كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: لسنا أقل من فيتنام...
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: لسنا أقل من فيتنام...
حليم الشيح
26 كانون الثاني 2024 , 06:26 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: 

تحرير فيتنام... أربعة ملايين شهيد...

تحرير الجزائر... مليون ونصف المليون من الشهداء...

الحرب الوطنية الكبرى في الاتحاد السوفياتي ضد ألمانيا النازية... ٢٧ مليون شهيد انتهت بوصول الجيش الأحمر إلى برلين، ورفع العلم السوفياتي على مبنى الرايخ الثالث...

مدينة ستالينغراد وحدها وصلت فيها نسبة الدمار إلى حوالي ٩٩٪، وعدد شهداء الدفاع عن المدينة إلى حوالي مليون وتسعمائة ألف شهيد في أقل من سنة واحدة من القتال الشرس المستميت في الدفاع عن الكرامة الوطنية والحرية...

رغم الآلام لسقوط الأطفال والنساء والشيوخ؛ لكن الوطن غالي...

الوطن يستأهل...

الحرية والكرامة والعزة معاني لا تقدر بثمن...

"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"...

اسألوا اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، في الوطن... وفي الشتات...

اسألوا الفلسطيني الذي يذوق المذلة والهوان كل يوم في أرضه وبيته على أيدي المستوطنين ممن يعتبرون أنفسهم فوق البشر وفق نظرية رب مجنون عن وعد مجنون لشعب مجنون يعتقد أنه مختار...

ليست المسألة مجرد إحتلال...

إنها عملية إلغاء يتحول فيها الفلسطيني إلى حشرة، إلى عدم...

أمام الفلسطيني حل من اثنين في هذا الصراع الوجودي مع سارق الأرض والبيت والهوية:

إما الحياة العزيزة بكرامة وشرف في وطن ودفع الأثمان الضخمة المطلوبة...

وإما حياة العبيد ( الغوييم حسب التوصيف لكل من هو من خارج الشعب المختار)...

أكثر من عرف صعوبة عملية التحرير ضد الاخطبوط الصهيوني المنتشر في العالم، والذي زرع رؤساء وأمراء وملوكا...

وزرع رجالا ونساء في الكثير من الدول، وفي الكثير من المؤسسات الدولية...

هو الدكتور جورج حبش...

لذلك سلك الدكتور حبش والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الكفاح المسلح طريقا وحيدا للتحرير...

عرفت الجبهة الشعبية منذ البدء أن هزيمة إسرائيل تمر حتما عبر هزيمة الغرب وأميركا، لذلك وضعت محاربة الإمبريالية عبر الأممية الثورية أحد أهم استراتيجيات القتال...

لذلك، حرب تحرير فلسطين ليست بسهولة حروب التحرير الأخرى...

لكن البديل هو العدم...

البديل هو أن يقوم صاحب الأرض بحراثة هذه الأرض لمصلحة مغتصب هذه الأرض نفسها كما يحصل في فلسطين...

اسرائيل اليوم، تشبه فأرا لا يساوي شيئا في عالم القوة، لكنه يستند إلى وحش كاسر أخرق تمت تربيته على أسطورة دينية خرقاء قائمة على رب كاذب لا يفقه في أمور الحق والعدالة والإنسانية...

أخيراً، وبعد مجهود يرجع الفضل فيه إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، تكوّن محور يمتد من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط... محور يستطيع التصدي لهذا الوحش على عدة جبهات...

رغم الصعوبات الظاهرة، يوجد حقيقة لا لبس فيها...

الشيطان الأكبر الأميركي يتخبط في مأزق...

جن جنون الأميركي في اليوم التالي ليوم السابع من أكتوبر...

كان الأميركي، ومعه الناتو الغربي قد مهدوا الأمور حتى يجري المحافظة على المنطقة تحت سيطرتهم عبر إشراف تحالف عربي تحت قيادة إسرائيل بينما تتفرغ أميركا والغرب للصين وروسيا...

لكن الفلسطيني قرر وضع حد لهذا الموت البطيء...

انتفض الفلسطيني؛

انفجر بركان الغضب في طوفان الأقصى من أجل الكرامة والعيش الكريم في وطن حر بلا أغلال ولا قيود استعمارية...

ما قدمته المقاومة الفلسطينية المحاصرة حتى اليوم في غزة هو بطولة استثنائية بكل المقاييس...

لكن الأنباء عن مفاوضات تجري في قطر وتقديم مقترحات ومقترحات مضادة هي نكسة بكل ما في الكلمة من معنى...

الكل يعرف أن ما يقاسي منه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة هو فوق احتمال البشر...

لكن أية مفاوضات لن تؤدي إلى أقل من المأساة التي يعيش في ظلها الفلسطيني...

لا شيء يوجب التفاوض...

لا شيء يمكن أن يخفف من المجازر...

ألم نتعلم من هدن حرب النكبة!

الكلام عن الهدنة يعيدنا إلى ما حصل بعد الهدنة السابقة...

عاد العدو إلى ارتكاب المجازر بعد أن خسرت المقاومة جزءًا مهما من ورقة الضغط وهي بعض الأسرى...

أي تخل عن الأسرى المتبقين سوف يعني جحيما اكبر من الجحيم الذي كان حتى اليوم...

إن انتصار الفلسطيني لن يكون دون دماء غزيرة تسقط...

دماء تفوق كل التصور الممكن تخيله...

أمام الفلسطيني طريق واحد فقط هو طريق المقاومة والكفاح المسلح...

طوفان الأقصى جر أنصار الله الى الحرب الدائرة اليوم في البحر الأحمر...

طوفان الأقصى هو ما أجبر حزب الله الى تخطي الوضع الداخلي المعقد في لبنان والدخول جهارا في هذه الحرب تحت عنوان مساندة الشعب الفلسطيني... رغم تآمر سمير جعجع وسامي الجميل وأشرف ريفي...

طوفان الأقصى هو ما يدفع الساحة العراقية إلى الانفجار في وجه الأميركي...

طوفان الأقصى هو الدرس الذي يعطيه الفلسطينيون إلى الشعب السوري لكي لا يقبل بأن تقصف دمشق وحلب ولا تخرج الصواريخ تدك تل أبيب وحيفا...

حسابات الدنيا كثيرا ما تخيب حسابات الخلود...

طوفان الأقصى هو دعوة جماهير الاردن لحرق الشاحنات التي تمر ترانزيت من الخليج باتجاه الأرض المحتلة...

صمود الشعب الفلسطيني هو المفتاح الحقيقي لدفع الساحات كلها للحراك فلا يبقى المصري على الحياد ينظر عاجزا إلى ذبح الأطفال...

قدر الفلسطيني أن يطهر الأمة من عجزها بغزارة دماء الشهداء...

قدر الفلسطيني أن يقدم النموذج عن شعب لا يضيع في حسابات الربح والخسارة عندما يتعلق الأمر بالمصير...

كل طفل يسقط يدفع العالم إلى الاهتزاز...

كل يوم صمود يدفع اسرائيل إلى مزيد من الجنون، وكل ما زاد هذا الجنون استيقظت في هذه الأمة وفي العالم اجيال سوف تسقط استقرار هذا النظام العالمي البائس...

كل يوم صمود يدفع إلى ارتفاع وتيرة الرد في البحر الأحمر ولبنان وسوريا والعراق...

كل يوم صمود يزيد من احتمال الانفجار العظيم...

الشعب الفلسطيني غارق في الدم سواء مع طوفان الأقصى، أو بدون طوفان الأقصى...

"أنا الغريق فما خوفي من البلل"...

إما أن يتحرر الفلسطيني، أو فليسقط استقرار العالم...

رغم كل الآلام، وحده شعب فلسطين من يملك مفتاح استقرار الشرق الأوسط...

إما العيش بكرامة وحرية وإما إحراق كل هذا الشرق تحت اقدام الأميركيين والغرب...

سلاحنا هو دماء أطفالنا...

الدواء والكساء والطعام هي حاجة الأجساد الفانية، في حين أن الصمود والقتال ورفض الذل هي غذاء الروح التي لا تفنى...

الفلسطيني لن يسقط...

من غير المسموح، سقوط الفلسطيني...

سقوط الفلسطيني هو نهاية مبرر وجود كل محور المقاومة...

كما ارتفع الفلسطيني الأول إلى السماء عبر المعاناة...

سوف ترتفع رايات الحرية من قلب معاناة الشعب الفلسطيني...

طعم الحياة يمر فقط عبر نضال الشعب الفلسطيني...

كلام السيد المسيح لا يحمله لا بطرك لبنان ولا مطران بيروت...

كلمات القرآن لا ترددها حناجر الصمت الذليل...

للحياة طعم وحيد يأبى أن يكون خارج سمو النضال الفلسطيني...

الى الكفاح المسلح طريقا وحيدا للحرية... الف تحية

حليم الشيخ محمد 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري