كتب الأستاذ حليم الشيخ:
إلى كل من يتساءل عن جدوى السابع من أكتوبر...
إلى كل من يتحدث عن الأثمان الباهظة التي تسبب بها السابع من أكتوبر...
إلى كل من ينظر إلى فلسطين بلغة الأرقام وحسابات الربح والخسارة...
فاتكم القطار...
قد تكون فلسطين فشلت في كسر القيود التي تكتم على أنفاس الأمتين العربية والإسلامية...
الذنب هنا ليس ذنب فلسطين؛ الذنب هنا اكبر من النظام الرسمي العربي أو الإسلامي رغم كل الخسة، رغم كل النذالة، رغم كل العمالة، رغم كل فقدان الشرف والكرامة...
الذنب هنا هو ذنب الشعوب العربية والإسلامية نفسها...
صحيح إن الله يهدي من يشاء؛ لكن الأصح هو أن الله لا يزرع الايمان في جيف لا تستحق هذا الفعل الإلهي الكريم...
لا تستطيع قوة في الأرض زرع الشرف فيمن لا شرف عنده...
لا تستطيع أي قوة غرز الكرامة فيمن لا مكان للكرامة عنده...
لا تستطيع أي قوة إعطاء لذة الشعور بالحرية فيمن معدنه معجون من العبودية والذل والهوان...
لا شيء يمكن أن يفسر حالة الموت السريري الذي يعيشه أكثر من مليار ونصف المليار ممن يدعي الإسلام بينما تجوب ساحات أميركا والغرب مئات الآلاف من جموع الأحرار...
التفسير المنطقي الوحيد هو أن الإنسان لا يمكن أن يكن حرا إلا بإرادته، ولا يستطيع أن يكون عبدا إلا بإرادته أيضاً...
لا يهم عدد الركعات، ولا عدد ساعات السجود...
لا يهم عدد ايام الصيام...
لا يهم عدد الساعات التي يردد فيها هؤلاء كلمات زائفة عن الإيمان بالله ورسوله، ولا يحرك أي من هؤلاء بنت شفة عما يدور في ارض الاسراء والمعراج...
صرخت إحدى حرائر فلسطين سائلة أهل النظام الرسمي العربي، "كيف سوف تواجهون الرب يوم القيامة...؟!"
السؤال نفسه سوف يوجه إلى كل فرد من أمة لغة الضاد...
السؤال نفسه سوف يوجه إلى كل فرد من أمة المليار ونصف المليار مسلم تبين أن أغلبهم لا يحمل من الإسلام أكثر من حق الولادة من أبوين مسلمين لا اكثر ولا أقل...
في شعار الحوثيين، يرد طلب اللعنة على اليهود...
أهم رافد من روافد الانتفاضة الطلابية في أميركا والغرب التي تطالب بوقف المجازر بحق الفلسطينيين هي منظمات يهودية...
إلا يجدر أن يكون طلب اللعنة على العرب والمسلمين الذين خذلوا غزة بدلا من أن يكون باتجاه اليهود...
إلا يجدر أن يقع طلب اللعنة على تلك الجموع الكاذبة التي تدعي الإيمان بالله ثم تقف لا مبالية بقتل شعب من أمة لا اله الا الله في ارض الاسراء والمعراج....
من المضحك المبكي أن الكذب وصل في الغرب إلى اعتقال أحد الطلبة اليهود في برلين بتهمة معاداة السامية لأنه كان يرفع شعارا أثناء إحدى التجمعات يقول فيها أنه يهودي يرفض الإبادة التي تجري في غزة...
أما عندنا، يخرج سفيه تافه يحمل اسم مكرم رباح يدرّس في الجامعة الأميركية في بيروت يطالب اسرائيل بتخليص لبنان من حزب الله...
أما عندنا في لبنان، يخرج سفيه اخر اسمه سامي الجميل يقول إن اسرائيل لا تجد شريكاً فلسطينياً للسلام بعد كل التنازلات التي قدمها محمود عباس وكل الطقم الذي ينتمي إلى ما يسمى زورا سلطة في الضفة...
أما عندنا، يجتمع مجموعة من السفلة على رأسهم سفاح إهدن والجبل المقيم في معراب سمير جعجع، يريد ارسال الجنود اللبنانيين الى الذبح في الجنوب والبقاع دون أن يكون لديهم حتى "بواريد" صيد، لأن ال M16 التي يحملون ممنوع استعمالها ضد إسرائيل تحت طائلة العقوبات...
أما عندنا، تريد السعودية جمع ما تيسر من عرب وعجم لتمرير صفقة خذلان جديدة لغزة سوف تغلف السم بالعسل وفق مصادر الخارجية الأميركية...
لم يسمع محمد بن سلمان أن أمريكا استعملت حق النقض/ الفيتو ضد قرار قبول الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة...
لم يسمع أن بريطانيا جارتها في هذا العمل الدنيء عبر عدم التصويت، بينما كل أمم الأرض تؤيد إقامة هذه الدولة وتريد ضمها إلى منظمة الأمم المتحدة...
ماذا يريد فعله إبن سلمان غير السير تماما بما تريده واشنطن مقابل وعد باهت سخيف يعرف هو والذين خلفوه أنه لا يساوي قيمة الحبر الذي سوف يكتب به...
يتساءل المرء، أين هم طلبة الأمة العربية "الواحدة ذات الرسالة الخالدة"...
يتساءل المرء، أين هي تلك الجامعات التي كلفت مليارات من الدولارات لتخرج لنا جيلا من النعاج والبقر والماعز والدجاج...
لا يوجد في تلك الجموع ولا حتى ديك أو كراز أو ثور...
أنه علم الاستنساخ الذي تمول نقائصه خزائن سطا عليها أبناء سعود وزايد وخليفة وصبّاح مع قرود من أشباه ملوك ورؤساء أقل ما يقال فيهم أن أعظمهم ليس أكثر من مدعي كرامة وشرف لا يليق بتلك المجالس ولا بأهلها...
لكن التحرير آت...
قبلتم أم رفضتم...
سوف تتحرر فلسطين...
فلتشربوا من مياه البحر، انتم والذين خلفوكم...
سنة ١٩٨٥، كنت موظفاً في شركة في إفريقيا يوم أعلنت جامعة كولومبيا في نيويورك العصيان ورفض وجود دولة الكيان العنصري في جمهورية جنوب إفريقيا...
يومها لم يجرؤ أي رئيس في أي بلد إفريقي أن يرتبط اسمه في التعامل مع هذا النظام خوفا من الشعوب الإفريقية الأبية...
امتد العصيان حتى شمل معظم جامعات أميركا والغرب...
خضعت حكومة الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي التي كانت حليفة لهذا النظام...
سقط النظام العنصري، وتحررت جمهورية جنوب إفريقيا تحت قيادة المناضل نيلسون مانديلا...
التاريخ يعيد نفسه، لكن مع شيء من المسخرة، كما يقول كارل ماركس...
المسخرة هي في الأنظمة الرسمية العربية التي تقبع تحت الحذاء الأميركي...
هذه الأنظمة لا تكتفي بالتحالف مع النظام العنصري الاستيطاني الصهيوني، بل هي ذهبت حد الدفاع عنه يوم سخّرت كل قواتها للتصدي للصواريخ اليمنية أو الإيرانية أو العراقية المتجهة لضرب هذا الكيان العنصري...
هذه الأنظمة لا تخاف شعوبها لأنها ببساطة تعرف أن ما عندها ليسوا من أهل الشرف والكرامة والعزة...
ما عندها هي مجموعات من الغنم والماعز ليس إلا...
هل يعقل أن لا يخرج لنصرة غزة من اصل ٢٢ دولة تدعي العروبة إلا ثلاث تنظيمات مقاومة في اليمن والعراق ولبنان...
هل يعقل أن لا يخرج مما يدعي حمل اسم منظمة التعاون الإسلامي المؤلفة من أكثر من خمسين دولة إلا دولة واحدة فقط، حملت على عاتقها طيلة عقود من الزمن تدريب وتسليح وتمويل حرب التحرير الفلسطينية...
عيب يا جماعة...
والله عيب...
خسئتم...
وخسئت كل تلك الابواق، وكل تلك الجموع التي خرجت يوما تتحدث عن تحرير الشعب السوري...
خسئتم، وخسئت كل تلك الأبواق التي حملت لواء الدفاع عن أهل السنة...
نذكركم فقط...
ليس في غزة من أدناها إلى أقصاها شيعي واحد...
لا يوجد في أي بقعة في الضفة كلها من يتبع إيران أو ولاية الفقيه...
رغم هذا، إيران هي الدولة الوحيدة التي قامت والتي تدافع عن غزة وعن فلسطين...
إذا شعرتم بالعار ولم تقوموا بشيء، هذه مصيبة...
أما إذا لم تشعروا بالعار من الأصل، فالمصيبة أعظم لأن لا دم يجري في جيفكم النتنة...