كتب جورج حدادين:
الكل مجمع على أن ما قبل " طوفان الأقصى " ليس كما بعده،
مقاربتان حصريتان لرؤية معطيات ما بعد الطوفان:
1. المقاربة الوهمية ، المبنية على مفهوم متعالٍ على التاريخ، ينطلق من أمنيات ورغبات ما يفترض أن تكون عليه المقاربة، بناء على نموذج متخيل مستند الى موازين القوى العسكرية فقط، عدد طائرات دبابات مدافع قوة النيران عدد الجيوش التحصينات وقوة الرصد تكنولوجيا وفزيائياً الخ، موازين قوى بين تحالف العدوان الناتوي – الصهيوني من طرف وقوى المقاومة من طرف اخر، بينما يهمل العنصر الرئيس والأهم في هذه المعادلة الإنسان " إنسان مؤمن بعدالة قضيته وحقوقه المشروعة المستندة الى تاريخ وحضارة عميقة الجذور تغوص في أعماق الأرض "
الحامل لهذه المقاربة تحالف الطغمة المالية العالمية وأدواتها الناتو والكيان الصهيوني وقوى التبعية العربية
2. المقاربة الموضوعية الواقعية الحقيقية المبنية على الوعي والإرادة والفعل المبدع ، تستند هذه المقاربة على الإيمان المطلق بالقضية والحقوق المشروعة للشعب، وتستمد ثقتها بالنصر من تجارب الشعوب الأخرى على مدى التاريخ:
انتصر الشعب الجزائري على الاستعمار الفرنسي الذي كان قوة عظمى، ودفع في سبيل حريته مليون ونصف شهيد، في الوقت الذي كان عدد سكان الجزائر خمسة ملايين إنسان، أي ربع عدد السكان،
انتصر الشعب الفيتنامي على القوة الأعظم في العالم، الولايات المتحدة، وأجبرها على الفرار بشكلٍ مذل ومخزٍ،
انتصرت طالبان على جيوش الولايات المتحدة وفرضت عليها الهزيمة المخجلة،
أنتصر حزب الله على الكيان الصهيوني وفرض شروطه،
انتصرت المقاومة العراقية وفرضت إنسحاب القوات الأمريكية من العراق، الخ
الحامل الاجتماعي لهذه المقاربة الشعب الفلسطيني والأمة العربية بكافة شرائحا الوطنية الكادحة والمنتجة، واحرار العالم,.
لا تزال المقاومة الفلسطينية تمتلك زمام المبادرة في المعركة الشرسة الدائر رحاها على أرض غزة، في جنوب الكيانن وكذلك المقاومة الوطنية اللبنانية في شمال الكيان
حيث تكبد المقاومة الفلسطينية واللبنانية الكيان خسائر فادحة في السلاح والأرواح،
يستطيع الكيان والناتو التعتيم على هذه الخسائر، لكنهما لا يستطيعان إخفائها عن أعين المخطيطين على أرض الواقع. ولا يستطعان التعتيم على هذه الخسائرعن أعين قوى المقاومة التي توثق بالصورة والصوت وقائع على الأرض، مما يرفع من ثقة المقاوم في نفسه ويقوي من عزيمته، بينما في المقابل يضعضع من ثقة الجندي المعتدي بنفسه وبهدفه من الجرائم النكراء التي يرتكبها بحق الأطفال والنساء والشيوخ، ويتسأل في النهاية عن الهدف من قصف المستشفيات والمدارس والمنازل والطرقات، في الوقت الذي يخرج لهم المقاومين من الأنفاق والبنايات المهدمة والشوارع المغلقة بالركام، ويصتادون الجنود والأليات الحديثة بأدوات بسيطة لا تقارن بمعداتهم.
البشائر بالنصر واقعية وهزيمة المعتدي أكيده ، وتحصين هذا الإنتصار يتطلب أولاً عدم الوقوع في فخ قوى العدوان السياسي المتمثل بما يلي:
• تفريغ هذا الانتصار من مضمونه، كما حصل في حرب أكتوبر عام 1973، عندما تمكنت الولايات المتحدة من عزل مصر عن سوريا وأحتواء مصر وإخراجها من ساحة الصراع.
يجب أن لاتسمح الفصائل الفلسطينية من إعادة انتاج هذا النموذج على الصعيد الفلسطيني
• بيع الوهم من خلال ما يسمى مرحلة ما بعد الطوفان ، تسليم غزة الى قوى متساوقه مع المشروع الصهيوني الناتوي، مشروع الطغمة المالية العالمية، أياً كان أسم أو شكل هذه القوى، فرض الإنقسام بين صفوف قوى المقاومة بقصد أو بدون قسط
• توكيل قوى التبعية العربية بإحتواء أطراف من المقاومة الفلسطينية
• بيع الوهم للسلطة الفلسطينية وبعض أنظمة التبعية العربية، بقدرتها على السيطرة على النهوض الفلسطيني المتعطش الى التحرر من الاستعمار المباشر وغير المباشر، وبناء دولته المستقلة استقلالاً ناجزاً، بالقوة الخشنة أو الناعمة.
شرط المرحلة لتحقيق الإنتصار النهائي ، غير المرتد، التأكيد على أن المقاومة الفلسطينية " حركة تحرر وطني " بكامل فصائلها، وهناك مؤشرات إجابية على شكل تصريحات من قيادات حمساوية بهذا الخصوص، والتصريح المعلن من قبل الجهاد الأسلامي بكونها حركة تحرر وطني.
مما يستدعي، من الأن فصاعداً، إتفاق قوى النضال الوطني الفلسطيني، بكافة شرائحه الوطنية الكادحة والمنتجة وممثليها مؤسسات المجتمع الوطني من نقابات واتحادات ومنظمات بالإضافة الى الفصائل الفلسطينية،على مشروع التحرر الوطني و مهمات مرحلة التحرر الوطني
النضال فلسطيني مهمة عموم الشعب ، في الداخل والخارج، في غزة والضفة وأل 48 وفي الشتات، أي نضال ليس مقصوراً على الفصائل
أعلان وحدة الشعب الفلسطيني من خلال التوافق على مشروع التحرر الوطني وبناءه من القاعدة الى القمة، ليس اسقاطه من ألقيادة الى القاعدة لضمان وحدة حقيقية مستدامة
" كلكم للوطن والوطن لكم "