كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: هدنة...، لا هدنة...
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: هدنة...، لا هدنة...
حليم الشيح
26 شباط 2024 , 17:40 م

كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: 

بعد أن يضع حرب غزة في الإطار التاريخي للنكبة الفلسطينية...

بعد أن يضع النكبة الفلسطينية في إطار توازن الجغرافيا السياسية وتحرك الفوالق (جمع فالق) التكتونية مع حركة التاريخ تحت قشرة هذه الجغرافيا السياسية...

يخلص وزير المالية اليوناني الأسبق في حكومة الإنقاذ اليسارية إبان أزمة انهيار اقتصاد بلده اليونان، السيد يانيس ڤاروفاكيس على موقع Novara Media;

يخلص إلى كلمة مختصرة تقول إن ما حدث وما يحدث في فلسطين منذ بداية القرن العشرين وحتى اليوم ليس سوى حرب إبادة لا يستطيع لا هو، ولا غيره القول للفلسطينيين ما هو الواجب عمله تجاهها...

" نحن نستطيع فقط تبني سردية الضحية والقيام بحملة توعية بناءً على هذه السردية؛ أما الفعل، فهو لأهل الأرض أنفسهم..."

هذا باختصار موقف ڤاروفاكيس...

لا يستطيع أي كان القول إن كل أهل غزة هم مع خيار المقاومة...

لم يحدث هذا في التاريخ؛

لم يحدث في التاريخ أن يكون الجميع في أي مجتمع مئة في المئة مع خيار القتال حتى النصر أو الشهادة...

إذا كان إعلام المقاومة ركز أثناء حرب تموز ٢٠٠٦ على ما قالته الحاجة أم كامل فرحات مع الاعتذار إذا ما خانتني الذاكرة في الإسم:

"بيتي بالضيعة راح؛ بيتي هون راح... كله فدا رجل المقاومة..."

في غزة أيضاً، يبرز ما يقوله رجال غزة، نساء غزة، أطفال غزة... الأكثرية الساحقة لا تتبنى خطاب المقاومة فحسب، بل تذهب الى أبعد من ذلك في الدعوة إلى الصمود والقتال...

قد لا تجوز المقارنة بين حرب تموز في لبنان، وحرب غزة...

رغم وحشية نفس العدو، إلا أن وضع الفلسطينيين أكثر دقة وأكثر حرجا...

قد يملك اللبناني خيارا آخرا، وهو بالكاد يملك...

على الأقل في المستقبل المنظور بسبب محدودية قوة معسكر ملوك الإبادة في عالم الرجل الأبيض...

أما الفلسطيني؛

الفلسطيني لا يملك سوى خيار واحد... القتال ثم القتال ثم القتال حتى النصر أو الشهادة...

قد تخرج امرأة لا تجد ما تطعم أطفالها وترمي كلمة في غير محلها حول من تسبب بهذه الحرب... لكن ما يواجه الفلسطيني اليوم في غزة والضفة وكل خارطة فلسطين التاريخية سوف يجري حتماً...

إذا لم يكن اليوم، فغداً...

لذلك اكتفى الوزير اليوناني بالقول إنه لا يستطيع نصيحة الفلسطينيين بما يجب عمله...

مصير الفلسطيني إذا استسلم أكثر سواداً من كل ما يخطر على البال...

إبن المخيمات في داخل فلسطين وفي خارجها يعرف هذه الحقيقة...

العربي الآخر قد يتعاطف معه ليوم أو يومين أو حتى بضعة سنين...

لكن هذا العربي الآخر قد يكون مثل أنظمة الإمارات أو البحرين أو المغرب؛ لا يلبث أن يشارك الصهاينة في قتل الفلسطينيين...

بغض النظر عما يجري الحديث فيه عن تجاوزات قامت بها الفصائل الفلسطينية في الأردن أو لبنان...

الذي قتل الفلسطينيين في أيلول الأسود سنة ٦٩ كان عربياً أردنيا...

وبشير الجميل وايلي حبيقة وسمير جعجع و أنطوان لحد ارتكبوا من المجازر بحق الفلسطينيين ما يصل إلى حد مشاركة شارون في مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان...

ليس أي منّا من يعرف أوضاع الفصائل في غزة أو الضفة أكثر من هذه الفصائل نفسها...

ليس أي منّا من يعرف قياس مدى إمكانيات الصمود في المجتمع الفلسطيني أكثر من هذا المجتمع...

لكن كل واحد منّا يعرف أمرا واحداً بالتأكيد...

لا يملك الفلسطيني ترف الخيار بين القتال حتى الموت أو النصر من جهة، أو بين الموت تحت أنعال نظام الرجل الأبيض...

لأسباب خارجة عن سياق الكلام اليوم، وقعت فلسطين تحت مصيدة خيار الإمبريالية...

والصهيونية وفق الفيلسوف نعوم تشومسكي هي أعلى مراتب الإمبريالية و الإستعمار...

بايدن يريد مسحكم عن الخارطة...

كذلك ترامب...

لا يوجد في أنظمة الغرب كلها بلا استثناء، من لا يتمنى أن يصحو ويجد أن الفلسطينيين قد صاروا قصة من الماضي إلى جانب الهنود الحمر في أميركا أو سكان أوستراليا أو نيوزيلندا الأصليين...

حتى الكثير من أنظمة ما يسمى العالم العربي، أو العالم الإسلامي...

الكثير من هؤلاء يشارك اليوم فعلا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني...

هل سأل الفلسطينيون أنفسهم لماذا اغدق الخليج فجأة على مصر مبلغ ٣٥ مليار دولار لبناء جدار ثانِِ في سيناء وبنية تحتية في مرسى مطروح؟

حين عجز أهل مدينة صيدا، وكادت المدينة أن تسقط في أيدي ارتحششتا، أضرم أبطال صيدا النار في المدينة خوفا من أن تزداد نسبة من يريد الاستسلام، فيقوم بفتح البوابات لمن سوف يغتصب النساء، يبيد الرجال ويبيع الأطفال في أسواق النخاسة...

مات ارتحششتا، وبقيت صيدا...

نفس الأمر تكرر مع الاسكندر المقدوني حين حاصر مدينة صور...

مات الاسكندر وبقيت صور...

كان الخطأ الأول في معركة غزة اليوم هي يوم فاوضت الفصائل على الهدنة الأولى...

لم يتعلم الفلسطينيون من تاريخ الهدن التي أوصلتهم إلى النكبة سنة ٤٨...

يتكرر الخطأ نفسه مع المفاوضات الجارية الآن...

لم تتوقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين منذ ثورة ١٩٢١ ضد البريطانيين...

كانت الأمور واضحة جداً في ورقة بلفور...

حتى قبل خروج البريطانيين من فلسطين تم تهجير ربع السكان الفلسطينيين من قراهم وبيوتهم...

في مقابل أكثر من مئة ألف مقاتل صهيوني، أرسل النظام الرسمي العربي تحت ضغط الشارع أقل من عشرين ألف متطوع تحت راية جيش الإنقاذ...

ماذا كانت النتيجة؟

تم تهجير نصف السكان الفلسطينيين زيادة على الربع الذي كان هجر، وتم تدمير أكثر من ألف قرية ومدينة تحت انظار النظام الرسمي العربي...

لا يملك اي كان أن يقول للفلسطينيين ماذا يجب فعله...

لكن الم يشبع الفلسطينيون كلاما فارغا من هذا النظام الرسمي العربي؟

كيف يمكن الوثوق بمصر وقطر؟

كيف يمكن التطبيل للسعودية كما تفعل بعض الشاشات العربية المأجورة؟

آسف، لكن يوجد دائما خيار...

القتال حتى النصر أو الشهادة، ( وعمرها ما تكون الحياة والأولاد تحت ظروف ما يجري اليوم)...

رغم بعض الاختلاف بين نظام عربي قاتل، ونظام اخر نصف قاتل...

الكل يقف تحت نفس نعل الرجل الغربي الأبيض...

بلينكن هو صورة منقحة عن كيسنجر تلائم الوضع الجديد...

المفاوض الفلسطيني اليوم لا يختلف عن ياسر عرفات بشيء...

يعتقد المفاوض الفلسطيني أنه يكسب الوقت بانتظار متغير ما لن يأتي...

ما فعلته القسام في السابع من أكتوبر هو الفعل الصحيح...

لقد كسرت الفصائل كل المعادلات التي كانت تجري لتصفية القضية في ذلك اليوم المجيد...

المفاوضات التي تجري اليوم تساهم في إجهاض كل منجزات ذلك اليوم المجيد... وقد أجهضت بعضها بالفعل...

لم يعد الأمر يتعلق بألف أو ثلاثة آلاف أو حتى خمسة آلاف أسير...

الإبادة آتية...

جرائم الحرب سوف تأتي...

الخوف من ترامب ونتنياهو لا يعني "إعطاء الذليل" لبايدن وغانتز وأيزنكوت...

يجب وقف التفاوض فورا ووضع سقف تبييض كل السجون وحماية الضفة ورفع الحصار عن غزة...

أي شيء أقل من هذا هو رخصة مؤجلة للإبادة والتهجير...

بسبب التفاوض الذي تقوم به الفصائل ارتخى الوضع العراقي، ولا يذهب كل محور المقاومة إلى نقطة اللاعودة...

تردد الفصائل الفلسطينية عبر الدخول في مزاد التفاوض هو السبب الأساسي في المأساة الفلسطينية الجارية الآن...

قولوا كلمة واحدة وليكن ما يكون، وليتحمل العالم مسؤولية ما سوف يجري...

انتم تجعلون حرب التهجير والإبادة أكثر سهولة للعالم والعرب عبر تلك المفاوضات العفنة...

هم يختبئون خلف تلك المفاوضات اللعينة بانتظار ساعة الذبح...

أثبتوا على حد أدنى هو:

١-تبييض السجون...

٢- رفع الحصار...

٣- حماية دولية للضفة ولل ٤٨...

كل كلام آخر...

كل تفاوض...

سوف يؤدي إلى التهجير والإبادة..

المصدر: موقع إضاءات الإخباري