كتب الناشط السياسي محمود موالدي
في مشهدية غير مألوف داخل المجتمع الأمريكي الذي كان في العهود السابقة مغيبا تماما عن مسار السياسة الخارجية للبلاد، وغارقا في التخمة المفرطة والوفرة، مهجنا ضمن شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الرأي وكرامة الإنسان التي خاض النظام الأمريكي بشقيه حروبا عابرة للبحار لنشرها، ها هو اليوم تتكشف أوراق التوت عن هذا النظام المتوحش ويقمع بقوة مفرطة آراء مخالفة لتوجهات قادة الإرهاب حول العالم، فمشهد لافت اجتاحت التظاهرات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني والرافضة التوحش الإ إرهابي للنظام الأمريكي المتمثل بالإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان المؤقت في غزة، فالدافع الإنساني كان الملهم لهذه التظاهرات والوقفات التضامنية، في حين تم توقيف أساتذة وطلاب على خلفية التظاهرات، ودعوات لحضور الدروس عبر الإنترنت، ويطالب المشاركون في الاحتجاجات في جامعات «كولومبيا» على سبيل المثال بقطع الصلات بين المؤسسة المرموقة وإسرائيل على خلفية الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر في قطاع غزة، والأزمة الإنسانية الكارثية التي تسببت بها، وقد وبدأت الاحتجاجات الأسبوع الماضي مع إقامة «مخيم تضامن مع غزة» في حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، قبل أن تتسع لتشمل جامعات أخرى مثل جامعة نيويورك (NYU) ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وبال وغيرها
وشكلت الجامعات ميدانا رئيسيا للنقاش والتحركات على خلفية الحرب، خصوصا في ظل الدعم السياسي والعسكري من الولايات المتحدة لإسرائيل، وفقا ل لما نشرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقوبلت النشاطات الداعمة للفلسطينيين في جامعات عدة، خصوصا المرموقة منها مثل هارفارد وكولومبيا، بتحذيرات من تنامي التحركات التي تصف نفسها بأنها «معادية للسامية»، لا سيما أن العديد من الجامعات الكبرى في البلاد تعتمد بشكل رئيسي على دعم مالي من منظمات ومتمولين من اليهود، وللحد من هذه التظاهرات وبمشهد يعبر عن الديمقراطية الزائفة للنظام الأمريكي، نشرت شرطة نيويورك العشرات من عناصرها في حرم جامعة نيويورك لتفريق محتجين مؤيدين للفلسطينيين، وفق ما أفاد مصور ل «وكالة الصحافة الفرنسية». وتحدثت تقارير صحافية أميركية عن توقيف عدد من أساتذة الجامعة وطلابها، فيما صرح الرئيس الأميركي جو بايدن دان الأحد ما وصفه ب «معاداة السامية»، مؤكدا أنه «لا مكان لها على الإطلاق في حرم الجامعات، ولا في أي مكان آخر في بلادنا».
وفي تصريحات للصحافيين أمس (الإثنين)، أكد الرئيس الأميركي أنه يدين «الاحتجاجات المعادية للسامية»، مضيفا: «لكنني أدين كذلك أولئك الذين لا يفهمون ما الذي يحصل مع الفلسطينيين»، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية بهذا الشأن، وأبدى رئيس بلدية نيويورك (إريك آدامز الأحد شعوره) ب «الرعب والاشمئزاز» من التقارير عن معاداة السامية، مؤكدا أن الشرطة لن تتردد في توقيف كل من يتبين أنه يقوم بمخالفة القانون، لكنه شدد على أن «جامعة كولومبيا هي مؤسسة تعليمية خاصة مقامة على أراض خاصة، مما يعني أن شرطة نيويورك لا يمكنها الوجود ضمن حرمها ما لم يتم طلب ذلك من قبل مسؤولي الجامعة».
يعبر الكثير من المراقبين بأن سياسات القمعية المتبعة لم تحد من انتشار الاحتجاجات بل ذكرت عدة مصادر أن الاحتجاجات امتدت إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ميشيغن فيما تم توقيف 47 شخصا على الأقل خلال تظاهرة في جامعة يال، كل ذلك يضعنا أمام ظاهرة من مظاهر الفشل الكبير الذي أصاب النظام الأمريكي المشغل الحقيقي للكيان والوضع كل إمكانات العالم لصالح تحقيق أمنه واستقراره، فهل تعد أمريكا أم الديمقراطية والمصدرة لها، وهل ستبقى أمريكا غير قابلة للتغيير من الداخل، وأين الإدانات العالمية وجمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية على هذا القمع والتوحش للنظام الأمريكي، فإلى أصحاب الانعزال السياسي هل ستبقى لكم أمريكا قدرا...؟؟.
[23:53, 25/04/2024] محمود موالدي: