الفتنة الداخلية سلاح العدو الأقوى ذو الحدين
مقالات
الفتنة الداخلية سلاح العدو الأقوى ذو الحدين
أحمد ذوقان الهنداوي
2 نيسان 2024 , 20:51 م

تخوين الوطن وقيادته وأجهزته الأمنية درع الوطن الحامي، والإساءة لها فتنة مقيتة... والدعوات غير الحكيمة من الخارج للتجييش والتحشيد الجماهيري ذات الطابع الحركي والحزبي، والتي تبتعد كل البعد عن الثوابت والمرتكزات الوطنية، هي أمور لا يمكن السماح بها... والهتافات ذات التوجهات الحركية والحزبية والتي تحيد عن هذه الثوابت الوطنية وتمس الأمن الوطني هي أمر مرفوض جملة وتفصيلا، والتعرض للممتلكات العامة خلال التجمعات والتظاهرات هو أمر لا يمكن السكوت عليه، جميعها خناجر سامة في خاصرة وطننا الأعز... مثيرها ومروجها وفاعلها ومرددها إما متآمر حاقد مندس... أو عاطفي يفتقد الوعي والحكمة، يعتقد أنه وطني مخلص داعم للقضية، وهو، عن غير قصد، يخدم أهداف أعدائها.

وفي نفس الوقت، فإن التعامل معها والرد عليها بتشنج، ونشرذلك على نطاق مكثف لا يخدم ويحقق هدف وأدها... بل يمكن أن يساهم، وعن غير قصد أيضا، بترويجها وتجذيرها ونشرها أكثر، وهو ما يسعى إليه عدونا المشترك، بأجهزته المختصة والمتمرسة لإثارة هكذا فتن، بهدف تقويض الوطن وأمنه ووحدته الوطنية وقضيتة العادلة التي يناضل من أجلها، كل في آن واحد.

شر مقيت ومدبر ومحكم ذو وجهين، ألفعل ورد الفعل سلاح العدو ذو الحدين... والذي وجب علينا جميعا التعامل معه بحكمة وروية... حفاظا على وطننا ألأعز ووحدته الوطنية ودعما لقضيتنا الأولى والعادلة.

فنحن جميعنا متفقون موحدون على الغايات والاهداف النهائية... لنا ولعدونا... وعلى حقائق الواقع الاليم الذي نعيشه الآن.. ولكن يختلف بعضنا في طريقة تعامله معها، وهو امر عادي وصحي ومقبول طالما ان هذا الخلاف لا يتجاوز حد التشكيك والتخوين والشيطنة للطرف الآخر وزعزعة الامن الوطني.

حقيقة الامر باننا نتفق جميعا على ان الغاية والهدف النهائي لحرب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي يشنها عدونا على اهلنا في غزة هاشم هو تهجيرهم قسريا خارج وطنهم، تمهيدا لتكرار نفس النهج مع اهلنا في الضفة الغربية، في محاولة منه لتصفية قضيتهم العادلة وانهاء تطلعهم نحو الحرية والاستقلال... وهو أمر لا يمكن تحقيقه دون خلق فوضى داخلية وخلخلة الأمن الداخلي والثوابت الوطنية والوحدة الوطنية داخل وطننا الأعز.

وحقيقة الامر أيضا باننا نتفق جميعا على ان الموقف الاردني، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني إبن الحسين المعظم، كان مشرفا منذ اليوم الاول لحرب الإبادة الجماعية ضد أهلنا في غزة هاشم، هذا الموقف الذي صدح به جلالته جهرا ومدويا ومن على كل محفل، واستخدام جلالته وحكومته لأوراق الضغط الاردنية كافة وبأقصى قوة من اجل افشال المخطط الصهيوني، وهو ما تم لغاية الآن بحمد وتوفيق من الله عز وجل، فقد ساهم هذا الموقف الصلب للأردن وقيادته بفاعلية ونجح في تغيير النظرة الدولية لحرب الإبادة هذه عما كان عليه عند بداية شنها.

ونتفق جميعنا أيضا بأن الموقف الاردني لجلالة الملك المعظم، وشعبه الملتف من حوله، والذي نجح في تبديل وتغيير الكثير من المواقف الدولية، قد أثار حفيظة دولة الإحتلال وقيادتها العنصرية المتطرفة، وكان كالشوكة النازفة في حلقها، مما جعلها تتخبط في التصريحات الهستيرية لقياداتها المتطرفة اتجاه الأردن وقيادته الشجاعة، وجعلها تعلن نواياها اتجاه الوطن وقيادته بشكل صريح وواضح وفي أكثر من مناسبة.

ونعلم ونتفق جميعنا أيضا، بأن للعدو أجهزته المتخصصة والمدربة والإحترافية لتنفيذ هكذا فتن لتحقيق أهدافه النهائية... فرق متخصصة تتدعي أنها تمثل الفئات والمنابت والأصول المجتمعية المختلفة داخل الوطن، وتنشر سمومها من خلال كل الوسائل، وخاصة وسائل التواصل الإجتماعي، أو من خلال الإندساس في التجمعات و التظاهرات السلمية، وتنشر خلالها وتهتف بأبشع الوصوفات والصيغ وأكثرها تطرفا لكل طرف.

فالإعتماد الرئيس للعدو في هذه الحالة يكون على عدم الوعي المجتمعي لدى البعض، والانجراف والإنقياد لدى بعض آخر... وقناعة العدو بأنه بمجرد إثارته لهذه الفتن ونشرها من خلال وسائل التواصل المجتمعي، أو من خلال ترديدها في التجمعات والتظاهرات السلمية، ستنتشر انتشار النار في الهشيم، ليتبناها ويرددها وينشرها البعض عن عدم وعي لمدى تأثيرها، وكيف أنها تخدم أهداف العدو وتتناقض مع أهداف القضية.

ما دامت هذه الفتنة، بأهدافها ومروجها وأدواتها، واضحة وجلية لنا جميعا، فإننا جميعنا مسؤولون أمام الله أولا ومنثم امام وطننا وأنفسنا بأن نكون جميعنا على قدر المسؤولية الوطنية... فنتعامل بحكمة وهدوء وروية، مع المؤيد والمعارض، في قولنا وفعلنا، في تصريحاتنا وما ننشره، في تعبيرنا عما نشعر به من ألم وغصة، في تظاهرنا وتجمعنا، في تعاملنا مع أجهزتنا الأمنية درع الوطن وحماته، وقبل كل شيء في وحدتنا الوطنية والتفافنا حول قيادتنا الحكيمة والشجاعة، وعدم السماح لأي كان، تآمرا أو جهلا من أن يتسلل ويتغلغل بيننا تحقيقا لأهداف عدونا.

فلنكن دوما أذانًا صاغية لصوت العقل والحكمة، ولنبني جسور الثقة والتفاهم، حتى مع أشد المعارضين معنا تحت مظلة الوطن... ولنظل موحدين في مواجهة أي محاولات لزرع الفتن ونشر الانقسامات، لنجعل من وحدتنا وتماسكنا درعًا يحمي وطننا ومقدراتنا ضد الفتن ما ظهر منها وما بطن...

نتجمع، نحتشد، نتظاهر نصرة لقضيتنا الاولى والعادلة، تحت مظلة رايتنا الوطنية الاردنية الهاشمية تحتضن راية شقيقتها فلسطين الحبيبة، نتجنب الانجراف وراء الشائعات والتضليل الإعلامي والهتافات غير المسؤولة وغير الواعية، بل نلتزم بالبحث عن الحقيقة ونعتمد على المصادر الموثوقة ذات المصداقية في نقل ونشر المعلومة.

ولنبقَ على تلك القيم السامية المتجذرة فينا، والتي تسري فينا مسرى الدم في العروق، والتي تتجسد في منظومة قيم الوسطية والتسامح والحكمة والإعتدال وتقبل الرأي والرأي الآخر، أروع صور الوطنية والتضامن ولنحافظ على تلاحمنا ووحدتنا كقوة لا يستطيع أي شرٍّ من الخارج أو الداخل أن يشق طريقه بين صفوفنا المتماسكة.

ولعل صورة لوسام يزين صدر دركي لعلمين توأمين خفاقين يحتضان بعضهما بعضا، اوهتافا لجماهير وطنية محافظة وواعية تصدح بأعلى الصوت "بالروح بالدم نفيدك يا غزة" من جان،. لترد عليه الجماهير الواعية والناضجة في الجانب المقابل " تحية وحداتية لعيون الفيصالية"، لأبلغ من ألف كلمة وألف تصريح وألف مقال في الوحدة الوطنية...

حما الله فلسطين الحبيبة وشعبها شعب الجبارين وغزة هاشم والقدس الشريف، وفرج كربهم، وأنالهم الحرية والإستقلال بإذنه تعالى، حرية واستقلال مجبولة بالألم والدم والدموع... وهذا هو ثمن الحرية والإستقلال.

وحفظ الله الأردن عزيزا وقويا ومنيعا... وحماه شعبا وأرضا وقيادة...