كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد:
من يريد مواجهة اميركا ليس سؤالاً...
لو سأل اي كان جماهير المقاومة بعد استشهاد الشيخ العاروري عما تريد...
لكان أقل المطلوب وجوب الرد في الأرض المحتلة والاستعداد فعلا للدخول في حرب طويلة ضد أميركا مهما كلف الأمر...
"جريمة نكراء..."
"عمل جبان..."
"عدو حاقد..."
لم تصدر هذه العبارات عن جماهير مدن الضفة التي خرجت إلى الشوارع تودع الشهداء القادة، وعلى رأسهم الشيخ صالح العاروري...
حتى والدة الشهيد وشقيقته حولتا المناسبة إلى كلمة وداع لرجل عاش من أجل يوم الشهادة هذه دون التركيز على وصفات لا معنى لها لقاتل مشهور بكل صفات الخسة...
صدرت هذه العبارات عن قادة ومسؤولين في محور المقاومة...
هل يريد محور المقاومة إقناعنا بما نعرفه جميعا عن هذا العدو الصهيوني، أم هي عودة إلى نغمة عدم الوقوع في فخ نتنياهو وغالانت لجر لبنان الى حرب مع أميركا...
سألني أحدهم، كيف سوف يكون الرد؟
اجبت بشكل عفوي...
يبدو يا صديقي أن الذين يريدون محاربة اميركا في هذا الشرق؛ بغض النظر عن أثمان هذه الحرب؛
هم أنا وأنت فقط...
تذكرت اللافتات الإعلانية التي رفعها جماعة أميركا في لبنان من أن لبنان لا يريد الحرب...
أولاد القحبة، من لا يريد الحرب عليه أن يستعد لها بأن يكون قوياً...
نسي هؤلاء أن،
"من يريد السلم، عليه الاستعداد للحرب"...
نعود إلى الشهيد الشيخ صالح العاروري...
سربت أميركا أنها لم تكن تعلم بعملية الإغتيال...
لكن أميركا نفسها كانت وضعت جائزة من خمسة ملايين دولار لم يبلغ عن مكان وجود الشيخ...
اغتيال الشيخ ليس فقط عملا اسرائيليا، بل هو عمل أميركي أيضاً كما في كل ما يحصل في منطقتنا...
مطالبة محور المقاومة بعدم الانجرار إلى ما يريده الاسرائيلي خوفا من الأميركي وصل إلى الكثير من المحللين اللبنانيين والعرب...
لقد مللنا هذا التحليل...
يا إخوان...
ربما هو فعلاً فخ يريد نتنياهو جرنا إليه...
لكن حتى متى نبقي رؤوسنا في الرمال؟
حتى متى نؤجل الرد إلى المكان والزمان المناسبين...
ألم يحن الوقت كي نحدد نحن ذلك الزمان...
اسرائيل تزيد من شراسة استهداف الضفة وغزة وسوريا...
اميركا لم تكتف بإطلاق النار على زورق واحد لأنصار الله مثلا، بل تعمدت ضرب ثلاثة زوارق وقتل عشرة مجاهدين... اليس هذا تعمدا في إذلال محور المقاومة؟!!
كل الدلائل تشير إلى أن اسرائيل وأميركا يعزفان نفس اللحن في الميدان رغم ادعاء اميركا العكس...
الذي يعمل لاستمرار الحرب وتوسيع رقعتها هم الاميركيون أيضاً...
كلما حسبنا حساب اميركا، زادت شراستها...
بعد السابع من أكتوبر بتنا كلنا نعرف أن اسرائيل لن تصمد يوما واحداً دون الدعم الأميركي والغربي...
هل نريد إلحاق الهزيمة بهذا العدو، أم أن كل همنا هو تحريك القضية الفلسطينية ومنع الموت عنها بانتظار مستقبل أفضل...
لن يكون هناك مستقبل لفلسطين دون دماء...
إذا كان هناك من يعتقد أن أميركا والغرب لن يكونا دائما في ساحة الدفاع عن هذا الكيان...
هذا وهم...
دون كثير كلام...
إذا كان لا بد من الحرب المفتوحة... فلتكن الحرب المفتوحة...
من يؤجل الحرب خوفا من اهوالها، سوف يواجه أكثر من هذه الأهوال بكثير في انتظار المكان والزمان المناسبين...
الاسرائيلي والأميركي لا ينتظران...
التاريخ يبين بوضوح كيف استطاع الكيان بمساعدة اميركا على تنفيذ إبادة صامتة في فلسطين طيلة زمن الخنوع والتعويل على أمل لن يأتي ابدا الا بحد السيف...
يبدو أن قادة محور المقاومة لم يسمعوا جماهير المقاومة الذين عبروا أمس بوضوح على وجوب الرد...
الجماهير لم تعد تريد وعدا بالزمان والمكان المناسبين...
جماهير المقاومة تريد تحديد هذا الزمن باسرع ما يمكن...
أما المكان.. فهو على كامل تراب فلسطين التاريخية...
في النهاية،
الشيخ كان في حماية حزب الله...
تماما كما كان الشهيد ادهم خنجر في حمى سلطان باشا الاطرش...
من أجل حماية الشهيد خنجر اندلعت الثورة السورية الكبرى...
ما الذي يجب أن يشعله استشهاد الشيخ العاروري... كي لا نظل نضيف إلى ذلك الحساب المفتوح باسم العقلانية...
حليم الشيخ محمد
أيام الانتداب الفرنسي، لجأ المناضل المجاهد إلى بيت سلطان باشا الاطرش...
طالب الانتداب بتسليم المناضل خنجر...
لكن سلطان باشا الأطرش رفض الطلب وكان ذلك شرارة الثورة السورية الكبرى...