحتين خطيرتين تشكلان مصدر رعب من كسر هيمنة الطغمة المالية العالمية على القرار الدولي، عبر:
• محاصرة الاتحاد الروسي بالقواعد والتمدد عبر دول المعسكر الاشتراكي السابق الى الحدود الروسية، وافتعال حروب على روسيا وفي روسيا من أجل انهاكها.
• محاصرة الصين الشعبية، عبر البحار وأحلاف دول جنوب شرق الصين واستفزازها المستمر في تيوان، بهدف إحتواء الصين الشعبية، وفصم عرى العلاقة الإستراتيجية مع الاتحاد الروسي.
تنهمك الإدراة الأمريكية اليوم في وضع خطط لما تسميه " مرحلة ما بعد حماس" وتمارس ضغوط قصوى على النظام الرسمي العربي للإنخراط في هذا المخطط، أثمرت هذه الضغوط، فبعض هذه الأنظمة أنخرط فعلاً وعلناً، والبعض الأخر أنخرط سراً والبعض الآخر يتنتظر دوره "لما بعد حماس".
مخطط الطغمة المالية العالمية " لما بعد حماس " معلن لا حاجة للتحليل.
فما هو مخططنا نحن أمة العرب؟
هناك مقاربتان لمواجهة المخطط المعادي:
1. مقاربة المقاومة، معركة – هدنة - معركة ، الهدف، منع العدو من تحقيق أهدافه الآنية من المعركة وحماية المقاومة من الهزيمة،
وعلى ما يبدو أن محور المقاومة اليوم يتبنى هذه المقاربة، تحت عنوان عدم السماح بهزيمة حماس والمقاومة الفلسطينية من خلال فرض هدنة وممرات أمنة لتدفق السلع والدواء والماء والطاقة إلى القطاع،
عدم فتح معارك جانبية مع النظام الرسمي العربي، الذي ما زال يتساوق مع المخطط الصهيوني في المنطقة،
عدم الإنجرار لمعركة مع قوات الناتو المتواجدة في المنطقة الهادفة لمنع اتساع دائرة الصراع، أي منع تفعيل محور المقاومة في هذه المعركة، بالرغم من شعار أخراج القوات الأمريكية من المنطقة المرفوع من فترة، بدءاً بقرار مجلس النواب العراقي " إخراج القوات الأمريكية من الأرض العراقية " لكنه لم يفعل على الأرض بعد.
2. مقاربة التحرر الوطني، الإنتقال من مشروع المقاومة إلى مشروع متلازمة " التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي" أي تحرير المنطقة من هيمنة الطغمة المالية العالمية وتحرير الإنسان من الظلم والفقر والجوع الرازح تحته، جراء حكم قوى التبعية اللبرالية الجديدة في السلطة وتحكم وكلاء الشركات العملاقة والبنوك في السوق.
على ما يبدو أن مرحلة ما بعد انتصار " طوفان الأقصى " قد فسحت المجال واسعاً أمام إحداث هذا التحول، على أن يتم توفير شروط تحصين الانتصار والانتقال الى مشروع التحرر الوطني.
ما هي شروط الانتقال الى مقاربة متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي:
• تبني مهمات مرحلة التحرر الوطني المتمثلة في :
تحرير الأراضي العربية المحتلة من طنجا الى الاسكندرون، وكسر التبعية للطغمة المالية العالمية في كافة الدول العربية
تحرير الإرادة السياسية، عبر رفض إملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، أدوات الطغمة المالية في فرض الهيمنة على أمتنا، ورفض الهيمنة على خطط التنمية الوطنية والسياسة النقدية لكل بلد، وإبقاء المنطقة سوق استهلاكي للبضائع والسلع والخدمات الغربية.
تحرير الثروات الطبيعية الهائلة للأمة العربية واستثمارها لتتحول إلى خيرات تعم المجتمع بكافة شرائحة، والدولة بكافة مؤؤسساتها، مما يحقق الرخاء والرفاه لهذه الأمة.
إنفاذ خطط تنموية تكاملية متمحورة حول الذات الوطنية بمساهمة ممثلي الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة والكفاءات والخبرات الوطنية والقوى العاملة الوطنية والمؤسسات الشعبية وأطر نقابية: عمالية ومهنية واتحادات فلاحية وطلابية وشبابية ونسائية ...الخ
تحقيق بناء دولة الأمة، لأن بناء تكتل إقتصادي – اجتماعي كبير اصبح شرط رئيس للبقاء في ظل صراع التكتلات العملاقة الدولية ، البركس والناتو، وعلى هذا التكتل التوجه شرقاً، من أجل تأمين الحماية،
من أجل إنجاز هذا التحول، الذي هو شرط حماية الانتصار وتحقيق الاستقلال الناجز، لا بد من بناء " حامل اجتماعي " لهذا المشروع، وفي جوهره
• إعادة بناء حركة التحرر الوطني الفلسطيني وهي مهمة تقع على عاتق حماس والجهاد الإسلامي في الدرجة الأولى، خاصة وأن حركة الجهاد الإسلامي اعلنت نفسها حركة تحرر وطني منذ مؤتمر الفصائل في بيروت ورام الله، وأن بعض قيادات حماس تعلن أن حماس حركة تحرر وطني،
ولزوم تبني مفهوم الوحدة الوطنية القائم على وحدة الشعب الفلسطيني، ليس فقط وحدة الفصائل الفلسطينية، وحدة الشعب في كافة أماكن تواجده وكافة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة والمؤسسات الشعبية، وتفعل نضال الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
• إعادة بناء حركة التحرر الوطني العربي وهي مهمة تقع بالدرجة الأولى على عاتق حزب الله الذي يحضى بثقة شعبية واسعة واحترام الأطر والمؤسسات الوطنية، وخاصة ان مشروع متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي ستحضى بسرعة قصوى على إلتفاف جماهيري عارم في كافة أرجاء الوطن العربي، خاصة وأن الجميع يبحث عن حل للمأزق الذي تعيشه الدولة والمجتمع
" كلكم للوطن والوطن لكم "