في بداية الحديث عن قواعد الاشتباك فان هذه القواعد موجودة منذ الازل وفي كل نفس بشرية بشكل فردي او جماعات، وتم تطويرها والتحديث عليها حسب مواقف الدول وحسب المهمة حيث تعتمد على الموقف او الموقف على الأرض وعلى اسلوب او نوع العدو المقابل .
قواعد الاشتباك لها تعاريف كثيرة متنوعة وجميع التعريفات تقود إلى نفس المعنى والمقصود : والتعريف المتداول على مستوى معظم الجيوش: القواعد التي يلتزم بها الجيش في استعمال القوة أثناء أي عملية عسكرية، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي اثناء النزاعات المسلحة للدول او اثناء العمليات الدولية للتحالفات او لقوات حفظ السلام الدولية او لقوات حرس الحدود الرسمية المعترف بها بين الدول برية كانت او بحرية او جوية..
قواعد الاشتباك تختلف عن بعضها البعض بالنسبة للمهمة ، فقواعد الاشتباك للنزاعات الداخلية والحروب الاهلية وضد المتظاهرين تختلف عن قواعد الاشتباك في المواجهات المسلحة بين الدول ..وكذلك تختلف عن قواعد الاشتباك على الحدود بين الدول ..
تتعاون الدول الحدودية يابسة كانت ام بحراً او جواً في عمليات أمن الحدود وذلك بمراقبة كل منهما حدوده مع عمليات تنسيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية من المستويات العليا إلى ادنى المستويات، وتظهر عمليات الخرق او التساهل في ضبط الحدود في الحروب والصراعات الداخلية خاصة إذا كانت هناك انقسامات سياسية او صراع بين مجموعات مسلحة داخل الدولة..او عدم قدرة الدولة في السيطرة على حدودها وتتجلى تلك الظروف خاصة إذا هناك انقسامات داخل الجيش .
علاوة ان أمن الحدود يعتمد على مدى العلاقات بين الدول ..والتعاون فيما بينها .
ما يهمنا في هذا المقال، قواعد الاشتباك المستخدمة بين الدول لحماية الحدود ، حيث ان الحديث يطول عن قواعد الاشتباك اذا ما دخلنا في انواعها واشكالها واهدافها .. وخاصة بعد العمليات التي حدثت مؤخراً على حدود الوطن الشمالية والتي خاضتها قواتنا المسلحة ( الجيش العربي ) الباسل بكل حرفية واقتدار .. وقام بدحر المتسللين وضبطهم وضبط المهربات من المخدرات والأسلحة.
ان مهمة قوات حرس الحدود في الوطن والعالم تكاد تكون ثابتة ، واضحة جلية لا يختلف عليها اثنين ويمكن الاطلاع عليها من خلال البحث ألخّصها بما يلي :
* مراقبة حدود الوطن وتمرير المعلومات عن اي تحركات عسكرية .
* منع التهريب والتسلل واختراق الحدود من والى الوطن .
* رصد مواقع القوات المقابلة لتمرير المعلومات عن تحركاتها وإعطاء انذار مبكر للقوات الضاربة حسب سلسلة القيادة ..
* السيطرة على حركة اللجوء غير الشرعي او اللجوء من جراء العنف.
* البحث عن الأسلحة والمتفجرات وإلقاء القبض على المطلوبين ضمن منطقة المسؤولية وتسليمهم الى الجهات المختصة.
* المساعدة في عمليات الأمن الداخلي عند الضرورة .
* السيطرة على المزارعين والرعاة والصيادين ضمن حدود منطقة العمل وبالتالي منطقة المسؤولية..
بغض النظر عن طبيعة المهمة وقواعد الاشتباك المستخدمة فأن معظم الجيوش تتوافق على حق استعمال الجندي القوة للدفاع عن الحدود الذي هو موجود بالأصل لهذا الواجب تحديداً وبالتالي الدفاع عن النفس والدفاع عن الوطن ككل لان قوات حرس الحدود سلسلة مترابطة متصلة تحيط بحدود الوطن كما السوار على المعصم .
عوداً على بدء ، على حدود وطننا العزيز وخاصة حدود المملكة للمناطق الشمالية ، وبناءًا على استمرارية العمليات العسكرية والنزاعات الداخلية وعدم الضبط والسيطرة من قبل تلك الدول على حدودها بسبب النزاعات الداخلية والمواقف الاقليمية ، يعتبر الاشتباك مفتوح على مدار الساعة، حيث لا يوجد وقت محدد لتطبيق قواعد الاشتباك المتعارف عليها او انتظار القرار او استلام الاوامر من القادة .. فالخطر موجود ودائم ، وعلى ذلك وباءاً على مستوى التهديد ، فانه يحق للدولة توسيع قواعد اشتباكها إلى مستويات عالية تتعدى حدود الوطن من اجل تحقيق مبدأ الردع المتقدم البعيد وضرب منابع او مصادر التهديد إذا كان منظوراً او معروفاً ..حيث ان المتسللين والمهربين والعابرين الحدود متوقعين في اي لحظة وفي اي مكان .. فلا زمان او مكان محدد لهولاء المتسللين والمهربين والعابرين .. مع استغلال تام للظروف الجوية والمناخية .. وكذلك استغلال الظروف الاقليمية من صراعات وحروب .
قواعد الاشتباك المعروفة والمتداولة الاعتيادية ، تتغير وترتفع من مستوى إلى آخر. حسب طبيعة التهديد ، والقوة المهاجمة ، يتم التعامل مع هولاء المهربين والمتسللين والعابرين بمنعهم من الاقتراب من الحدود .. والمنع لا يكون الا بفتح النار عليهم واجبارهم على الانسحاب او التراجع او الانكفاء داخل عمق حدودهم .. وفي حال وصولهم الى الحدود او مناطق الحرام بين الحدين( إذا كان هناك منطقة حرام ملغمة او غير ملغمة بين الحدين ) ، تصدر الأوامر بالاشتباك معهم بشكل مباشر وفي حال إصرارهم على تجاوز الحدود فمن واجب قوات حرس الحدود فتح النار المباشرة عليهم وقتلهم إذا قاوموا بالنار او كانت نيتهم فتح النار وعدم التراجع او الاستسلام والمضي قدماً بالتقدم وعدم الامتثال .
هذه العمليات المستمرة ترهق قوات حرس الحدود وخاصة إذا كان هناك اي اختراقات على عدة مناطق او يكون هناك تنسيق معين او تنسيقات جانبية او عدم توحيد الجهود او كان هناك تضارب بالقرارات او لا سمح الله تواطئ من قبل بعض اصحاب النفوس المريضة او وجود اشخاص مساعدين لهولاء المهربين ، ففي هذه الحالة تذهب الجهود سدى ، علاوة على ان المهربين وتحديداً مهربي المخدرات والاسلحة لا يجازفون الا اذا كان هناك من يستلم منهم ويمول تجارتهم وينسق معهم .. ومن هنا فان منعهم من اجتياز الحدود بقوة النار المباشرة المؤثرة هو الأسلم والاجدى من وصولهم والتعامل معهم داخل الحدود .. وهذا حق اصيل لأي دولة للحفاظ على حدودها ومواطنيها .
لا يمكن قطعاً منع التهريب بالكلية وخاصة تهريب الأغنام والمواد والأجهزة والدخان وغيرها من المستهلكات والتي يتباين جمركها بين دولة وأخرى وهي محضورة ويمنع تهريبها ، ولكن هناك أنواع من التهريب ممنوعة دولياً وقانونياً تتفق عليها الدول تحت طائلة العقوبات، وهي تهريب المخدرات بجميع أنواعها والأسلحة والمتفجرات وحواضرها والبشر او اجزاء البشر وأنواع من السموم مثل الزئبق الأحمر وكذاك أنواع من الحيوانات المفترسة او السامة وغيرها .
نفتخر بقواتنا المسلحة الأردنية ( الجيش العربي ) واجهزتنا الامنية ومدى التعاون التام بينهم ، حيث ان هذا التنسيق والتعاون المتميز هو اساس نجاح العمليات العسكرية اياً كان هدفها ، وخاصة في عمليات حرس الحدود، الأمر التي نجحت بصد وضبط ورد جميع عمليات التسلل والتهريب من خلال حدودنا الشمالية .