ما قاله سعد الحريري على الMTV ، سماه البعض فتح كوة في جدار الأزمة المستفحلة في لبنان.
هل كان هذا فعلا كذلك، أم كان تقديم أوراق اعتماد لابن سلمان، عله يعطف على الحريري، ويسمح له بتأليف حكومة؟
هل يبتلع الثنائي الشيعي الذي يصر على تسمية نفسه ثنائيا وطنيا، رغم كونه شيعياً بامتياز، ضمن هذا النظام الطائفي المهترىء؛ هل يبتلع هذا الثنائي اتهامات سعد الحريري له بالتعطيل، أم يعتبر كل هذا الكلام مجرد شيك بلا رصيد يحرره سعد الحريري باسم السعودية؟
أكيد أن الأزمة في لبنان وصلت إلى الذروة.
في الحقيقة، لبنان موجود في قلب الأزمة منذ سنين؛ لكن وضع المنطقة كان يستدعي إعطاءَه المسكنات طوالَ هذه السنين، من باريس واحد إلى ما قبل وعود "سيدر" بيوم.
إذ كان لبنان في الإنعاش، بانتظار صفقة القرن، حيث لم يكن الغرب قد قرر بعد، على أي قرن(خازوق)، سوف يضعون هذا اللبنان.
فقط الأغبياء، لا يرون أن هذا النظام مات، وشبع موتا منذ أكثر من خمسة عقود، وأن الطائف "جاء ليكحلها، فعماها"؛ وكذلك فعلت الدوحة.
يستطيع سعد الحريري أن يقول ما يشاء، لكنه في النهاية عندما يعود إلى السلطة، سوف يجد نفسه أمام دولة منهارة، ليس أمامها سوى إما الاستسلام لأميركا، أو.... التصدي.
شخص مثل الحريري بالتأكيد لن يختار التصدي، لا لأمريكا ولا للسعودية. إذا، سوف يختار الاستسلام، والأرجح أن يكون هذا موقفه.
.
ماذا سيكون عندها موقف حزب الله؟
كيف سيتم التصدي لهذا النهج؟
عندما يقول ماكرون في قصر الصنوبر: إنّ لبنان بحاجة إلى عقد سياسي جديد، هذا يعني أن الأزمة أزمة نظام، سواء استساغ سعد الحريري هذا، أم لم يستسغه,.يقول سعد الحريري:إنه ملتزم بالمبادرة الفرنسية.
حسنا، هل هو مستعد للذهاب إلى عقد سياسي جديد، كما طالب ماكرون؟
أم تراه يوافق على المبادرة، بعد إعادة صياغتها؟
الكل يتحدث عن المبادرة الفرنسية، رغم أن الفرنسيين كانوا أول من ضرب هذه المبادرة.
نقطتان مهمتان في المبادرة دفعت بمحمد بن سلمان ومجموعة إسرائيل في أميركا إلى الجنون،
١- الدعوة إلى عقد سياسي جديد.
٢- والدعوة إلى حكومة وحدة وطنية.
في المسألة الأولى، رأى الفريق الإسرائيلي السعودي، أن العقد السياسي الجديد، يعني عقد مؤتمر تأسيسي.
بمعنى آخر، هو نفس الطرح الذي عرضه السيد نصرالله،والذي قامت الدنيا عليه في لبنان، ولم تقعد، بحجة أن هذا المؤتمر سوف ينتهي بتكريس المثالثة، وبالتالي سوف يقوّي الطرف الشيعي داخل النظام اللبناني الجديد.
أما النقطة الثانية، المطالبة بحكومة وحدة وطنية؛ فسوف ينتهي الأمر بأن ترفض هذه الحكومة كل الشروط والخطط الأميركية، بما فيها صفقة القرن، بكل بساطة لأن الحزب سوف يكون داخل هذه الحكومة، ولن يسمح لا بصفقة قرن، ولا ب ٥ أيار جديد ينفذه فؤاد سنيورة أو نواف سلام أو محمد بعاصيري أو أي من أزلام أميركا في لبنان، وهم كثر.
لهذا، يصعب على الكثيرين الفهم عن أية مبادرة يتحدث الجميع؟
يبدو أن كل فريق يقرأ هذه المبادرة بالشكل الذي يريده، فينتهي الأمر بتحول هذه المبادرة إلى مبادرات.
هل يتفق سعد الحريري مع الثنائي "المرح"؟
كل شيء ممكن في بلد العجائب،لبنان.
لكن على ماذا سوف يقوم الاتفاق؟
حكومة جديدة ، مثل الضراط على البلاط.
الحريري يتحدث عن حكومة إصلاحات.
هي نفس الإصلاحات التي كان اتفق عليها مع الثنائي قبل استقالته الشهيرة.
هل يذكر أحد ماهية هذه الإصلاحات؟
أهم ما فيها الخصخصة.
بمعنى آخر، سطو جماعة ال 0.85٪ من الشعب اللبناني على كل مقدرات الدولة؛
تماما كما فعل لصوص الانفتاح في مصر أيام السادات ،حيث وضعوا أيديهم على كل منجزات عبدالناصر بأبخس الأثمان،
فاغتنوا هم وأُفقرت مصر.
وكأنه بعد الإفقار الذي نعيشه الآن، يوجد مستوى أكثر سوءا؟
سوف يقول الحزب : إنه مكره أخاك لا بطل.
سوف يمشي مع الحريري.
سقف الحريري معروف.
كان أملنا أن يصل البلد إلى سقف أعلى بكثير.
كان أملنا أن يقود حزب الله البلد إلى هذا السقف العالي.
ثقتنا بالحزب آتية من منجزاته في الدفاع عن لبنان وفي إسقاط المشروع الأطلسي في سوريا.
لكن بالتأكيد لن يستطيع الحزب جر الحريري إلى ذلك السقف العالي المطلوب لبناء وطن.
ما سوف يجري، إذا نجح، سوف يؤمن جرعة مورفين جديدة لهذا النظام الطائفي، ليلتقط أنفاسه ويعيش سنتين و بعض، قبل أن يعود لينفجر.
في احسن الأحوال، سوف يُثبًت زواج الطائف مع الدوحة، فيخرج علينا مخلوق هجين ثلاثي الأبعاد، سني شيعي مسيحي.
كل ذلك لأن اللبنانيين لم يصلوا إلى النضج الكافي للخروج بالملايين إلى الشوارع لفرض نظام الدولة المدنية.... النظام الوحيد الذي يمكن أن يبني وطنا على أنقاض إمارات الطوائف الموجودة الآن.
لا، "والانكى" من ذلك، أن الكل يتحدث عن الدولة المدنية وعن كارثية الطائفية، ثم يعود كل إلى موقعه في تناتش هذا الوطن المنكوب ليس فقط بزعمائه، بل بكل فئاته دون استثناء.