امر الله نبيه نوح ان يبني سفينة ليصعد على متنها ومن معه من المؤمنين لانه قرر ان يقوم بعملية الفوضى الالهية الخلاقة (الطوفان) ليطهر الارض من الاشرار الذين ارادو ان يعيثوا فيها فسادا خلافا لسنة الله وحكمته التي كلف الانسان ان يعمر في الارض ويبنبها.
حاول الفاسدون الذين لم يؤمنوا بنبوءة نوح عن الطوفان ان يدمروا سفينته الا ان الطوفان اخذهم ونجا نوح ومن معه . استمرت الحياة على الارض وازداد نسل الانسان الى ان عجت بشعوب وقبائل شتى, وكل فرد فيها يحمل في جيناته سنن الخالق التي سنها على البشر ومنها ما حذرت منه الملائكة من فساد الانسان في الارض. ليس هناك شيطان واحد يقود ويتحكم بسلوك البشر الشريرة بل لكل انسان شيطانه كل ما انتشر الجهل كثرت الشياطين وكل ما ازداد الوعي حلت الملائكة وهربت الشياطين. ان الاستبداد والظلم والاحتلال والاستعمار بكل اشكاله عمل شيطاني يقوم به اشرار يعيشون بينا على هذا الكوكب ومنهم بيننا ولا يختلفون عن باقي الخلق الا بالمصالح التي يمثلونها ويدافعون عنها مثل نهب خيرات الشعوب او استضعاف الفقراء والمحرومين من بني جلدتهم واستعبادهم. ان الظلم والاستبداد والاحتلال يخرج الفقراء والمستضعفين من حالة السكينة والمساكنة الى التمرد والعصيان والثورة, لقد وعدهم الله بنصر من عنده شريطة ان ينتفضوا ضد الاستبداد والظلم والطغيان.
في السابع من تشرين الاول/ اكتوبر فاض طوفان الاقصى الذي قادته المقاومة الفلسطينية والسفينة البهية التي تمسك بمجاذيفها سواعد مقاتلي كتائب القسام وسرايا القدس وبقية المقاومين ونوح فلسطين ورفاقه وكل من على متن سفينته مؤمنين بالنصر. لا نعلم عدد الايام التي بقيت فيها سفينة نوح عائمة على الطوفان ولكن الاكيد انها استغرقت اقل بكثير مما استغرقته سفينتنا التي مضى عليها اكثر من مائة يوم ولا تزال عائمة ونوح فلسطين ومن معه واثقون من النصر ورسوها بسلام. هل هناك علاقة مجازية بين مباراة كرة القدم وطوفان الاقصى ؟ حيث تنتهي المباراة بعد مضي تسعين دقيقة واذا كانت نهائية ولم يتغلب فريق على اخر يتم تمديدها الى 120 دقيقة وخلال المباراة يدخل كل لاعبي الاحتياط المسموح بهم. اذا انتهت المباراة بالتعادل يذهب الفريقان الى ركلات الجزاء الترجيحية. على ما يبدو ان طوفان الاقصى بعد التمديد ونزول كل لاعبي الاحتياط للكيان ومعه الاطلسي والمتصهينين العرب وفلسطين ومعها محور المقاومة واحرار العالم. واضح من سير الاحداث ومعارك الميدان اننا ذاهبون الى ركلات الجزاء الترجيحية التي نتقنها بامتياز وحارس مرمانا لا تهتز له شباك.
بعد ان تضع الحرب اوزارها سياخذ الصراع منحى اشد قسوة وخطورة حين يبدا كل فريق بالتعامل مع التداعيات والنتائج , ويلوح في الافق الان بعض منها لكن ما تخفيه الايام القادمة نستطيع ان نتوقعه من سلوكيات وتصريحات قادة الاطراف.
على صعيد الكيان... بعد فشل قيادته السياسية من تحقيق اي من الاهداف التي وضعها لحربه العدوانية المعلنة وهي القضاء المبرم على حركة حماس والمقاومة وتهجير مواطني القطاع الى سيناء عبر المجازر والابادة الجماعية وتحرير اسراه لدى المقاومة , ستتنصل الاحزاب التي شكل منها نتنياهو حكومته الائتلافية من المسؤولية عن الهزيمة وستحمله المسؤولية الكاملة عن اخفاق الكيان.
سيزداد التطرف ويلجأ المستوطنون الى اخذ زمام الامور بايديهم ويشكلون عصابات مسلحة على غرار الهاجانا والارجون وستيرن وسيخرج من جمهور المغتصبين من يشهر مسدسه بوجه نتنياهو ويرديه قتيلا على غرار ما فعلوا باسحاق رابين بعد توقيعه اتفاق اوسلو. سيتم محاكمة القاتل ويرافع عنه محامي وسيقدم في مرافعته ان القاتل مريض نفسيا ولديه صدمة نفسية وانه من المرضى المصدومين الذين اخذت عقولهم قوات المقاومة الفلسطينية. ستجتاح الكيان الفوضى الداخلية والهجرة العكسية وسيجد نفسه امام اقتصاد متهالك, لكن خلف هذا الكيان تقف بيوت المال الغربية التي يتحكم بها الصهاينة والمتصهينين والماسونية العالمية وسيغدقون عليه المليارات لكن هذا لن يرمم الروح الصهيونية التي انهزمت وصارت هباءا منثورا, اما جيشه عماد قوته وضمان وجوده فقد تبين انه اوهن من بيت العنكبوت.
على الصعيد الفلسطيني بعد ان يهدأ الطوفان وترسو سفينتنا بامان سنواجه اصعب امتحان وهو امتحان البناء والعمران واعادة ما دمره الكيان, عشرات آلاف المنازل تم تسويتها بالارض والبنية التحتية التي دمرت بالكامل واختلط ماء الشرب بماء الصرف الصحي ومياه الامطار, ومعظم الشوارع والطرقات والاراضي الزراعية تم تجريفها اما المدارس والمستشفيات فقد تم تدميرها, هناك عشرات آلاف الأيتام من الأطفال وفوق كل ذلك ما يخطط له الكيان وحلفاؤه من فتح ابواب التهجير الطوعي وترحيل الايتام الذين سيمنحون للباحثين عن التبني في بلاد الغرب. لقد اثبتت التجارب السابقة على غزة ان لا احد من العرب والمسلمين سيجرؤ على تقديم العون من الغذاء والدواء فما بالك بإعادة العمران, اما في الجانب السياسي فسيتزاحم الانتهازيون على تبني النصر بدءا من تنظيم الاخوان وعصابات اردوغان الى الحالمين بضم غزة الى سلطة اوسلو والطامعين بالإنقضاض على الرئيس محمود عباس, سيضعون غزة بين فكي الكماشة كماشة مصر التي تتذرع بمحاربة الاخوان والمطبعين من العربان ومن جهة أخرى الكيان وحلفاؤه. الاهم من كل ذلك أن محور المقاومة ليس لديه الامكانيات المالية للاسهام في اعادة الاعمار, وعليه يجب ان نطرح السؤال التالي ما الذي ستقدمه روسيا والصين؟ اذا ارادتا قيام نظام دولي متعدد الاقطاب ان يولد وان تصبح خارطة الحزام والطريق واقعا محققا , نحن بانتظار ما سيفعله شي جين بنج وبوتين في صراعهما مع الاوروبيين والامريكيين. لكن بعد طوفان الاقصى لن تتكسر رماحنا ولن تنبو سيوفنا ولن تنكس راياتنا ولن تهن عزائمنا ولن نكون مهيضي الجناح وسنبقى حاضرون في كل ساح ونحن اهل الرباط والكفاح وهيهات منا الذلة وشعارنا دائما وابدا "انه لجهاد نصر او استشهاد".
م/ زياد ابو الرجا