الوفاء للامير عبد القادر الجزائري ولنلسون مانديلا.       
مقالات
الوفاء للامير عبد القادر الجزائري ولنلسون مانديلا.       
م. زياد أبو الرجا
19 آذار 2024 , 20:03 م


* تعتبر القارة الافريقية مهد البشرية وموطن تطور الانسان العاقل الاول.هذا ما اثبتته علوم الانثروبولوجيا .تشكل القارة احد اهم المواقع  الاستراتيجية والجغرافيات السياسية في العالم؛ حيث تقع الامريكتين الى الغرب منها والقارة الاوروبية في شمالها؛ والقارة الاسيوية منبع الحضارات ومهد الديانات في شرقها. وهي غنية بالموارد الطبيعية المتعددة مما جعل منها الباخرة المحملة بالذهب والالماس والنفائس مجازا التي انقض عليها القراصنة واللصوص من عرائنهم الاوروبية ، فاستولوا على خيراتها؛ واستعبدوا شعوبها؛ ولكن اسوأ م المسوطن الامريكي الذي ذبح عشرات الملايين من الهنود الحمر اصحاب الارض الاصليين وراح ينقل ملايين الافريقيين الى  امريكا ليعملوا كقيان وعبيد في الزراعة ولاحقا في الصناعة.خضعت القارة للاستعمار الاستيطاني الاوروبي.ضمت بريطانيا جنوب افريقيا وصارت تحت التاج البريطاني، فيما اعتبرت فرنسا الجزائر جزءا لا يتجزأ من فرنسا لا يمكن التخلي عنه.خاضت الشعوب الافريقية نضالا مريرا من اجل الحرية والاستقلال الوطني، وحققت استقلالها الوطني، لكنها لم تنجز الاستقلال الاقتصادي بسبب التخلف والجهل والنهب الاستعماري وبقاء الحبل السري الذي يربط نخبها بمراكز الاستعمار، وبقيت ردحا من الزمن دون ان تحقق التنمية الاقتصادية والامن.ادركت دول القارة حاجتها الى تجمع اقليمي فقامت بتأسيس منظمة الوحدة الافريقية في ستينيات القرن الماضي التي حل محلها " الاتحاد الافريقي" الذي تاسس عام ٢٠٠٢ .

*بعد ان وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد وخرجت من الصراع العربي الصهيوني ، وانكفأت داخل حدودها الجغرافية .فقدت دورها الاقليمي كأكبر دولة افريقية ذات الحضارة العريقة افريقيّا وعربيّا.وبدل ان تمطر سماء مصر دولارات كما وعد السادات استمرت قوى الاطلسي والكيان في وضع مصر تحت الضغط السياسي والامني والتخريب الاقتصادي لكي لا تنهض مجددا وتمسك بخيوط اللعبة.فالجيش المصري الحارس الامين للامن القومي المصري الذي تقوم عقيدته على" ان العدو الاول هو الكيان الصهيوني/ القاعدة " .قامت امريكا من خلال ما اسمته الربيع العربي باسقاط الدولة الليبية وكشفت العمق الغربي لمصر وضخت بقوى الارهاب الدولي في شبه جزيرة سيناءمضيفة اعداءاُ جدداً ليشاغلوا الجيش المصري.اما السودان الذي انسلخ عنه جنوبه وما زالت قوى الشمال تقتتل مع بعضها معرضة الامن القومي المصري من الجنوب.ومما زاد الطين بلة الاعتداء الاثيوبي السافر على حصة مصر التاريخية من مياه النهر الخالد النيل.ستبقى مصر في المدى المنظور حبيسة وضعها الاقتصدي المأزوم وتبعيتها لدول الاقليم الغنية وعاجزة عن لعب اي دور اقليمي.

*استعادت القارة الافريقية اهميتها الاستراتيجية والاقتصادية نتيجة التطورات التي تجري في العالم واهمها تربع الصين على عرش العالم الاقتصادي؛ وطرحها لمشروع " الحزام والطريق" وصعود الهند وعودة روسيا كقوة اولى للاطاحة بنظام احادي القطبية واحلال نظام متعدد الاقطاب وعادل محله؛ وهزيمة الاطلسي في اوكرانيا .روسيا الان في المركز الخامس اقتصاديا والمركز الاول اوروبيا.كل القوى الاقتصادية الكبرى تتنافس على القارة الافريقية ، نظرا لغناها بالموارد الطبيعية وتوسطها بين القارات والثاني يعود الى نموها الديموغرافي الذي من المتوقع ان يصل في نهاية القرن الى ملياري نسمة مما يجعلها سوقا عالمية واسعة.من بين ٥٤ دولة افريقية تشكل الجزائر وجنوب افريقيا ممرا اجباريا للدخول الى افريقيا.حجتي في ذلك تقوم على الارث النضالي لكلتاهما. بايع الجزائريون عبد القادر الجزائري (( صقر الصحراء)) عام ١٨٣٢م اميرا لمقاومة الاستعمار الفرنسي الذي احتلها عام ١٨٣٠م .لم تكلل ثورته بالنجاح ، لكنه ترك ارثا نضاليا للشعب الجزائري ليواصل نضاله وشكل قدوة يحتذى بها من قبل المناضلين الافارقة على سبيل المثال لا الحصر عبد الكريم الخطابي في المغرب وعمر المختار في ليبيا .وامتد تأثيره

الى بلاد الشام " سورية" التي استقر فيها بعد منفاه وتوفي فيها فله يعود الفضل في وأد الفتنة الطائفية في باب توما وترك مأثرة لا تنسى.واصل الشعب الجزائري نضاله ضد المستعمر الفرنسي عبر  الاجيال المتعاقبة ، واشعل حرب التحرير الوطنية الشاملة عام ١٩٥٤ بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي انجزت الاستقلال الوطني في تموز/يوليو ١٩٦٢م. قدم الشعب الجزائري اكثر من مليون شهيد على مذبح الحرية والاستقلال الوطني.اما جنوب افريقيا التي كانت تحت امرة شركة الهند الشرقيةالهولندية منذ منتصف القرن السابع عشر حتى عام ١٨٠٦م حيث سيطرت علبها بريطانيا وصارت مستعمرة لها .مع تزايد المستوطنين البيض تحول السكان الاصليين الى مواطنين من الدرجة الثانية عندما سنت السلطات حق الفصل في السكن بين السود والبيض داخل المدن عام ١٩٢٣م الذي اسس لنظام التمييز العنصري " الابارتهايد" .قاد حزب المؤتمر الوطني الافريقي النضال السلمي بقيادة الزعيم نلسون مانديلا وانتهى نظام الابارتهايدواستقلت جنوب افريقيا عام ١٩٩٧م .المفارقة بين استقلال الجزائر واستقلال جنوب افريقيا هي في الاسلوب المختلف ب ١٨٠ درجة حيث العنف الثوري في الجزائر والنضال السلمي في جنوب افريقيا. نظرا لاهمية الجزائر كموقع استراتيجي في افريقيا وبلد غني بمصادر الطاقة والاقتصاد النامي مما يؤهلها للعب دور اقليمي سلطت عليها قوى الاستعمار الحرب الارهابية الدامية التي استمرت عقدا من الزمن.خرجت الجزائر من محنتها منتصرة واصبح الشعب الجزائري اكثر مناعة ضد الارهاب والفتن واخذ يتطلع الى بناء الدولة العصرية القائمة على الوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية والاستثمار في الانسان ومحاربة الفساد وبناء جيش وطني قادر على الدفاع عن الوطن ومنجزاته.

تستطيع الجزائر الان ان تواصل مشوار القائد الخالد جمال عبد الناصر للعب دور اقليمي في القارة الافريقية والمشرق العربي وفي القلب منه سورية(( سورية - لبنان - الاردن - فلسطين )) .عليها ان لا تتاخر وان تبادر قبل فوات الاوان.اما جنوب افريقيا فواضح انها واعية على دورها الافريقي فهي دولة رئيسية في الاتحاد الافريقي ودولة مؤسسة في منظومة البريكس وفاعلة في قضايا المشرق العربي وخاصة سورية وفلسطين حيث وقفت ضد الارهاب الدولي في سورية وقامت بصيانة دبابات ال T72 السورية ووقفت وما زالت مع نضال الشعب الفلسطيني ضد سياسة التمييز العنصري الذي يمارسه الكيان الصهيوني وضد المجازر  والتطهير العرقي في غزة .توجت جنوب افريقيا مناصرتها للشعب الفلسطيني حين تقدمت بشكوى كاملة الاوصاف لمحكمة العدل الدولية ضد الكيان في الوقت الذي تخلفت فيه الدول العربية.

اما لماذا على الجزائر ان تتقدم للعب دور في سورية؟ لان سورية هي قلب الكونفدرالية المشرقية التي ستوحد اقاليم بلاد الشام بعد دحر المحتل التركي من الشمال الغربي والمحتل الامريكي وعملائه الاكراد من الشمال الشرقي والذي اقترب موعده بعد هزيمة الاطلسي في اوكرانياوطوفان الاقصى في فلسطين.تتمتع سورية بموقع استراتيجي هام فهي بوابة ايران وروسيا على البحر الابيض المتوسط وعقدة المواصلات لمشروع الحزام والطريق الصيني المفضي الى اوروبا .مما يجعل المدن السورية ارضا للمعارض الدولية للمنتجات الصينية .والبر والبحر السوري يحتوي على تريليونات براميل النفط والاقدام المكعبة من الغاز.ولهذه الاسباب يحاول الغرب الاستعماري تأخير النصر السوري.لان انتصار سورية سيعيد لدمشق مجدها الاموي .ان (( المثلث الجزائري - الجنوب افريقي- السوري ))امامه مستقبل باهر ان احسن تمتين اضلاعه   وانتظروا انا منتظرون.

م/ زياد ابو الرجا.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري