كتب الأستاذ سامح عسكر حول الضفة الغربية واهميتها الدينية للمتطرفين الصهاينة.
مقالات
كتب الأستاذ سامح عسكر حول الضفة الغربية واهميتها الدينية للمتطرفين الصهاينة.
سامح عسكر
3 شباط 2024 , 12:11 م
معلومة

في إسرائيل يطلقون على الضفة الغربية مصطلح (يهودا والسامرة) وهي دول يهودية قديمة نشأت في الضفة الغربية، ومعنى هذا الإسم أن الإسرائيليين يعتقدون بأن الضفة الغربية أرض إسرائيلية دينية مقدسة لا ينبغي التخلي عنها بأي شكل..

حزب الليكود منذ نشأته في السبعينات أحيا هذه التسمية ونشرها كعقيدة استيطانية تتوجب على إسرائيل أن تدعم استيطان الضفة من اليهود لإعادة حُلم يهودا والسامرة من جديد، مر المشروع الاستيطاني في بداياته بعقبات في عصر مناحم بيجين وإسحاق شامير بفضل مقاومة منظمة التحرير الفلسطينية لذلك، ولأن مصر ضغطت على إسرائيل في هذه الحقبة الزمنية باتفاقية السلام التي كانت تستلزم منع بناء المستوطنات في الضفة..

لكن منذ اغتيال إسحاق رابين وصعود نجم (نتنياهو وشارون) أبرز زعماء الليكود تغير الوضع، فتوسعت المستوطنات حتى بلغ عدد المستوطنين اليهود حاليا في الضفة الغربية 700 ألف، في وقت كان بضعة آلاف وقت اتفاق أوسلو 1993م..

عقيدة الليكود قائمة أساسا على الاستيطان اليهودي، وتعتبره – أي الاستيطان – جانب أساسي من هوية وقومية الأمة اليهودية وفقا للعقيدة الصهيونية التي شكلها ودعا إليها الأب الروحي لليكود "فلاديمير جابوتينسكي" (1882- 1940م) و "بن صهيون نتنياهو" (1910- 2012م) والد رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو..وتم إقرار الاستيطان كعقيدة قومية يهودية في برنامج حزب الليكود سنة 1977 على يد مناحم بيجين..

لاحظ أن زعماء الليكود حتى لو لم يحكموا بمنصب رئيس الوزراء حكموا بمناصب أخرى تدعم الاستيطان..

- شارون تقلد منصب وزير الإسكان والبنى التحتية لهذا الغرض
- نتنياهو تقلد منصب وزير المالية والخدمات الدينية للإنفاق على بناء المستوطنات وتنظيم دخول المستوطنين على أساس يهوديتهم أيضا لنفس الغرض..

تقوم عقيدة حزب الليكود على مبدأين اثنين:

الأول : حق إسرائيل في فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر كحق ديني أصيل لا يجوز التصرف فيه أو الحوار بشأنه، وهذا سبب عدم دخول الليكود في أي حوار ومفاوضات حول فلسطين منذ إنشاء الحزب سنة 1973 وصعوده لحكم إسرائيل سنة 1977م، وسبب موقف نتنياهو المتعنت الحالي من عدم إقامة دولة فلسطينية لأن هذه الدولة تخرق أهم وأكبر مبادئ حزبه التي أٌقرها والده بن صهيون وأستاذه جابوتينسكي معا وهي السيطرة اليهودية على كامل أرض فلسطين..

المبدأ الثاني: هو الاستيطان كوسيلة لتحقيق الأهداف الصهيونية الكبرى في تحقيق المبدأ الأول، فبدون الاستيطان لن يكون هناك شعب يهودي يدافع ويسيطر على أرض فلسطين، وبدون الاستيطان لن يتحقق حلم الحركة الصهيونية الأكبر الذي نادى به هرتزل وبن جوريون وزعماء الصهاينة الأوائل وهو (دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات)

أي أن الاستيطان في حد ذاته وسيلة صهيونية للسيطرة مستقبلا على مصر والعراق والأردن وشمال السعودية مثلما تقرر في أصول ومبادئ الحزب، وهو عقيدة مقدسة لحزب الليكود لم يتراجع عنها ويصر على تطبيقها وإشعال المنطقة بالحروب بسببها مهما تكلف الأمر..

لذلك فالغضب الصهيوني الدولي كان كبيرا من أحداث 7 أكتوبر لهذا السبب، لأن هذه الأحداث كانت موجهة ضد المبدأ الثاني بالأساس، وعرّضت أمن المستوطنين للخطر مما يلزمه إما مراجعة لعقيدة الدولة الصهيونية وحزب الليكود ومن ثم التخلي عن حلم السيطرة على كامل أرض فلسطين التاريخية – وما بعدها – أو الاستمرار في بناء المستوطنات ليسكنها الفلسطينيون لاحقا،

وكل هذه الخيارات مرفوضة من المجتمع الإسرائيلي الذي ينتخب الليكود وزعمائه منذ 47 عام حتى تشكلت طبيعة هذا المجتمع وفقا للمعتقد الصهيوني المتطرف الذي أنتجه الليكود وأعاد تطويره مؤخرا نتنياهو ليصبح أكثر خطورة بالتحالف مع جماعات دينية أصولية تدعو لتدمير فلسطين وتهجير شعبها بكل صراحة والاشتباك مع دول الجوار التي عقدت اتفاقيات سلام أنجزها الليكود عام 1979 م ووافق عليها سنة 1994 كوسيلة للتفرغ والسيطرة على يهودا والسامرة كمرحلة مؤقتة.
المصدر: موقع إضاءات الإخباري