ليلة القبض على كولومبيا
مقالات
ليلة القبض على كولومبيا
حليم الشيح
2 أيار 2024 , 11:37 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ:

بعد ست وخمسين سنة بالضبط والكمال، اقتحمت شرطة مدينة نيويورك جامعة كولومبيا من أجل تفكيك مخيم رفض الإبادة التي تجري في فلسطين...

في المرة السابقة، سنة ١٩٦٨، كان الهدف وقف الحرب في فيتنام...

اليوم أعاد موقع Democracy now لقطات من تلك الأيام لأحد المشرفين على هذا الموقع، Juan Gonzalez...

تأخر تخرج خوان يومها عدة سنوات؛ لكن المناضل اليساري الأميركي لم يندم، ودعا الطلاب إلى عدم التراجع، وعدم الندم لأن الحياة تستأهل أن يناضل الإنسان من أجل القضايا العادلة...

من وجهة نظر خوان، الإنسان الأميركي يتأسس اليوم في قلب النضال...

لم ينس خوان الإشارة إلى العار الذي سوف يلحق بمعظم رؤساء الجامعات الأميركية بسبب خضوعهم للاستبداد والتخلي عن حقوق تاريخية في حرية الطلبة في التعبير عن الرأي داخل الجامعات، والسماح للشرطة بالدخول إلى حرم تلك الجامعات...

وكأن المفاوض الانتهازي المصري الخائن الذي يخضع لاسرائيل وأميركا بالكامل في لعب دور الوسيط لا يكفي، اتحفتنا رئيسة جامعة كولومبيا من أصول مصرية، نعمت شفيق، بتسهيل كل شيء أمام اسرائيل والإدارة الأميركية للانتقام من الطلاب في الوقت الذي نجح فيه طلاب جامعة براون في انتزاع قرار من الجامعة هناك بإلغاء كل الاستثمارات في اسرائيل...

هذا الأمر رفضته نعمت شفيق بكل إصرار لإثبات مدى تبعيتها للدولة الصهيونية العميقة في أميركا...

نعمت شفيق تلك، لا بد أن تكون من ذلك الجيل الذي ترعرع في مصر بعد أن باع (الرئيس المؤمن!!) محمد انور السادات شرف مصر ببضعة زجاجات كوكا كولا وهمبرغر ماكدونالدز، ومنذ ذلك اليوم، لا يزال الشعب المصري ينتظر بوتين مصري يركل كل تلك الثعالب من كروم مصر حتى ترجع مصر فعلا أم الدنيا وليس مجرد جمهورية موز مهترئة من كثرة الإفتعال بها...

يشاء تسلسل الأحداث أن يكون اليوم هو موعد رد حركة حماس على ورقة أميركية /اسرائيلية، تطوع المخبر المصري لتبنيها كي يثبت أهليته لموقع العمالة الذي كان لشاه إيران في غابر الأزمان...

حتى قطر، خجلت من ذلك الدور، وتركت الخزي والعار لنظام السيسي ونظام محمد بن زايد ومن لف لفهما ممن يتلقى البصقات بانتعاش كما المطر...

سبحان الله...

ده ربنا له حاجات... كما يقول عادل إمام...

يتصرف المصري استنادا إلى التوجيهات الاسرائيلية وكأن حماس في مأزق...

لم يفهم هؤلاء أنه كيفما دارت الأمور، خلاص... النتيجة لن تتغير...

لقد انتصرت فلسطين...

ما كتب في السابع من أكتوبر قد كتب...

حتى لو تم القضاء على ٩٩٪ من رجال حماس، وهو ما لم يحصل باعتراف الموساد الذي تحدث عن القضاء على حوالي ٢٠٪ من قوة هذا التنظيم حتى اليوم...

خلاص، فلسطين انتصرت...

صحيح أن المجازر التي ارتكبت بحق هذا الشعب لا مثيل لها في العصر الحديث...

لكن الدم الفلسطيني انتصر على كل السيوف التي تكالبت عليه منذ أن كانت القضية، بما في ذلك سيوف قرود العرب...

لم يعد يهم؛ لا خونة ولا عملاء...

كل هؤلاء إلى مزبلة التاريخ عاجلا ام آجلا...

اليوم، يقف العالم كله على رجل ونصف...

نظام السيسي يقف على نصف رجل، وهو أعجز من فعل أي شيء حين تقع معركة رفح...

نظام بن زايد أمن الخيم ودفع الثمن في الصين لتأمين عدم إحراج اسرائيل وأميركا رغم أن الجرائم التي حصلت لن يمحوها أي شيء...

الإمارات المهووسة بكثرة المال وقلة الشرف والكرامة مصرة على لعب دور كلب راعي قطيع الغنم...

("إذا الواحد بدو يكون كلب، شو ما عملت، لا تستطيع أن تقنعه بأن نباحه خارج السياق التاريخي...)

الخليج كله، كما نظام السيسي، يقف على نصف رجل...

لا يعرف ماذا يفعل...

فهو كان دخل في التآمر على فلسطين إلى قلب قلب هذا التآمر...

