الفيلسوف الإنجليزي "توماس هوبز" كان عنده فكرة
إن القوة العليا هي المسؤولة عن أخطاء وكوارث المكان، وأي صراع بين قوتين غير متكافئتين فمسؤولية أمن وانضباط وأمان هذا المكان تكون على الطرف الأقوى لا الضعيف..
من هنا انبثقت تشريعات العالم حول الاحتلال، أن أي احتلال لشعب هو مسؤول عن حياته وأمنه ومعيشته، ليست رفاهية أو ترفا، ولا منحة أو فضل، لأن مقابل احتلال هذا الشعب اكتسب المحتل قوة ونفوذا في السيطرة على (العقول والثروات) المملوكة للشعب المستضعف، وبالتالي فأي كارثة أو مرض أو تقصير يُصيب المُحتَلّ هو يقع على عاتق الاحتلال فورا دون شك أو مواربة..
إسرائيل مسؤولة عن حياة الفلسطينيين ومعيشتهم، وقصة تزويد قطاع غزة بالمياة والكهرباء ليست ترفا أو منحة، بل هو حق للشعب الفلسطيني الذي لو حصل على حريته وأرضه لاستطاع توفير هذه المتطلبات المعيشية بنفسه وربما بثمن أرخص..
كذلك إسرائيل مسؤولة عن دماء شعب غزة في هذه الحرب، وكل قطرة دم تسقط في رقبة نتنياهو وجالانت وكافة مجرمي الحرب في إسرائيل بشكل أولي، وعلى داعميهم في أمريكا وأوروبا وتيار الصهيونية المسيحية الدولي بشكل ثانوي، وعلى أنصارهم من الصهاينة العرب بالتبعية..
من النواحي العسكرية لا تكافؤ في القوة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وبالتالي مسؤولية الصراع الحالي وأي كارثة تحدث للمدنيين فهي على عاتق الأقوى..لأنه هو المتحكم والمسيطر ومن لديه القدرة على الاختيار، أما الطرف الأضعف ولو كان من حقه هذه المقاومة كحق مكتسب أصيل ضد الاحتلال لا يعفيه من المسؤولية..لكنه لا يملك خيارات أكثر كالاحتلال..وسيطرته على مصادر الحياة ضعيفة، لذلك فمسؤوليته كذلك ضعيفة..
القصة ليست فقط من هو الظالم والمظلوم..هذه معايير قد تكون نسبية وأحكام قيمة قد يطلقها البعض بشكل عبثي، ولكن القصة في من يملك السلطة والنفوذ..من يملك السلاح والمال والتكنولوجيا، من يملك الأرض والبحر والسماء..سيكون تحميل الكوارث للطرف الأضعف والذي لا يملك شيئا من ذلك فوضى وعبث وجهل وانحياز أيديولوجي طائفي مقيت..
هكذا تفكر بشكل فلسفي عميق عندما تدرك أن السياسة ليست مجرد صراع مبني على قانون الغاب، بل تطورت كثيرا لتناسب عصر حقوق الإنسان والعدالة، وصار الحديث فيها يتطلب الإلمام بأبسط قواعد التشريع الدولي التي انبثقت من كتب الفلاسفة والمُشرّعين في عصر النهضة...