لقحوا أطفالكم ضد التطبيع.
اللقاح، هو هذه المادة التي تدخل الى الجسم لتمنحه مناعة ضد مرض محدد، ناتج عن فيروس محدد.
سنة ٨٢، كان الطفل علي يغادر العاصمة بيروت مع والديه في الطريق الى الجنوب بفعل الغزو الصهيوني لثاني عاصمة عربية يومها.
على أحد الحواجز، أعطى أحد الجنود الصهاينة علي، ذو السنوات الثلاث، "حلو"
bonbon
بعد أمتار من الحاجز، رمى الطفل علي الbonbon، من نافذة السيارة.
هل رمى علي الحلو من تلقاء نفسه، أم أن والداه طلبا منه رميها؟
ليس مهم؟
بل مهم جدا.
هنا يبدأ التلقيح ضد التطبيع.
فعل رفض حلو الإحتلال، يعني رفض التطبيع.
هكذا تربى الشيخ راغب حرب، فرفض مصافحة الضابط الإسرائيلي؛
في نفس الوقت الذي كان فيه بشير الجميل ينسق مع شارون للدخول الى بيروت الغربية، وكان وليد جنبلاط يستقبل في بيته، شمعون بيريز باسم الأممية الثانية، والإشتراكية الدولية.
علي الصغير كبر؛ صار مهندسا، وهو اليوم مع المقاومة.
منذ أيام دخل إلى زاويتي، في العمل رجل سبعيني، معرفة منذ زمن ليس بقصير.
مع أنه من جماعة عرب الإعتدال، لم أصل معه يوما حدا الخصام، على الأقل بسبب سنه المتقدم.
كنا "ننقر على بعضنا"
طبعا، لم أكن أسكت عن قناعاتي.
وكما اني أعرف مواقفه جيدا.
كان هو كذلك، يعرف مواقفي.
دخل علي متسلحا بمؤتمر ماكرون الصحفي، ليبشرني بأنه خلص.
هذه المرة، لن تبقي اميركا مبشرا من المقاومة وأنصارها.
أما فلسطين؛ رأيه أن اليهود يحكمون العالم،
"ونحنا(أي هم) بدنا نعيش".
هذه المرة ربما ستكون المرة الأخيرة التي سيزورني فيها.
سألته إذا كان قد صلى صلاة الظهر؟
أجاب بالإيجاب.
سألته إذا كان هكذا، للحظة، فكر في أهل فلسطين؟
أجاب بأن على الفلسطينيين القبول بقدرهم.
سألته، وماذا يحدث إن لم يقبلوا؟
أجاب بأن إسرائيل سوف تدمرهم أينما كانوا.
سألته، هل تعرف أن المقاومة الفلسطينية في غزة تستطيع تدمير كل مقومات الدولة في كامل فلسطين؟
هل تعرف أن المقاومة في لبنان، تستطيع إنهاء وجود اسرائيل وأن الذي يمنعها حتى اليوم هو فقط الثمن الباهظ لهذا.
هل تعرف أن ناطحات السحاب في ابو ظبي ودبي والرياض وجدة سوف تتساقط كرمل الصحراء إذا وجه الحوثيون صواريخهم ومسيراتهم.
هل تعرف أن ماكرون نفسه سوف يبتلع لسانه ندما غدا....
هل..
خرج الرجل غاضبا..
وهو يشتم بشار الذي يقتل شعبه...
هو تذكر بالتأكيد، تعملق المقاومة في سوريا..
تذكر القصير وحمص وحلب...
أما أنا.
فقد تذكرت ذلك الطفل، علي.
علي تلقى لقاح الوطنية المضاد للتطبيع...
لقد مول الشيخ زايد بمليار دولار المشروع النووي الباكستاني، على أساس أن تكون هذه القنبلة النووية الإسلامية الأولى...
لكنه نسي تلقيح ولديه محمد وعبدالله بلقاح الكرامة والعزة والشرف.
سقط الولدان عند أول ضربة مشاية من ترامب.
تذكرت المدرسة، وسألت نفسي عن المواد التي كنا ندرسها.
كلها، على أهميتها، كان ينقصها دروس في الوطنية، في الكرامة.
بدل إميل إده، كان يجب دراسة حياة أنطون سعادة.
وبدل محمد الجسر كان يجب تعليمنا عن أخلاق عبد الحميد كرامي.
وبدلا عن أحمد الأسعد
وصبري حمادة وعادل عسيران كان يجب أن نتعلم عن وادي الحجير مع السيد شرف الدين،
وعن الشهداء عبد الكريم الخليل، أدهم خنجر، السيد يوسف طاهر، وغيرهم...
الحياة وقفة عز.
ماذا ينفع أن تتنفس ورأسك تحت الحذاء؟
كيف تستطيع أن تكون رجلا في بيتك، أمام زوجة وأطفال إذا لم تكن رجلا في الحياة؟
لذا، ولكي لا يجلب أحد من ذريتكم العار عليكم يوما،
لقحوا أطفالكم ضد التطبيع والذل والخيانة
حليم خاتون