في الأول من يناير/ كانون الثاني الجاري، وقّعت إثيوبيا اتفاقا مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي، وقالت إنه يمنحها فرصة للوصول إلى البحر الأحمر، وهو الاتفاق الذي وصفته مقديشو بـ"الانتهاك غير قانوني"، متعهدة بحماية سيادة البلاد ضد أي انتهاك.
تم توقيع الاتفاق بين رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، وزعيم إقليم "أرض الصومال" الانفصالي موسى بيهي عبدي، وينص على منح أديس أبابا، الدولة الحبيسة، منفذا على البحر الأحمر وميناء وقاعدة عسكرية لمدة 50 عاما، مقابل اعتراف أديس أبابا رسميا بإقليم "أرض الصومال" كجمهورية مستقلة.
واستدعت الصومال، يوم الثلاثاء 2 يناير/ كانون الثاني الجاري "سفيرها لدى إثيوبيا، وأكد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري أن بلاده ستحمي سيادتها وأنه لا يمكن لأحد أن ينتهكها في البر والبحر والجو.
ويأتي الاتفاق بين إثيوبيا و"أرض الصومال" بعد تصريح آبي أحمد عن ضرورة إيجاد منفذ بحري لإثيوبيا على البحر الأحمر، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
كما يأتي بعد وقت قصير من الإعلان عن مذكرة تفاهم بين جمهورية الصومال وحكومة إقليم "أرض الصومال" الانفصالية في جيبوتي، الشهر الماضي، لبدء حوار بين الطرفين من أجل الوصول إلى قرار الوحدة، وإنهاء الصراع، الذي يرجع تاريخه إلى عام 1982 عندما اندلعت المواجهات المسلحة في الإقليم ضد الرئيس محمد سياد بري، وتحول إلى حرب أهلية واسعة تركزت في أرض الصومال.
ورغم سقوط بري في عام 1991، إلا أن الصراع بين الصومال وإقليم "أرض الصومال" الانفصالي ظل قائما رغم وجود عدة محاولات للحل، حسبما ذكر موقع "كريزيس غروب".
ففي الـ26 من يونيو/ حزيران 1960، نال إقليم أرض الصومال استقلاله عن بريطانيا، وفي 1 يوليو/ تموز من العام نفسه، حصل الصومال على استقلاله من إيطاليا، وفي نفس اليوم شكل الإقليمان اتحادا جديدا هو جمهورية الصومال.
ولفت الموقع إلى أن الجنرال محمد سياد بري وصل إلى السلطة بعد انقلاب عسكري عام 1969، لكن عام 1982 اندلع تمرد مسلح من أرض الصومال ضد حكم بري ثم تحول إلى حرب أهلية واسعة تركزت في إقليم أرض الصومال عام 1988 نتج عنها مقتل آلاف الصوماليين وتشريد مئات الآلاف منهم.
وفي عام 1991، أطاحت الحركة الوطنية الصومالية (أرض الصومال) بنظام محمد سياد بري وأعلن الإقليم انفصاله عن الصومال، لكنه لم يحصل على اعتراف دولي.
وفي عام 2012، تم عقد أول محادثات ثنائية بين الصومال وأرض الصومال لتحديد مصير الإقليم، لكن المحادثات انهارت عام 2015 بعد عدة جولات، حتى جاءت فترة حكم محمد عبد الله فرماجو، الذي تولى رئاسة الصومال في عام 2017، بينما تولى موسى عبدي، رئاسة أرض الصومال، وكان نتيجة تشددهما هي تجميد المباحثات بين الطرفين.
وفي عام 2020، شارك رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في القمة التي استضافتها جيبوتي بين رئيس الصومال وأرض الصومال.
يذكر أن المجلس الوزاري الصومالي أصدر قرارًا يلغي مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم "أرض الصومال" الانفصالي، بشأن تحقيق التطلعات الإثيوبية نحو الوصول إلى البحر الأحمر.
كما ينص القرار على رفض الحكومة الفيدرالية الصومالية مذكرة التفاهم والتعاون بين إثيوبيا والإقليم، مؤكدة أنه جزء من الصومال، وفق القوانين المحلية والأعراف الدولية والإقليمية.
كما أوضح القرار أن الدولة الصومالية تعتبر هذه الخطوة انتهاكًا صارخًا لسيادتها الوطنية وتهديدًا لعلاقات حسن الجوار، والتعايش السلمي، واستقرار المنطقة التي تعاني أصلا من مشكلات أخرى، كما أنها تشكل تدخلاً سافرًا في الشأن الداخلي الصومالي واعتداءً صارخًا على سيادة الدولة الصومالية ووحدة أراضيها.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن "مذكرة التفاهم للشراكة والتعاون بين إثيوبيا وأرض الصومال، تهدف إلى أن تكون بمثابة إطار للشراكة المتعددة القطاعات بين الجانبين"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية "إينا"، التي أشارت إلى أنها ستمهد الطريق لتحقيق تطلعات إثيوبيا في تأمين الوصول إلى البحر وتنويع وصولها إلى الموانئ البحرية، كما أنها ستعزز الشراكة الأمنية والاقتصادية والسياسية بينهما".
وأشارت إلى أن "مذكرة التفاهم تؤكد من جديد الموقف المبدئي للحكومة الإثيوبية المتمثل في تعزيز المصالح المتبادلة من خلال التعاون على أساس المعاملة بالمثل، وتأتي مذكرة التفاهم بـ"فصل جديد من التعاون ولها أهمية كبيرة للتكامل الإقليمي في القرن الأفريقي، كما أنها تمكن إثيوبيا من تعزيز دورها في الحفاظ على السلام والأمن الإقليميين".