كتب الأستاذ حليم الشيخ: على ماذا استندت غزة في السابع من أكتوبر؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ: على ماذا استندت غزة في السابع من أكتوبر؟
حليم الشيح
27 نيسان 2024 , 18:49 م

كان هذا أهم الأسئلة التي طرحها آدم شمس الدين على المفكر والمؤرخ اليساري فواز طرابلسي...

تكثر التحليلات والجواب أبسط مما يتصوره العقل...

حوصر الفلسطيني في زاوية من كل الجهات؛ ظهره إلى الحائط وسكاكين الذبح تحيط به من كل النواحي الأخرى...

لم يبق ابن زانية في هذا العالم إلا وحمل سكين يريد ذبح الفلسطيني...

في تلك اللحظة التاريخية أيقن الفلسطيني أن الحتمية التاريخية مجرد كذبة إذا لم يكن لها أسنان...

الحق بلا أسنان، كذبة تمحو أثرها نقطة ماء...

أيقن الفلسطيني أنه الغريق ولا خوف من البلل...

هو يموت في كل الأحوال؛ على الأقل، فليقاتل...

اختفى الهنود الحمر في أميركا رغم امتلاكهم كل الحق وكل الشرعية...

اختفوا لأنهم صدقوا كذبة التعايش مع الإمبريالية...

تكثر التحليلات والدم الفلسطيني مستباح بسبب وبغير سبب...

خرج الفلسطيني على هذا العالم المنافق...

يا قاتل، يا مقتول...

إذا كان لا بد من الموت، فمن العار أن تموت جبان...

بين السلة والذلة، اختار الفلسطيني صارخاً:

يا سيوف خذيني...

منذ أن خرج المشروع الصهيوني والفلسطيني يستند إلى الحق الطبيعي في الوجود...

لكن الحق في الوجود يحتاج إلى قوة...

مع غياب هذه القوة، لجأ الفلسطيني إلى قوة تخريب النظام العالمي...

تجاوز هذه المرة تخريب الديكور...

مهما فعل الفلسطيني، لا يزال تحت سقف الحق المطلق...

السؤال الواجب طرحه ليس على ماذا استندت حماس، بل لماذا تأخرت حماس كل ذلك الوقت...

في معرض الحديث يتناول الاستاذ طرابلسي الفلسطيني الذي يتساءل حول جدوى طوفان الأقصى...

يقول إن هناك بين الفلسطينيين من يرى أن الثمن باهظ...

ثمن طوفان الأقصى إبادة تجري أمام العالم على الشاشات...

وكأن الفلسطيني كان يعيش أصلا...

كانت حياة من قلة الموت...

حياة بلا أفق...

كان الفلسطيني يموت بصمت بينما يغمض العالم الأعين عن كل الظلم الذي يجري...

حين حوصرت بيروت، قيل للفلسطيني أن عليه القبول بالهزيمة والخروج...

منع عليه القتال والاستشهاد بشرف لأن بيروت ليست مدينة فلسطينية!!!

في الأردن، ذبحت القضية الفلسطينية في أيلول الأسود باسم فوضى السلاح...

بالله عليكم...

كيف لا يخرج الفلسطيني على العالم شاهرا سيفاً وهو يرى أن لا وجود له في أية صورة من صور مستقبل هذا العالم...

أمس، خرج أحد الأخوان من حماس يتحدث عن الاستعداد لحل الجناح العسكري للحركة والقبول بحل " دائم" مقابل دويلة على حدود ال ٦٧...

اين يعيش هذا الأخ؟

هل وصل الفلسطيني إلى اليأس؟

عدنا إلى مأساة أوسلو...

عدنا إلى نظرية محمد انور السادات في نظرية خذ وطالب...

كأنه أكثر ذكاء من الأميركي والاسرائيلي...

كلما تخلى الفلسطيني عن حق من حقوقه، يأخذ الصهيوني وعينه على المزيد...

خرج أمس بيان أميركي بامتياز موقع من ١٨ عشر دولة، بينها دول ساندت الفلسطينيين في حقب تاريخية ما...

على الأقل، هذا ما خرج في الإعلام...

كما العادة... تحدث الاميركيون وتلك الدول عن إطلاق "الرهائن" مقابل الغذاء...

قمة الخسة من هذه الدول...

التجويع فعل إبادة...

ذلك البيان، فعل إبادة...

هذا البيان لا يشرف أي دولة وقعت عليه...

نعم يعيش العالم اليوم على صفيح ساخن...

٢٠٠ يوم من الإبادة هزت العالم...

ما يجري في الجامعات الأميركية هو أول تباشير سقوط الصهيونية...

لقد انتشرت السردية الفلسطينية في كل أرجاء الكرة الأرضية...

وصلت الى جامعات بريطانيا وفرنسا وأستراليا...

لم يعد روبرت مردوخ وأولاده هم من يحبك الأخبار في غرف مظلمة داخل النيويورك تايمز أو ال "وول ستريت جورنال"...

