قد يراها البعض مفاجئة سياسية كبرى، تصريحات وزير جيش دولة الفاشية اليهودية، يوآف غالانت العلنية والمباشرة ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، اتهامات تصل إلى حد "الخيانة" بالحديث عن خياره استمرار الحرب في قطاع غزة على خيار "البديل" الذي تبحث أطراف المنطقة، بمشاركة الولايات المتحدة.
لم يسبق في تاريخ دولة الكيان، ومنذ 76 عاما بعد قيامها اغتصابا على أرض فلسطين، أن يخرج وزير المؤسسة الأمنية، القائم بالعمل وليس السابق، باتهام رئيس الحكومة بتلك الاتهامات، التي تعتبره المسؤول عن مجمل التطورات في حرب غزة، وتحديدا رفضه الحديث عن يوم تالي سياسي لليوم العسكري، كمؤشر واضح، أن العلاقة كسرت وإلى غير رجعة.
في مارس الماضي، حاول نتنياهو إقالة غالانت في سياق التباين الأمني، لكنه تراجع مكرها تحت ضغط ليكودي، وضغط عسكري أمريكي، أزمة تطل ثانية براسها، ولكن بشكل مختلف تماما، كون المؤسسة الأمنية بكاملها تقف الى جانب وزير الجيش في موقفه الاتهامي لنتنياهو، بأن حساباته لا تتوافق ومصلحة الكيان وأهدافه في حرب غزة، مع تأييد علني من حزب غانتس ورئيس المعارضة لابيد، وموقف أمريكي علني لصالحه.
وإلى جانب مستقبل ما سيكون حربا، عادت قضية تجنيد ما يعرف بـ "الحريديم" للظهور، حيث تطالب المؤسسة الأمنية والمعارضة بمساواة بينهم وبين غيرهم، ما يرفضه نتنياهو رضوخا لتحالفه الحكومي الخاص.
استباقا، فالحرب الدائرة بين المؤسسة الأمنية بكامل فروعها، بقيادة غالانت ضد نتنياهو وتحالفه المصغر، بن غفير وسموتريتش لا يرتبط بجوهر الحل السياسي للصراع ومستقبل العلاقة مع الشعب الفلسطيني، فكلاهما يمتلك ذات الثوابت التي تتوافق جوهريا مع رؤية أمريكا، من حيث، رفض قيام دولة فلسطين وفقا لقرار 19/67 لعام 2012، وقبلوها عضوا كاملا في الأمم المتحدة، ورفض أي شكل من أشكال السيادة على الحدود والمعابر، والسيادة الأمنية العلياـ مترافقا مع رفض تنفيذ قرار 194 حول حق عودة اللاجئين، وتوافق على بقاء الوجود الاستيطاني في الضفة والقدس وتقسيم الحرم القدسي ضمن رية تهويدية، ثوابت تخرج عن أي صراع داخلي بالمؤسسة الصهيونية العامة.
وبالتأكيد، ما يراه "فريق أمريكا" اليهودي في داخل الحكم الإسرائيلي لقطاع غزة، لا يذهب لوقف حرب وانسحاب كامل لجيش الاحتلال، والخروج من المعابر كافة لصالح الشرعية الفلسطينية، أي كانت تكوينها الداخلي، بل خلاف على طبيعة الإدارة التي تريدها أمريكا، ودور جيش الاحتلال في القضية الأمنية داخل قطاع غزة، دون وقف بناء المنطقة العازلة او معكسر نتساريم لتقسيم القطاع، إلى جانب "السيطرة الأمنية" على الممر البحري.
المعركة – العاصفة التي فتحت أبوابها، هي بداية متسارعة لموقف أمريكي بات يعتبر وجود نتنياهو الخطر الأبرز على رؤية إدارة بايدن حول ترتيبات اليوم التالي لحرب غزة، سواء ما يرتبط بها فلسطينيا، أو بترتيبات أمنية – اقتصادية وسياسية مع دول الإقليم، خاصة البحر الأحمر، ومشتق منها توسيع مفهوم "التطبيع" مع دولة الكيان، بالتركيز راهنا على العربية السعودية.
والى جانب "ترتيبات أمريكا" لليوم التالي لحرب غزة، وما يمثله نتنياهو من عقبة مركزية أمامها، فهو فتح باب توتر هو الأخطر منذ سنوات مع مصر، بعد احتلاله معبر رفح ورفع علم الكيان في فعل لا يمكن الصمت عليه مصريا، لاعتبارات متعددة، دفع القاهرة لفتح نيرانها السياسية – الإعلامية، بما فيها الانضمام لجنوب أفريقيا في طلبها للعدل الدولية، خطر نتنياهو يهدد ليس ما سيكون من استراتيجية تريدها الولايات المتحدة مستقبلا، بل إنه يهدد ما كان من "قواعد" سلوك سياسي لا تربكها في ظل نمو الصراع العالمي.
خطر نتنياهو وتحالفه المتطرف المصغر داخل التحالف الموسع، أصبح خطرا على اليهود ذاتهم، داخل الكيان، وتصاعد وتير العنصرية والتطرف ضد يهود وعرب، وخطر على اليهود في العالم، حيث تسارعت حركة الكراهية لدولة الكيان، جراء جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وأثرها العميق على وعي جيل شبابي جديد، يرى ما لم يراه، وما يماثل ما قد قرأ عنه أو شاهده فيلما وثائقيا، بات يراه واقعا حيا.
نتنياهو بات خطرا شاملا للمنظومة الأمريكية، في الولايات المتحدة وخارجها، وربما أصبح إسقاط حكومته شرطا من شروط المعركة الانتخابية الداخلية، والتنافس مع ترامب على منصب الرئيس، التي اقترب موعد انتخاباتها، وخاصة بعدما باتت الجامعات الأمريكية ساحة مواجهة مكشوفة، تعيد الاعتبار لفرض القضية الفلسطينية على الخبر الإعلامي الأمريكي، وتعود كما كانت خلال حرب المواجهة الكبرى بين 2000- 2004، خبرا رئيسيا في المشهد الأمريكي.
المهمة المركزية أمام الذهاب نحو وضع "رؤية أمريكا" وتحالفها اليهودي في دولة الكيان لليوم التالي لحرب غزة، موضع التنفيذ بالممكن السياسي، تبدأ من "إسقاط نتنياهو"، بما ينهي "حكم التمرد"، الذي يربك إدارة بايدن وخطتها.
ولذا جاءت "عاصفة غالانت" رصاصة تسريع الفعل الذي بات ضرورة لا بد منها لليوم التالي: "إسقاط نتنياهو".
ملاحظة: من مكاذب البيت المسود، انهم مش قادرين يطلعوا مجموعة أطباء أمريكان عاملين في قطاع غزة..طيب لو صدقنا حكيكوا ومش قادرين تنقذوا مواطنيكم معقول نصدق انكم ناويين تنقذوا أهل القطاع..دولة حتى بالكذب صارت هاملة..بس شو نعمل مع الأهمل منكم عنا وحولنا..
تنويه خاص: شي غريب أن يغيب الرئيس عباس عن ذكرى النكبة..فهمنا انه راح "قمة البحرين"، لكن ما كان قادر يسجل خطاب وينشره..القصة لا سقط سهوا ولا يحزنون..النكبة مش خبر خاص ولا حدث عادي ...نسيانها بيفتح كل الأسئلة المحرمة واللي مش محرمة...لش عمل هيك..وبلاش الهبل يتهابلوا تبريرا!