وصل الأمر بهؤلاء إلى تغيير نصوص قرآنية بأوامر أميركية اسرائيلية...

اميركا التي كانت قد قامت بإضافة نصوص على العهد القديم عند المسيحيين سنة ١٩٠٣، ثم زادت على ذلك سنة ١٩٧٦ من أجل تثبيت وعد الهي مزعوم وشعب مختار مزعوم هو الآخر، عملت على نفس الأمر في القرآن فإذا بالخليج ينفذ الأوامر وكأن الوحي نزل على صعاليك هذا الزمن الرديء ولم ينزل على محمد...

يهدد هؤلاء الجبناء وأسيادهم بمجازر جديدة ضد فلسطين في حال لم تتراجع حماس...

ساعة يهددون باجتياح رفح وعشرات الآلاف من الشهداء، وساعة أخرى يجتاحون الضفة لإثبات عدم اهتمامهم بالرأي العام العالمي...

مهما ارتكبوا من جرائم...

لقد فعل السابع من أكتوبر فعله، ولا يوجد قوة على الأرض تستطيع تغيير ما حصل...

لكي يعيدوا عقارب الساعة إلى ما كانت عليه عليهم الآن القضاء على ملايين من الفلسطينيين...

اميركا والغرب واسرائيل وحتى الاعراب لا يهمهم ذلك...

لكنهم يعرفون النتيجة منذ الآن...

سقوط الغرب أصبح واقعاً بعد السقوط الأخلاقي الكبير...

قد يعتقد الكثيرون أن أغلبية المظاهرات في الغرب هم من العرب أو حتى من لاجئي دول العالم الثالث...

الحقيقة التي تعرفها كل أجهزة

المخابرات الغربية هي أن المواطنين في هذا الغرب بدأوا يسألون اسئلة تصعب الإجابة عليها...

على الأقل، بدأ السؤال يطال قدسية السردية الإسرائيلية عن الهولوكوست...

وما زاد الطين بلة حسب آخر المعطيات هو إن الضربة الإيرانية لم تكن فقط ناجحة، بل أثبتت ضعف التحالف الغربي وعجزه عن صد هذه الضربة...

في آخر تسريب إسرائيلي وفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية أن كل القبب الحديدية الأميركية والاطلسية لم تستطع إسقاط أكثر من صاروخين باليستيين ايرانيين في إحدى الموجات التي كانت تتألف من ثمانية صواريخ إيرانية...

ربما لا تريد حركة حماس الإشارة إلى هذه الفضيحة عند التحدث مع المفاوضين المزعومين من الأعراب...

لكن الحقيقة تبقى ساطعة...

حتى محور المقاومة، لا يستطيع البقاء خارج الملعب حين ارتكاب مجازر مليونية...

حتى محور المقاومة سوف يضطر مرغما على الدخول في الحرب مهما كانت الكلفة...

هو لا يريد الحرب...

لكنه كسب هذه الحرب بعيد الضربة الإيرانية...

ما تفعله جبهات الإسناد خارج توقعات أهل الذل من الأعراب...

هو إذا عجز عن ردع الأميركي، فلا حل أمامه سوى الدخول في الحرب مع كل ما يعنيه ذلك من حرب عالمية سوف تجر كل القوى الأخرى إلى أتونها...

لذلك...

حماس ليست ملزمة باي تراجع...

لذلك، محور المقاومة بكامله ليس ملزما بأي تراجع...

تبييض السجون يجب أن يبقى إلى جانب وقف الإبادة ورفع الحصار دون قيد أو شرط...

شرط إعادة الإعمار يجب أن يترافق مع إجبار كلاب أميركا على إعادة إعمار كامل غزة وفرض وضع الضفة وفلسطين ال ٤٨ تحت وصاية دولية لحماية الشعب الفلسطيني...

الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني كبير جدا حتى يرضى بأقل من هذا...

الضغط على قيادة المقاومة في غزة بالمزيد من الجثث يجب أن لا ينجح...

الدماء التي سالت تصبح بلا قيمة إذا لم يتم قبض الثمن لكل الشعب الفلسطيني وكل جبهات الإسناد...

الحديث عن إعادة الإعمار في لبنان واليمن والعراق وسوريا يجب أن يكون جزءا من الحل..

إما ذلك، وإما أن لا تتوقف الحرب، وليكن ما سوف يكون...

إذا كنا نحن نقتل كل يوم، فيجب أن يقتلوا هم أيضا كل يوم...

قتلهم ليس صعبا...

اسألوا ليلى خالد، ومن بقي حيا من فدائيي الستينيات والسبعينيات...

إنها لثورة حتى النصر...

لسنا أضعف من فيتنام، وقد تجاوزنا فيتنام...

الذي لا يصدق، عليه فقط قراءة ما يحث على كل الجبهات وما يحدث في ساحات الغرب...

قريبا سوف يعود جيل سوف يسيطر على وول ستريت...

عندها سوف تسقط الإمبراطورية على رؤوس كل الاغبياء الذين لا يرون ما يجب أن يرى...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري