السابع من أكتوبر، معجزة أم عجز
مقالات
السابع من أكتوبر، معجزة أم عجز
حليم خاتون
2 أيار 2025 , 19:30 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

مقالة الأستاذ حسن علي طه على موقع إضاءات، لم تكن الأولى؛ ولن تكون الأخيرة التي تحاول التشكيك بعظمة ما حدث في السابع من أكتوبر في غزة...

منذ اليوم التالي خرجت تحليلات كثيرة تتناول هذا الحدث الجلل من اكثر من زاوية، وقد وصل الأمر بالبعض إلى درجة تخوين يحي السنوار ومحمد الضيف ووضعهم ضمن فريق التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي اراد توريط محور المقاومة بشكل عام، وحزب الله بشكل خاص في معركة غير متكافئة تؤدي إلى تصفية هذا الحزب وهذا المحور ( كتابات ومقابلات الصحافي نضال السبع في هذا الشأن هي الأكثر وضوحا)...

استند الكثيرون إلى سياسة تركيا التي وقفت مع غزة بالنباح العالي بينما كان وقود الطائرات ووقود الدبابات الاسرائيلية التي ترتكب الابادة والمجازر بحق الفلسطينيين تأتي من أذربيجان التابعة بشكل من الأشكال لتركيا، وتمر عبر ميناء جيهان التركي لتصل في النهاية إلى الكيان وتمكن اسرائيل من تحقيق ضربات غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني...

استند بعض المشككين إلى ارتباط حماس بقطر وتركيا، ووجود صلات مع الخليج بشكل عام؛ ومع السعودية والإمارات بشكل خاص للعمل كي تنتصر إسرائيل على محور المقاومة، وعلى إيران ويمشي قطار صفقة القرن والاتفاق الإبراهيمي...

استند الكثيرون إلى الأدوار السوداء التي لعبها تيار خالد مشعل داخل حماس فيما سمي زورا بالربيع العربي من "الثورات الملونة" الأميركية المنشأ والتخطيط...

ما ذكره الاستاذ حسن طه حول تدبير الموساد عملية محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن لتبرير اجتياح ال ٨٢ ليس الوحيد...

إسرائيل لم تتأخر عن قتل حتى يهود في سبيل إجبار أكبر قدر ممكن من هؤلاء للهجرة إلى فلسطين...

كما أن عملية إسحاق نافون في مصر في الخمسينيات في استهداف الأميركيين والبريطانيين لدق إسفين بين أميركا والغرب من جهة، ونظام ثورة يوليو من جهة اخرى معروف جدا...

كذلك كل الإشاعات التي خرجت للتحدث عن دور إسرائيل في اغتيال بشير الجميل وإن الموساد هو من سهل عملية الشرتوني بطريقة غير مباشرة لأن بشير عاد عن وعوده بتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل...

كل هذا الكلام لا يتوقف...

لكن هذه السردية لا تستطيع نفي أن الشرتوني فعل ما يجب فعله بحق كل خائن وعميل...

ما يمكن أن يتم الكلام عنه في هذا الخصوص قد يملأ مجلدات بحالها...

لكن أين يكمن جوهر الأمور في كل تلك القصص التي لا يستطيع أي كان تثبيتها او نفيها؟

ما قامت به او ما تخطط له المخابرات العالمية أكبر بكثير من كل ما يمكن ان يُحكى او يُكتب...

كل هذا الكلام "حكي بحكي"...

كل هذا يدور لتبرير ما حصل على الأرض فعلا...

"نلف وندور"، لكي لا نضع الإصبع على موضع الجرح...

في كل تلك التحليلات، وفي كل ذلك الكلام، سوف يجد المرء شيئا من المنطق...

لكن نقيض هذا الكلام يحمل أيضا من المنطق ما يمكن أن يملا هو الآخر مجلدات أكبر من تلك التي سبقت...

لذلك، وبعيدا عن هذا الكلام وعن نقيضه، تعالوا إلى كلمة سواء تبحث فيما حصل، ولماذا وقعت المصائب التي وقعت...

سواء كان الاستاذ حسن طه او الاستاذ نضال السبع على حق أو لا؛ تبقى حقيقة دامغة تقول إن إيران لم تكن على مستوى ما حدث...

ليس في هذا اي شك!

كما يمكن القول أيضا أن إيران لا تسعى الى اي حرب تقضي على الكيان، ليس لأن هذا ليس في مصلحتها، بل لأن كل هدف إيران هو إيجاد مكان لها تحت الشمس الأميركية...

تماما كما هو هدف اردوغان وكما هو هدف نتنياهو...

وحدهم العرب يعيشون في عالم آخر، عالم القبول بالذل حتى لو لم يقبل الذل بهم...

من المؤكد أن موقف إيران هو أكثر جدية وأكثر قربا من آمال الشعوب العربية من الموقف التركي، وإن الفرق بين موقفي إيران وتركيا شاسع إلى درجة القياس بسنوات ضوئية...

لكن إيران ليست إلاها ولا نبيا ولا حتى كاريتاس...

إيران تسعى الى البقاء في مثلث السيطرة الإقليمية على الشرق الأوسط حتى لو ضم هذه المثلث إسرائيل...

مشكلة ايران هي أن اسرائيل لا ترضى بها الا اذا وقفت بالكامل كما ايام الشاه أو في أسوا الأحوال، كما إردوغان اي النباح العالي والتعاون مع إسرائيل من تحت الطاولة...

نحن هنا لا يحق لنا لوم إيران لسبب بسيط: هو أن النظام الرسمي العربي وقسم غير قليل من الشعوب العربية هم في واقع الأمر أسوأ ملايين أضعاف المرات من موقف إيران...

بل حتى تركيا الزفت اردوغان افضل من هذا النظام الرسمي العربي...

كذلك الشعب التركي، هو قطعا افضل الف مرة من الشعوب العربية الميتة...

ماذا عن مواقف بقية أطراف محور المقاومة وبالتحديد موقف حزب الله؟

تشير كل الدلائل إلى أن حزب الله تميز بالموقف منذ اليوم الأول عن إيران وحتى عن الأطراف العراقية التي لم تختلف منذ خيانة العهد مع الحسين الى خيانة العهد مع نصرالله، وإن هذا الحزب لم يتعمد الوقوع في الخطأ بل وقع فيه مرغما بسبب مواقف إيران والحشد في العراق وشيء من عدم الثقة بحماس بسبب ارتباطاتها مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين...

في ليبيا، في تونس، في سوريا، في مصر، في قطر، في تركيا... أينما كان، لعب الإخوان المسلمون ويلعبون دائما في الملعب وفق الشروط والقوانين الأميركية...

في كل مكان من هذه الأمكنة ثبت بالدليل القاطع أن جزءا من حماس على الأقل لم يكن بعيدا على الإطلاق عن مشروع أوباما الذي يهدف هو أيضا إلى نوع من التطبيع بين الاغلبية السُنّية العربية وبين إسرائيل عبر الإخوان المسلمين على الطريقة الإردوغانية...

لذلك، ولكي لا نَضيع، ولكي لا نُضيع البوصلة...

بغض النظر عن مكر المخابرات العالمية، غربية كانت أم شرقية، لا يهم؛ المهم دراسة لماذا وقعنا نحن في الأخطاء المميتة؟

لماذا توقعنا من إيران ما لا تريد إيران الذهاب إليه؟

لماذا لم نذهب في الصراع إلى الحالة القصوى التي وحدها كان بإمكانها هدم الهيكل الاقتصادي العالمي على رؤوس الجميع بدل أن نكون اليوم تحت رحمة صندوق النقد، والغرب، وخونة العرب، وأمريكا...

حتى أغبياء من أمثال ابراهيم صقر صار يخرج ويتجرأ علينا...

سواء كان الاستاذ حسن طه على حق أم لا؛

سواء كان الاستاذ نضال السبع على حق أم لا؛

الخطأ الأساسي لم يأت من حماس ولا من الجهاد...

الخطأ المميت جاء من عندنا نحن...

نحن في حزب الله كنا نعرف كل شيء عن السلفيين...

كنا نعرف كل شيء عن الإخوان المسلمين، وعن بشار الأسد، وعن الانتهازية الروسية، وعن الأنانية الصينية...

عرفنا كل ذلك وكنا نعرف كل ذلك ثم ذهبنا إلى حرب خطوة إلى الأمام، خطوتين إلى الوراء...

سواء ذهبنا إسنادا لغزة او غيرها...

هذه الحرب حربنا نحن...

نحن أعداء إسرائيل بالفطرة...

وجود إسرائيل ينافي كل أخلاقنا ومبادئنا...

وجود إسرائيل خطر كامل على وجودنا...

إسرائيل شر مطلق بالنسبة إلينا...

اذا،

لماذا ذهبنا إلى حرب بالتقسيط...؟

إلى حرب جزئية...؟

نحن مسؤولون...

نحن رفعنا شعارات كبيرة...

نحن كنا نعرف اننا قوم لا نُهزم...

كنا نعرف اننا ننتصر إذا انتصرنا،

وننتصر اذا استشهدنا...

فلماذا اذا لم نذهب إلى الأخير وندمر المنطقة عن بكرة ابيها...

علينا، وعلى اعدائنا...

لماذا رضينا بأن تحل علينا لعنات كل عاهرة وابن عاهرة من مورغان أورثاغوس إلى أصغر حقير في لبنان...؟

ما حدث في السابع من أكتوبر كان معجزة بكل ما في الكلمة من معنى...

معجزة تم إجهاضها بسبب عجزنا نحن عن اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح...

ها هي إيران تمشي على نفس الدرب الخاطئ...

إيران تحتاح إلى سلاح نووي وبكل غباء لم تقم ببنائه طيلة سنين ذهبت سدى...

نحن امتلكنا قوة تدمير هائلة، وبكل غباء لم نقم باستخدامها...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري