لم يكترث نتنياهو يوما لأمر الأسرى، فتكليفه إبادة الفلسطينيين لإنشاء الغيتو العنصري لليهود فقط
مقالات
لم يكترث نتنياهو يوما لأمر الأسرى، فتكليفه إبادة الفلسطينيين لإنشاء الغيتو العنصري لليهود فقط
عدنان علامه
9 حزيران 2024 , 22:07 م


عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

في 7 اكتوبر قال نتنياهو بأن العماليق حضروا إلى "بيوتنا وقتلونا ويريدون أن يقتلوا كل يهودي. فأعلن مباشرة تفعيل "إجراء هانيبال أو بروتوكول هانيبال" المُجَمّد منذ العام 2016.

فتوجيه هانيبال أو بروتوكول هانيبال (بالعبرية: נוהל חניבעל) هو الاسم الكودي لتوجيه عسكري تطبقه قوات جيش الدفاع الإسرائيلي ويتعلق بكيفية رد الوحدات الميدانية عندما يؤسر جندي من قبل قوات معادية. يسمح هذا التوجيه باستخدام الأسلحة الثقيلة في حالة أسر أي جندي إسرائيلي لمنع الآسرين من مغادرة موقع الحدث؛ ووفقًا لعدة مصادر صحفية، يمكن استخدام الأسلحة الثقيلة حتى لو شكل ذلك خطرًا على حياة الجندي المخطوف. وكانت أول صياغة لهذا التوجيه في عام 1986 من قبل الجنرال أوري أور وجابي أشكنازي وقائد المنطقة الشمالية عمرام ليفين ورئيس مجلس الأمن القومي الجنرال احتياط يعقوف عامي درور.

وذكرت صحيفة هاآرتس الإسرئيلية أن رئيس أركان الجيش غادي أيزنكوت ألغى التوجيه العسكري في يونيو 2016. وتقول واحدة من الروايات إنه " يجب وقف الاختطاف بكل الوسائل، حتى لو كان ذلك على حساب ضرب قواتنا والإضرار بها".

فطبًق نتنياهو بروتوكول هانيبال وأمر الطيران المروحي بقصف المحتفلين في مهرجان سوبر نوفا الموسيقي بحجة أن المسلحين أخذوا رهائن.

وذكرت صحيفة هآرتس بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 : " إن تعمُد القصف؛ تفعيلًا، ونفاذًا لقاعدة معمول بها في جيش الكيان الصهيوني، بقتل الأسرى مع آسريهم ، كلما كان ذلك مُتاحًا ( برَتوكول هانيبال).

ويؤكد هذا، فظاعة القصف الجوي الغاشم الذي مارسه جيش الاحتلال، ضد قطاع غزة؛ رغم خطورته على أسراه العسكريين، والمحتجزين لدى المقاومة. ويُرَجِح هذا الاحتمال مُجَددًا، زلة لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مع بداية قصف غزة، "بإمكانية احتساإ "المحتجزين والأسرى" ضمن الضحايا".

وأمر نتنياهو الدبابات بقصف بعض الوحدات السكنية في سديروت وعدة مستوطنات في غلاف غزة. وأمر نتنياهو بتدمير مركز شرطة مستوطنة سديروت بحجة وجود مسلحين بداخلها.

والأخطر من ذلك فإن نتنياهو كان يطلب من كافة المسؤولين الذي زاروا إسرائيل ترداد لازمة مكتوبة سلفًا : "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وعن شعبها". فنتنياهو يعلم في قرارة نفسه بأن قوة الإحتلال التي يمثلها لا تتمتع بهذا الحق؛ فهناك عدة قرارات من مجلس الأمن تصف إسرائيل بقوات إحتلال في غزة والقدس والضفة الغربية.

ولقد إستغل نتنياهو ما حصل في 7 أكتوبر وضخّم الأمور وتحوّل من جلّاد إلى ضحية وزعم أن مسلحي حماس قتلوا 364 مدنيًا واغتصبوا النساء وقطعوا رؤوس الأطفال ووزع هذه "البروباغندا" بكثافة حول العالم لتشويه سمعة حماس؛ وكان يكرر هذه الأكاذيب لكل ضيف VIP كان يزور فلسطين المحتلة.

وقد تبين بعد مرور 7 شهور زيف كل الإدعاءات؛ ولكن لن تغير في الواقع شيئًا بعد إستغلالها الدنيء والخسيس طيلة هذه المدة.

وقد أكد نتنياهو في رسالة وزّعها مكتبه بتاريخ 03 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 على إستحضار أساطير وقصص إدعى اإنها من التوراة لتنفيذ أفظعوأبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين حيث وصلت حصيلة الإبادة الجماعية أكثر من 140.000 مدني فلسطيني بين شهيد ومصاب ومفقود. وأمس فقط إرتفى 210 شهداء وأكثر من 400 جريح؛ وعدد الشهداء مرشح للإرتفاع بسبب بقاء مستشفي واحد في الخدمة وهو مهدد بالتوقف بسبب نفاذ الوقود ونفاذ المواد الطبية الممنوعة من الدخول بسبب الحصار.

وللتأكيد على وجهة نظري وتحليلي؛ فقد وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة 03 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 ، رسالة إلى الجنود الإسرائيليين في غزة أكثرَ فيها الاقتباسات من التوراة، لتحريضهم ضد قطاع غزة.

