واستشهد الشيخ نزار...
مقالات
واستشهد الشيخ نزار...
حليم الشيخ
25 كانون الأول 2023 , 16:47 م


"متعيطش يا زلمة... كلنا مشاريع شهادة..."

هذا هو باختصار شديد الشيخ نزار...

هل يحق للفلسطيني ما لا يحق لغيره؟

هل يحق للفلسطيني أن يغضب من كل العرب بلا استثناء؟

يوم خرج ذلك الأب المذبوح القلب في غزة يقدم جثث أولاده المقطعة أشلاء إلى الله قرابينا، ويطلب منه أن يأخذ المزيد حتى يرضى؛ لم تبق عين رجل لم تبك، ولا قلب لم ينفطر...

يوم خرجت تلك السيدة على شاشة الميادين تحمل ولدها الشهيد تقدمه لله قربانا، وهي تصرخ في وجه كل العرب؛ كل العرب دون استثناء من اعماق قلبها المحروق رافضة علينا جميعا، أي حق في الاقصى لأننا لا ندافع عنه كما يجب، غضبتُ لأنها خلطت الفالح بالطالح، ولم تر رجال الله في لبنان واليمن والعراق...

لكن صديقا قرّعني على غضبي هذا، وأعاد الي رشدي...

من أنا؟

من نحن جميعاً، حتى نلوم الفلسطيني عندما يغضب...؟

من نحن أمام فظاعة، وهول ما يجري على كل متر من أرض فلسطين؟

ربما لا تسمعني تلك السيدة وانا احترق رجاء أن تسامحني...

ربما هي لن تسمعني لأن اهوال ما يجري في غزة لم تترك لحواس الناس في السمع والنظر واللمس أي معنى...

ربما هي لحقت بولدها الشهيد دون أن تسامحني على تلك الخطيئة التي سوف يحاسبني الله عليها يوم القيامة...

صدقت تلك المرأة...

نحن معشر العربان لا نسمع...

ألم يقل الله فينا، "إن بعض الاعراب أشد كفرا..."

عندما احاول متابعة خبر على سكاي نيوز الاماراتية... أنا بالكاد احتمل سماع مقدم البرنامج الذي يقف كما القزم أمام الضيف الأبيض الأميركي أو البريطاني، بينما يحاول التعملق أمام الضيف الإيراني...

توقفت عن سماع "العربية" أو "الحدث" السعوديتان لما في "الموضوعية!" عندهما من قرف تخلى عنه الكثير من الأميركيين...

حتى CNN عرضت عن الضفة منذ يومين تقريرا فضح كل سياسة الإبادة والتطهير العرقي بشكل أكثر جرأة من الكثير من الشاشات العربية...

بينما يخرج علينا بعض العرب بنظريات حل الدولتين الذي لا تريده، ولم ترده، لا اسرائيل، ولا اميركا، ولا الغرب...

يخرج المؤرخ والمفكر اليهودي التقدمي إيلان پاپيه يشرّح عقم هذا الحل لانعدام العدالة فيه؛هو حل سوف يحمل مشاريع تطهير عرقي ترفض حق العودة الذي يعتبره هذا المؤرخ حقا مقدسا لكل الفلسطينيين لا يحق لأي كان التلاعب به...

يفضح پاپيه الغرب الذي يقف في حقيقة الأمر مع مشروع اسرائيل الكبرى...

يتوجه پاپيه المولود في حيفا إلى اليهود قائلا إن الحق الوحيد الذي يملكونه هو في المطالبة بإقامة دولة ديمقراطية واحدة على كل فلسطين التاريخية يتساوى فيها كل المواطنين بالحقوق والواجبات عربا ويهودا مع وجوب إعادة كل الأملاك المصادرة إلى السكان الأصليين ومحاكمة كل مجرمي الحرب الذي قتلوا أو يقتلون أبرياء...

وفقا للكثير من المواقع التقدمية الغربية ما يجري في فلسطين هو تطهير عرقي وإبادة جماعية بكل ما في الكامب من معني...

يذهب البروفيسور الأميركي ساكس حد المطالبة بمحاكمة اميركا نفسها لأنها لا تكتفي بدعم من يرتكبون الإبادة والتطهير العرقي، بل هي تعتبر شريكا كاملا عن سابق ترصد وتصميم في هاتين الجريمتين...

سألت نفسي إذا كان الأوان لم يحن بعد لتفجير الحرب بالكامل ضد الغرب، وانا أنظر إلى الأساطيل في البحر الأحمر...

حتى متى ندع الدم الفلسطيني ينتصر على السيف وقد زاد عدد الأطفال وفق المواقع التقدمية الغربية على العشرة آلاف حتى ليلة الميلاد...

هل يخشى حزب الله خسارة ذلك التعاطف الكبير في شوارع اميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها إذا ما قرر الدخول بكامل القوة في هذه الحرب؟

هل سوف نخسر الرأي العام العالمي إذا ما قامت إيران بالدخول في هذه الحرب؟

ماذا سوف يحصل حين تصيب إحدى الصواريخ إحدى السفن الحربية الغربية ويغرق عشرات البحارة الأميركيين أو البريطانيين؟

هل ستبقى شوارع واشنطن ونيويورك ولندن عامرة ضد الكيان الاسرائيلي المجرم، كما هي اليوم؟

ألن يشكل هذا ذريعة لدخول اميركا بكامل قوتها في الحرب إلى جانب إسرائيل؟

حتى متى يمكن القبول بسقوط الدم في غزة والضفة دون انفجار الحرب الشاملة؟

بل حتى متى يستطيع الفلسطينيون الصمود في وجه تحالف دولي قاتل على رأسه الإمبريالية الأميركية ومن ضمنه قرود بريطانيا وفرنسا وغيرهما من دول الإستعمار القديم والجديد...

لقد دفعتني كل تلك التساؤلات للغوص في التجربة الفيتنامية أكثر وأكثر...

صحيح أن المسألة الفيتنامية لم تستمر ٧٥ عاما كما في فلسطين؛ لكن الصحيح أيضاً هو أن فيتنام واجهت أيضا ثلاث قوى امبريالية هي اليابان وفرنسا وأميركا على التوالي...

حتى أن هانوي دمرت تدميرا كاملا خلال حقبات معينة من الحروب الإمبريالية على فيتنام...

كما أن دماء أطفال فيتنام واجهت الغرب فترات طويلة قبل أن تقرر المقاومة الفيتنامية ضرب العدو في كل مكان، وبكل قوة...

ورغم ذلك لم تخسر فيتنام تأييد الجيل الشاب في شوارع الغرب...

من الآن وحتى الثالث من يناير، يوم كلمة السيد نصرالله؛ لا يعرف اي كان ماذا سوف يحصل في البحر الأحمر، وإذا ما كان السيد الحوثي سوف يمشي خطوات كبرى أخرى قبل حزب الله...

هل سوف يقوم الحشد في العراق بإقفال ميناء حيفا لتشديد الحصار على الكيان؟

أم يكتفي بمسيرة يتيمة تصل فوق كاريش، ولا تقوم بقصفه؟

لماذا الاعتماد فقط على غزة في قصف تل أبيب؟

لماذا تسير الجبهات الأخرى على ظهر سلحفاة؟

هل أن وعود التسوية والتهدئة خلف الكواليس تمنع انفجار الحرب الشاملة، أم أن التهديد بالحرب الشاملة هو ما سوف يفرض وقف النار الذي تريده غزة، ومعها الضفة؟

تكثر الاسئلة والجواب واحد...

إذا أردت السلم، استعد للحرب...

أمامنا عدو أميركي غربي يزرع فينا الأوهام حين نكون أقوياء ثم ينقض علينا ويقتلنا حين نضعف...

هو عدو لطالما هددنا بالقوة الهائلة التي يمتلك...

لكنه نفس العدو الذي هرب كما الجرذان في أكثر من موقعة، وفي أكثر من منطقة...

لولا بعض ابطال لبنان، لكان هذا البلد لا يزال ضمن الأراضي المحتلة مباشرة من قبل اسرائيل، أو غير مباشرة من قبل اميركا...

بضعة ابطال ضربوا المارينز الأميركيين، والمظليين الفرنسيين، فشردت الأساطيل...

اليوم أيضاً...

بضعة الابطال هؤلاء صاروا مئات الألوف...

نصف لبنان إن لم يكن أكثر، صار مرتعاً للأسود...

الى هؤلاء الأبطال انضم اليمن وجزء كبير من العراق...

الاميركيون موجودون في العراق وسوريا وفي البحار ما حولنا...

كل المطلوب هو ضرب اسرائيل ضربات تفوق حتى ما حصل في السابع من أكتوبر...

فليخرج العفريت الصهيوني نريه فقط بعضا مما رآه في غزة...

أما الأميركي...

فهو نمر من ورق...

يعرف الأميركي أن حربه الحقيقية هي في شرق آسيا...

لأنه غبي، تورط في أوكرانيا...

هل يكون أكثر غباء ويزيد من تورطه عندنا في الشرق الأوسط...؟

إن هو حمل "كلاكيشه" ورحل، تكون مصيبته عظيمة؛ لكنه يريحنا مع كلاب الصهيونية في فلسطين، فنخلص منهم...

أما إن أصر على البقاء إلى جناب الصهاينة، فمصيبته سوف تكون أعظم...

لسبب بسيط...

في الحالة الأولى سوف تخسر اميركا، لكنها سوف تظل القوة الاعظم...

أما في الحالة الثانية...

فصلّوا على محمد، وعلى آل محمد...

حليم الشيخ محمد


المصدر: موقع إضاءات الإخباري