كتب حليم خاتون.. لبنان وسيارة ميس الريم:
أخبار وتقارير
كتب حليم خاتون.. لبنان وسيارة ميس الريم: "هالسيارة مش عم تمشي..
1 تشرين الأول 2020 , 22:19 م
في إحدى الطُّرَف على صوت الشعب، أيام الحرب الأهلية سنة ٧٥ - ٧٦، يقول الميكانيكي لزياد الرحباني إنّ سيارته غير قابلة للتصليح. هي "مهرهرة" وموديل ٤٣ ولا يمكن إيجاد قطع لها. ينصحه بتبديلها... ا

في إحدى الطُّرَف على صوت الشعب، أيام الحرب الأهلية سنة ٧٥ - ٧٦، يقول الميكانيكي لزياد الرحباني إنّ سيارته غير قابلة للتصليح.
هي "مهرهرة" وموديل ٤٣
ولا يمكن إيجاد قطع لها.

ينصحه بتبديلها...

السيارة هي لبنان.. 
موديل ٤٣ ، هو نظام جمهورية الاستقلال، المكون من خلطة إقطاعية،رأسمالية، عشائرية، طائفية، مذهبية،
ريعية، ربع انتاجية، زبائنية....الخ مما قد يخطر أو لا يخطر على البال.


كان اللبنانيون يفاخرون بعبقرية البناء الاقتصادي الاجتماعي لبلدهم، التي عجزت بعثة "إرفد" عن فهمها.
بعثة "إرفد" تلك، كانت جلبت إلى لبنان لمحاولة وضع ضوابط وقوانين لتسيير البلد واقتصاده..
يقال:
يتندراللبنانيون بالقول: إنّ خلاصة عمل البعثة كان،
أنهم لم يستطيعوا فهم هذه " العبقرية" اللبنانية؛
 ولكن، بما أن البلد ماشي،
يجب ترك كل شيء على حاله...
وهكذا بقي "سويسرا الشرق"، على خلطته العجيبة الغريبة، يردد المواويل، ويتغنى بلبنان 
الأخضر، وبالصبايا على العين... 
العين التي صادرها القبضاي وجعلها داخل حديقته بعدما وضع يده على المشاع، تماما كما صادر الزعيم الشاطىء وجعله منتجعا خاصا به و"بأوليائه الصالحين".
أما لبنان الأخضر، فعلى قلة خضاره، تكفلت الزبائنية والمحسوبيات  والفوضى بإتلافه،تماما كما حصل لأحد أشهر 
"الشلالات"، إذا استطعنا  أن نُطلق عليه اسم شلال ؛ 
حيث دعيت إلى أحد المطاعم هناك منذ بضعِ سنينَ، فلم أستطع رؤية أكثر من حنفية ماء وموتور يعمل على رفع الماء إلى الحنفية المخبأة في الصخور.

اللبناني عبقري، شو بدك.
وقعت الحرب الأهلية، وجرى فيها ما جرى من عجائب، لعل أطرفها، أن المقاتلين من الأطراف المتعددة، كانوا يوقفون القتال بين الحين والآخر حتى يتسنى لهم تقاسم السرقات المُمنهجة التي جرت لمركز البلد (البرج،
أو ساحة الشهداء).

ولأن اللبناني ينسى أبو الذي خلفه،حين يرى المال، تنازل هذا اللبناني عن عقله وقرر الأخذ بنصيحة العبقرية السعودية الأميركية السورية، التي رمت ببرنامج الحركة الوطنية الإصلاحي في المزبلة، وقررت أن حل القضية يكون "بتشليح" المسيحيين شيئا من النفوذ وإعطائه للسنة، الذين بدورهم ضحكوا على الشيعة بإرضاء زعمائهم، وضم هؤلاء الزعماء مع من يركب من المسيحيين في بوسطة الطائف التي يقودها رفيق الحريري، ويضع كل الغلة في جيبه بعد أن يُرضي 
هؤلاء الزعماء ببعض الفتات.