فكتب نتنياهو مخاطبًا الجنود لحثهم على تنفيذ الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين : "أذكر ما فعله بك عماليق".

وهذه فقرة من سفر التثنية نصها "اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ".

ويمثل العماليق ذروة الشر في التقاليد اليهودية، ويستخدم هذا التعبير للإشارة إلى الشعوب التي تُهدِّد الوجود اليهودي، واستخدمه نتنياهو أكثر من مرة في تحفيز الجيش الإسرائيلي في حربه ضد قطاع غزة.

وهذا هو مضمون قصد نتنياهو عن إستحضار العماليق : في كتاب صموئيل، الفصل 15، تقول الآية 3: "والآن اذهب واضرب العماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعفوا عنهم. بل اقتلوا على السواء الرجل والمرأة، الطفل والرضيع، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً".

كما اعتبر نتنياهو في رسالته أن "هذه حرب بين أبناء النور وأبناء الظلام، لن نتوقف عن مهمتنا حتى يتغلب النور على الظلام".

وأضاف: "سيهزم الخير الشر الشديد الذي يهددنا ويهدد العالم بأسره"، وفق تعبيره.

وفي موقع آخر من الرسالة، قال "الحاخام " نتنياهو: "كلكم من نسل سلسلة الأبطال الذين لم يترددوا ولم يتراجعوا - يهوشوع بن نون، دبورة النبية، الملك داود، يهودا المكابي، بار كوخبا، جوزيف ترومبلدور، المقاتلون السريون، الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن. لقد أمسكوا بسيف درع إسرائيل إلى الأبد، وأنتم تسيرون على خطاهم".

واقتبس في رسالته من (مزمور 3:18): "تُمَنْطِقُنِي بِقُوَّةٍ لِلْقِتَالِ. تَصْرَعُ تَحْتِي الْقَائِمِينَ عَلَيَّ".

ثم قال" الحاخام" نتنياهو في رسالته: "ليسمح الرب أن يوبخ أعداؤنا الذين قاموا علينا في وجوههم! فليحفظ القدوس المبارك جنودنا ويحفظهم من كل ضيق وضيق، ومن كل مرض وسقم، وليباركهم ويوفقهم في كل أعمالهم. ويزينهم بتاج الخلاص وتاج النصر".

وختم نتنياهو رسالته "بعون الرب، معًا سننتصر".

فإذا دققنا في مضمون الرسالة فلن نجد أي كلمة تحث على إعادة الأسرى وبذل أقصى الجهود لتحريرهم؛ بل كانت بمثابة فتاوى لإستباحة الدم الفلسطيني.

ولا بد من التدَكير بالخارطة التي رفعها نتنياهو أثناء إلقاء خططه حول مشروع الشرق الأوسط الجديد أثناء إنعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدةبتاربخ 22 أيلول/سبتمبر 2023 : فالخارطة ازالت فلسطين والضفة وقطاع غزة.

وكان نتنياهو يستبطن الحرب ونرجسيته وجنون عظمته لم تمنعاه من البوح بسر طرح مشروع الشرق الاوسط الجديد فغرَّدَ : "إن أعظم إنجاز في حياتي هو أن أقاتل من أجلكم ومن أجل بلدنا".

وصرّح ‏بتاربخ 29 شباط/فبراير 2024 : "إن هدف العملية السياسية هو منح العملية العسكرية الوقت لتحقيق  الانتصار الحاسم".

فنتنياهو إمتثل لتعليمات الحركة الصهيونية الدولية بتنفيذ الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للفلسطينيين لأن حلم هرتزل ب" وطن قومي يهودي في إطار قانوني" لم يتحقق بعد مرور 126 عام.

وقد تبلّغ نتنياهو بقرار المنظمة الصهيونية العالمية عبر الذين حضروا إلى بازل في سويسرا يوم الأحد الموافق 28 آب/ أغسطس 2022 بحجة الإحتفال بالذكرى الـ125 للمؤتمر الصهيوني الأول. وقد حضر حوالي 1400 صهيوني من القيادات والنخب المختلفة. وما مشروع الشرق الأوسط الجديد سوى حجة واهية لإبادة الفلسطينيين لإنشاء الغيتو العنصري لليهود فقط. ولذا فقد تم تدمير كل أسباب الحياة في غزة بعد إقتراف نتنياهو وجيشه أبشع وأفظع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بالشراكة الكاملة مع امريكا والدول الأوروبية؛ فقد زودت أمريكا وحدها إسرائيل بحوالي 1.000.000 طن من المتفجرات بين صواريخ تدميرية زنة 1000 و 2000 باوند وقذائف الدبابات وقذائف مدفعية الهاوتزر الموجهة بالليزر.

فقد تم تدمير المستشفيات، ومدارس الإونروا، والأفران، ودمروا الأبار والبنى التحية؛ ومنعوا وصول الماء والكهرباء والغذاء والدواء والوقود.

وفي الخلاصة لقد نسف نتنياهو وبدعم وتنسيق كامل مع بايدن وبلينكن القانون الإنساني الدولي.

فيجب محاكمة كافة مجرمي الحرب في فلسطين المحتلة.

وإن غدََا لناظره قريب

09 حزيران/يونيو 2024

المصدر: موقع إضاءات الإخباري