تحررت فلسطين ليس فقط من قيود العرب والمسلمين...

تحررت حتى من قيود أهل الذمة من الفلسطينيين أنفسهم...

لم يعد شعار معاداة السامية الزائف يخيف الكثيرين...

عندما يخرج آلاف اليهود إلى الشوارع يهتفون من أجل فلسطين ويتهمهم غلاة المسيحية الصهيونية بمعاداة السامية يكون السحر قد انقلب على الساحر...

عندما يبارك كبار حاخامات أميركا تحركات تحرر الشباب اليهود وتعلن إحدى الحاخامات أن جوهر عيد الفصح هو اطعام المساكين وتقف لتعلن رفضها تجويع غزة بينما يقفل عبد الفتاح السيسي الطرق أمام قوافل المساعدات لأهل غزة يكون الفلسطيني قد بدأ بفتح الأبواب وفتح الأعين...

نعم لقد جرت دماء كثيرة روت أرض غزة...

لكن الذي يحسبها صح يعرف أن هذه الدماء هي من يهز النظام العالمي اليوم...

دماء اطفال ونساء غزة هي من يهز عرش الكون في هذه الأيام...

نعود إلى السؤال الأول...

على ماذا استندت حماس حين قامت بعملية الطوفان...

هل راهنت على تحريك الجيوش العربية؟

هل راهنت على إيقاظ الحركة الجماهيرية العربية الخائبة...؟

في ارض الكنانة،

نامت نواطير مصر عن ثعالبها،

فقد بشمن، وما تفنى العناقيد...

في بلاد الشام، الجيش الأردني عاد إلى ايام غلوب باشا البريطاني...

شطارة في حياكة المؤامرات في غرفة الموك ضد الدولة السورية بالشراكة مع الغرب واسرائيل...

الجيش السوري مشغول في التصدي لما أنتجه ضباط الأردن والسعودية والإمارات وقطر وتركيا من مجموعات تعود بالجهل إلى عصور ما قبل التاريخ البشري وتطور القرد إلى إنسان...

الجيش اللبناني... يعتمد على نظام الاستعطاء تارة من اميركا مباشرة وتارة أخرى من توابع اميركا بالواسطة...

الجيش المصري مشغول بإدارة دولة الفساد التي وضع أسسها محمد انور السادات يوم باع مصر في سوق البورصة...

لا، حماس لم تكن تعتقد اصلا أن هناك جيوشا عربية بمعنى الجيوش...

هؤلاء مجموعة عساكر كما عسكر السودان الذي يتقاتل فيه الكل ضد الكل من أجل نهب ما تبقى من هذا البلد المسمى سودان...

إذا كانت حماس تعرف سلفا أن جيوش العرب... زبالة....

هل استندت حماس إلى محور المقاومة ونظرية وحدة الساحات...

ربما...

الأستاذ طرابلسي يؤمن بأن الجيوش وحدها هي من يمكن أن يحرر فلسطين...

لكن الاستاذ طرابلسي ينسى أن من اقتلع الأميركيين من سايغون هم الفيتكونغ حتى لو كانوا مدعومين من فيتنام الشمالية وجيش هانوي...

لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو،

هل يؤمن محور المقاومة أو الممانعة أو سمه كما شئت، هل يؤمن بأنه يملك مفتاح التحرير...

من يطلب جوابا حاسما على لسان هذا المحور لن يجد الجواب الشافي...

لكن من ينظر إلى تطور الميدان، يرى كيف بدأت المساندة لغزة بإشغال جزئي وها هي اليوم تصل إلى حرب شبه كاملة على حدود لبنان مع فلسطين بينما تجاوز الحوثي البحرين الأحمر والعربي ها هو يهدد الصهاينة في عمق المحيط الهندي...

المقاومة العراقية استعادت رشدها وأيقنت أن الأميركي لا يفهم الا لغة المصالح وضرب هذه المصالح...

لكن يبقى النقص في الجبهة السورية، حيث التكفيريون من عملاء تركيا أو أميركا أو إسرائيل، بما في ذلك قسد...

لكن هل كان على حماس الانتظار إلى ما لا نهاية؟

كان محمد بن سلمان على وشك نسف مبادرة السلام العربية على هشاشتها والانضمام إلى محمد بن زايد ومليك مملكة البحرين (العظمى!!!) في الخضوع لسيادة اسرائيل على الشرق الأوسط...

الزحف الاستيطاني كان يتقدم إلى درجة أن الأقصى لم يعد على قائمة الدول "الإسلامية" المسخ...

كان لا بد من تفجير الهيكل على رؤوس الجميع حتى لو جرت الدماء أنهارا في ساحات فلسطين...

حماس قامت بهذا الفعل...

التراجع ممنوع...

إما النصر أو الشهادة...

لا يضيع حق وراءه مطالب...

المصدر: موقع إضاءات الإخباريحليم الشيخ