بعد أحداث السابع من أيار وبعد استفحال فجور فؤاد السنيورة الذي توّج نفسه ديكتاتورا على بوسطة الطائف؛ لعب الكفّ الذي أكله في إعادة توزيع بعض المغانم.
تم إجراء بعض الترقيعات في بوسطة الطائف؛ ترقيعات يحبّ اللبنانيون تسميتها تصليحات؛
مشت البوسطة  قليلا، ثم توقفت. البوسطة تمشي،ولكنها دائما  "تُقطش" .

عندما بدل رفيق الحريري سيارة الموديل ٤٣، لم يأخذ بوسطة جديدة من الشركة موديل ٨٩.
"استرخص بوسطة قديمة،
مجددة بقطع أميركية من سوق الخردة السعودي، عمل السوري على جعلها "بتمشي الحال".
هذه البوسطة، انتهى عمرها.
خلص.
كل قرش يوضع في تصليحها، هو كمن يرمي المال في بئر بلا قاع.

الأميركي يصر على أن لا تستبدل القطع التالفة إلا مما يرميه هو في سوق الخردة السعودي.
الفرنسي يقترح أن يحاول،
لعل وعسى.
هو يعد الأميركي بأنه سوف يحافظ على معظم تركيبة البوسطة، حتى لا ينزعج الإسرائيليون والسعوديون والإماراتيون..
ولكن، كيف لبوسطة أن تمشي وهي مهرهرة، وبلا موتور، وبلا دواليب، وبلا عزقات، وبلا براغي، وبلا حتى "قشاط صدر" وبوجيات وبيستون...و...
و....

يقول الخبراء: إنّ عمر هذه البوسطة انتهى منذ اليوم الثاني لاستعمالها، وإنّ ما تركها على الطرقات هو العنايات السورية السعودية الأميركية التي احتاجت دوما لمعجزة.

الآن، انتهى عصر المعجزات.
حتى لو رضي اللبنانيون بكل ما يريده الاميركيون والسعوديون.
هذا لن يغير في الأمر شيئا.
والدليل أن المصريين والأردنيين قبلوا بكل ما أملي عليهم وانتهوا في القعر.
ثم إنّ تل أبيب مجهزة بأحدث أساطيل النقل.
ولا يسمح حتى للسعودي
أن يقتني شيئا مشابها،
إن يكن مكانه محفوظاً، في حجرة مخصصة للحيوانات الأليفة، التي
يقتنيها الركاب الغربيون من علية البشر.

ما العمل؟
ما هو الحل؟
لا بد من طرد الأميركيين والسعوديين.
لا بد من أخذ اللبنانيين الأمور بأيديهم.
هناك في لبنان نسبة تصل إلى ٠,٨٥٪ من ٢,٥ مليون 
لبناني، يملكون ما يقدر بحوالى ٦٠ مليار دولار نقدا، وأموال غير منقولة قد توازي أو تزيد على هذا المبلغ.
تقول كل القوانين الاقتصادية: إنه في الوحدة، إذا زادت كفة مكون، يكون هذا على حساب المكونات الأخرى.

هذا هو ألف باء الاقتصاد.
تحدث عن هذا السيد المسيح.
تحدث بهذا الإمام علي ابن أبي طالب.
تحدث عن هذا، المنظر الأول للرأسمالية، آدم سميث .
تحدث عن هذا كارل ماركس في كتاب رأس المال.
حتى محمد باقر الصدر، عدو الماركسية لم ينفِ هذا المبدأ.

إذاً، هذا هو الحل.
عدد هؤلاء الذين سطوا على مقدرات البلد، لا يزيد على حوالي العشرين الف رجل وامرأة وطفل وكلب وبسين .

هل يستمر البلد في الأزمة 
حتى لا يسأل هؤلاء عن مصدر فحشهم ؟

هذه ليست "شغلة"، لا حزب الله ولا غير حزب الله .
هذه "شغلة" كل اللبنانيين.

لا تبكوا نقص دواء.
 لا تبكوا نقص خبز أو وقود.
لا تبكوا نقص موارد.
.....
ابكوا فقط نقص إرادة وعزم.

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري