*عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين*
*يصادف اليوم الذكري المشؤومة لمعاهدة أو اتفاق 17 أيار. وهو مشروع اتفاق سلام تم التوصل إليه في 17 مايو 1983 بين الحكومة اللبنانية وإسرائيل إلا أنه ألغي قبل المصادقة عليه بعد أقل من عام أمام الرفض الشعبي والاعتراض السوري.*
*جاء الاتفاق في ظروف الحرب الأهلية اللبنانية والاجتياح الإسرائيلي للبلاد وحصار بيروت في عام 1982.*
*وسياسيا تسببت المعاهدة وإلغاؤها في اهتزاز حكم الرئيس أمين الجميّل وبروز دور حركة أمل وإضعاف الزعامات الشيعية والسنية التي أيّدت الاتفاق أما على المستوى الخارجي فقد نتج عن إلغاء الاتفاق دعم موقف سوريا وهزيمة دبلوماسية لإسرائيل وفشل للدور الأمريكي في لبنان.*
*وكان الشهيد محمد نجدي بمثابة الشرارة التي أشعلت نار الإنتفاضة والتحدي لإسقاط هذا الإتفاق مع العدو الصهيوني وفي التفاصيل:-*
*خرجت جموع المصلين من مسجد الإمام الرضا عليه السلام في بئر العبد بعد الصلاة ليتفاجأوا بأعداد كبيرة من عناصر الجيش اللبناني تحاصر المسجد*
*فارتفعت الأيادي لتواجه البنادق وصدحت التكبيرات وواجه الجيش جموع المصلين بإطلاق الرصاص فارتقى محمد نجدي شهيدًا، وحُمِل جثمان الشهيد مع التكبيرات وصيحات الغضب فاضطر الجيش إلى الإنسحاب.*
*فقد أسقط دم الشهيد نجدي اتفاق 17 أيار وأشعل إنتفاضة لولاها لما سقط؛ ولما بقي لبنان على ما هو عليه اليوم.*
*وهكذا سقط الإتفاق حسب ويكيبيديا*
لاقى اللبنانيون ذلك الاتفاق بالرفض الشديد معتبرين أن اتفاق 17 مايو هو اتفاق العار. وزادت العمليات العسكرية من قبل منظمات المسلحة داخل لبنان حتى كادت أن تطول إحدى جولات التفاوض. وانطلقت أشد الحملات ضد هذا الإتفاق من مسجد الرضا في الضاحية الجنوبية لبيروت.*
وذلك بناء على القرار الصادر من نبيه برّي رئيس حركة امل إلى الجيش، بأن على الجيش اللبناني أن يتمرد على أوامر قيادته العسكرية ويجعلوا من هذا التمرد انتفاضة في وجه الحكم الكتائبي والفئوي وسقطت كل الأوراق وسقط معها اتفاق معاهدة 17 من مايو والذي وصفته حركة أمل بأنه اتفاق الذّل والعار، وكادت هذه الاتفاقية أن تتحول إلى ما يسمى المحمية الصهيونية بامتياز، فكان لحركة أمل دور في إنهاء اتفاقية 17 أيار والتي تعتبر عاراً عن جبين اللبنانيين.
صرّح نبيه بري ومن أمام قصر بعبدا الرئاسي بعد التوقيع على الاتفاق من قبل الجانبين اللبناني والإسرائيلي بأن هذا الاتفاق ولد ميتاً، وبعدها توالت الأحدات، وزار جورج شولتز وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وريتشارد مورفي المساعد للشرق الأدنى سوريا حيث قابلا الرئيس السوري حافظ الأسد وشرحا له فيها عن الاتفاق بين لبنان وإسرائيل، وبعد أربع ساعات من الشرح من قبل الموفد الأميركي، أدلى الرئيس حافظ الأسد بالعبارة التالية: إن هذا الاتفاق لن يمر. وبعدها بأيام أنهي الاتفاق على أيدي مقاتلي حركة أمل، وبإنهاء هذا الاتفاق أُعيد لبنان مكانتها العربية.
وقد كان لتوقيع الاتفاقية تداعيات على مستوى الداخل اللبناني أبرزها نشوب الاقتتال الداخلي وانقسام المشهد السياسي بين الحكومة والرئيس أمين الجميل المتمسكين بالاتفاق من جهة وجبهة الإنقاذ الوطني ومن ورائها سوريا الرافضين له من جهة ثانية. فمنذ ذلك التاريخ، بدأت المتاعب الفعلية في لبنان. ففي 19 أيار/مايو اندلعت حرب الجبل التي انتهت في 19 أيلول/سبتمبر 1983 بسيطرة الحزب التقدمي الاشتراكي على كل القرى الجبلية، تلتها انتفاضة 6 شباط/فبراير 1984 في بيروت وسيطرة القوى الرافضة لاتفاق 17 أيار على القسم الغربي من العاصمة.
وفي الفترة التي شهدت تصاعدا لوتيرة استهداف القوات الأسرائيلية والأجنبية داخل لبنان، خاصة بعد حادث مقتل عدد كبير من قوات المارينز والمظليين الفرنسيين، اتجه الرئيس أمين الجميل إلى إعلان إلغاء اتفاق 17 أيار مع إسرائيل، وتحت ضغط الرفض الشعبي قامت الحكومة اللبنانية ومجلس النواب اللبناني باعتبار هذا الاتفاق باطلا وقاموا بإلغائه بعد أقل من عام على اعتماده وبالتحديد في 5 مارس 1984.