البعد الاستراتيجي لميناء بايدن في غزة… امريكا في اليوم التالي للسنوار
مقالات
البعد الاستراتيجي لميناء بايدن في غزة… امريكا في اليوم التالي للسنوار
د. محمد صادق الحسيني
14 آذار 2024 , 15:27 م


كتب الدكتور محمد صادق الحسيني

هل تأجلت او حتى الغيت عملية اجتياح رفح لحاجة وبارادة امريكية ملحة!؟

هل اقتربت امريكا ومعها الناتو من الفشل الاستراتيجي المعلن في اوكرانيا كما فشلت من قبل في سورية ، رغم التصعيد الاعلامي والاحاطات النووية المتبادلة!؟

وهل امريكا باتت عاجزة عن حماية الساحل الفلسطيني الطويل ، وهاهي تحتضر بحرياً وتختصر هيمنتها في سواحل غزة البحرية في مدى ٤٥ كلم فقط!؟

والاهم لو كانت امريكا تريد اغاثة غزة كما تزعم، هل الامر يتطلب كل هذا الاستعداد اللوجيستيكي المعقد ، ام ان ضابطاً في البيت الابيض كان بامكانه اجراء اتصالين هاتفيين واحدا لنتن ياهو و الاخر للسيسي ، يقضي بفتح معبر رفح وقضي الامر!؟

هذه الاسئلة وغيرها تقول لنا بان ميناء بايدن لا علاقة له باغاثة غزة مطلقاً..!

لهذا و على الرغم من ان الاغلبية الساحقة ، من المراقبين والمحللين السياسيين والعسكريين ، ينطلقون في تناولهم موضوع الميناء ، الذي أقترح ألرئيس الاميركي جو بايدن انشاؤه في غزة ، من كون هذا الميناء مرتبطاً بالحرب الاسرائيلية ، على قطاع غزة بشكل خاص وعلى كل فلسطين بشكل عام ، فان لهذه الفكرة بنظرنا ابعاداً استراتيجيةً مستترة الى حدما اهم بكثير ، وذلك في ضوءً معطيات تظهر تدريجياً ، حول الاستراتيجية الاميركية الجديدة ، فيما يسمى ب"الشرق الاوسط" ، هذا اذا ما نجحت حكومة العالم الخفية في ابقاء بايدن في سدة الحكم في واشنطن.

اما اهم هذه المعطيات ، حول الطابع الاستراتيجي لهذه الخطوة الاميركية ، فهي التالية :

اولاً : قرار الجهات الاميركية ،. ذات الاختصاص ،. بتأجيل المعركة مع روسيا والصين ، في جنوب شرق آسيا ، واعطاء الاولوية لتكريس السيطرة الاميركية ، على منطقة غرب آسيا كاملاً ، حسب مصادر خاصة تتابع المجريات الميدانية في المنطقة .

الامر الذي قد يعني فتح المعركة ، ضد الجمهورية الاسلامية في ايران ، وضد حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسورية ، وهي المعركة التي تهدف الادارة الاميركية من ورائها الى تحويل المنطقة الاسيرية هذه الى قاعدة خلفية ، لاسناد قواتها في جنوب شرق آسيا ، عندما تنخرط في المعركة ضد روسيا والصين ، خاصة وان جهات القرار الاميركية تعتبر ان تلك المعركة قادمة حتما لامحالة وان بعد حين .

ثانياً : كما لا بد من الاخذ بعين الاعتبار ان الرئيس الاميركي قد اعطى توجيهاته للجيش الاميركي ، وليس لوزارة الخارجيه او للنقطة الرابعة الاميركية / USAID / او غيرها من المنظمات الاميركية الكثيرة المختصة بعمليات الاغاثة وتوزيع المساعدات .

وهذا دليل اضافي ، على ان لهذا الميناء المؤقت بعداً استراتيجياً ، وليس الهدف من وراءه تنفيذ عمليات اغاثة مؤقتة .

ثالثًا : اما ما يعزز وجود مرمىً استراتيجياً من وراء اقامة هذا الميناء ، على شواطئ غزة ، فهو مسارعة نتن ياهو الى فكرة شراء ، او استحواذ كيانه المؤقت ، على ميناء في قبرص الرومية والذي يرجح ان يكون ميناء لارنكا ، وهي الفكرة التي اقترحتها ، ظاهرياً ، وزيرة المواصلات الاسرائيلية ميري ريغيف ، وسفر رئيس هيئة الموانئ الاسرائيلية ، عوزي يتسحاقي ، قبل ايام الى قبرص ،لبحث هذا الموضوع مع الحكومة القبرصية .

كلها ما هي الا مؤشرات على وجود قطبةً مخفيةً ، وراء اقامة هذا الميناء ، اكثر اهمية ، بالنسبة للادارة الاميركية والكيان الصهيوني ، من مساعدة المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة ... !

رابعاً : وعليه فان هذه القطبة المخفية ليست سوى ان هذا الميناء سوف يضطلع بدور عسكري هام ، في حالة نشوب حرب على الجبهة الشمالية للكيان / او قيام الحلف الصهيواميركي بشن عدوان مشترك ، واسع النطاق ، ضد لبنان ، توطئة لاستدراج ايران ، للدخول في الحرب ، دعماً للمقاومة الاسلامية في لبنان .

خاصةً وان تقديرات الدوائر العسكرية الاميركية والاسرائيلية تنطلق من ان قوات حزب الله سوف تكون قادرةً على شل حركة الملاحة البحرية ، الى ميناء حيفا وربما الى ميناء اسدود ايضاً ، الامر الذي يجعل الميناء المقام على ارض قطاع غزة نقطة ارتكاز عسكرية ضرورية لتأمين امدادات الجيش الاسرائيلي ، عن طريق البحر ، وذلك في ضوء ان المطارات والقواعد الجوية الاسرائيلية قد لا تكون قادرة على استقبال اي طائرات لجسر جوي اميركي محتمل ، كما ان الطرق البرية من الاردن الى فلسطين المحتلة لن تكون آمنة بسبب وقوعها في مرمى نيران المقاومة الاسلامبة اللبنانيه والعراقية ، على وجه الخصوص .

خامساً : يضاف الى الاسباب ، المشار اليها اعلاه ، ان الجهات المختصة في الولايات المتحدة ، قد قامت بنقل كميات هائلةً من الاسلحة ، الى كل من :

اليونان / قبرص الروميه / الاردن / العراق / السعوديه / الامارات / قطر / البحرين /

وبالنظر الى هذه الكميات الكبيرة ، من الاسلحة ، فان من الواضح انها تفوق بكثير احتياجات الجيش الاسرائيلي ، سواءً على الجبهة الجنوبية / قطاع غزة / او على الجبهتين الشمالية / لبنان …… والجنوبية .

سادساً : تؤكد التقديرات ، لحجم الاسلحة التي نقلت الى ما يسمى "الشرق الاوسط" ، بانها اجراءات تندرج في اطار صراع عسكري ، في المنطقة - بما في ذلك ايران - قد يستمر خمس سنوات ……

اذن ، وبالنظر الى الدول التي نقلت اليه - وستنقل - هذه الاسلحة ، فان ذلك يعني ان الدول الاوروبية ، الاعضاء في حلف شمال الاطلسي ، ستشكل قاعدة امداد للقوات الاميركية / او الاميركية الاطلسية بشكل من الاشكال / وهو امر في غاية الاهمية ، على الصعيد الاستراتيجي .

علماً ان الاستعدادات العسكرية لا تعني ، بالضرورة ، وقوع حرب فعلاً ، اذ ان التلويح باستخدام القوة هو نوع من انواع الحروب ، الذي استخدم ( التلويح بالقوة ) عبر التاريخ ، في الكثير من الصراعات .

ومكر اولئك يبور

*بعدنا طيبين قولوا الله*

المصدر: موقع إضاءات الإخباري