مقالات
" المعارضة و " الموالاة " في الدول التابعية / حلقة 2
جورج حدادين
22 شباط 2024 , 19:30 م

جورج حدادين

في سياق الحديث عن مصطلح المعارضة والموالاة ، تم التطرق إلى ظروف ولادة هذه المصطلحات، خلال مرحلة الانتقال من العصر الاقطاعي الى العصر الرأسمالي، فلا تعبر، ولا يمكن أن تتوائم هذه المفاهيم والمصطلحات، مع الواقع السياسي للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية، للدول ما قبل الحديثة (دول الماقبل رأسمالية) بسبب حجز التطور الطبيعي لهذه الدول ( حجز بناء اقتصاد وطني منتج مستقل )، من قبل المركز الرأسمالي، وما نجم من غياب الفرز الاجتماعي وتشكل الطبقات والشرائح، وبالمقابل فرض على هذه الدول أن تكون مصدرة للمواد الخام الأولية، وسوق لبضائع المركز الرأسمالي،

وكما تم حجز التطور الاقتصادي الاجتماعي لدول التبعية، كذلك تم حجز التطور السياسي لهذه الدول، وتم تشويه الوعي الجمعي ، الذي نجم عنه تبني القوى الاجتماعية منظومة سياسية غريبة عن الواقع القائم:

1. التبادل السلمي للسلطة، سؤال بين من ومن، في ظل التبعية للخارج، وغياب القرار الوطني المستقل، وفي ظل حجز استثمار الثروات الطبيعية، قاعدة بناء إقتصاد وطني منتج مستقل،

2. الاحتكام للصندوق، في ظل سيطرة مطلقة للأجهزة الأمنية على نتائج الانتخابات ، عبر وسائل مختلفة، وهناك طرفة قديمة جديدة، كان وزير الداخلية من عشيرة في الكرك، فتح باب الترشيح للأنتخابات النيابية، وجاء قريب له من الكرك ليسجل أسمه ولدفع الرسوم ، نصحه بعدم دفع الرسوم هباء، جادله بحقه في " النزول للإنتخابات" وأصر على حقه المكفول في الدستور،

مما أخرج الوزير عن طوره، فتح درج الطاولة من أمامه بعصبية وقال له " ولك أسمك مش مسجل في قائمة الناجحين"

معروف لدى الجميع ممارسة التلاعب، ودور الفساد المالي في التحكم في نتائج العملية الإنتخابية، حيث ينجح من يملك المال، ويرسب من يملك تاريخ نضال وتضحية في سبيل الوطن والمجتمع، بسبب تزيف الوعي الجمعي لمفهوم الإنتماء الحقوق والواجبات.

يمكن تشخيص وتقسيم " المعارضة " الى فئات ثلاث:

• معارضة أبناء النظام ذاته، بعد الخروج من الموقع، وحيث تدوير المواقع والأشخاص، معارضة تحت شعار لا تنسونا نحن هنا.

• معارضة من خارج النظام، تسعى للدخول في النظام، والحصول على حصة من الكعكة.

• معارضة القوى القومية واليسارية والإسلامية، تحت شعار المشاركة والإصلاح، نتيجة تداعي وهم " إمكانية إحداث إصلاح من الداخل، وخارج فعل تغيير النهج "

وهم انتشر بين صفوف هذه القوى، وتحديدأ بعد إنهيار المعسكر الاشتراكي، والغزو العسكري للمنطقة بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، من قبل المركز الرأسمالي العالمي، بقوة الناتو، وشعار طرحه المركز " القطار في مساره مسرع من يلحق به يلحق ومن لا يركبه نهاية التاريخ".

سياسة وهم الإصلاح عبر صناديق الاقتراع، قادت وتقود الى تزييف الوعي الجمعي، والى تخدير الشرائح الوطنية الكاد حة والمنتجة، وحجزها عن القيام بدورها في إحداث التغيير في النهج، لم تتعض هذه القوى من تجارب تاريخ العمل السياسي ، منذ المؤتمر الوطني الأردني الأول عام 1928 الى يومنا هذا، حيث " المطالب الإصلاحية " ما زالت هي هي إلى اليوم،

ماذا يعني هذا؟

أما أن المطالب غير واقعية وغير صالحة للإنفاذ، وإما أن القوى " المعارضة " عاجزة عن إنفاذ مطالبها بسبب موازين القوى على الأرض، وإما أن الاصلاح ذاته غير ممكن في ظل التبعية.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري