الجيش ينتفض في وجه نتنياهو ويقول له كفى…كفى…
مقالات
الجيش ينتفض في وجه نتنياهو ويقول له كفى…كفى…
عدنان علامه
21 حزيران 2024 , 21:53 م

عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

نشرت شبكة سكاي نيوز عربية عن صحيفة "إسرائيل هيوم" الخبر العاجل التالي يوم الأحد الماضي : "الجيش أبلغ نتنياهو بأنه لم يحدث تغيير في سياسته وأن القتال في رفح مستمر كما هو مخطط له"

وقد علّقت على الموضوع بالتالي : "لفتني عنوان الخبر العاجل؛ لأن الجيش ينفذ الأوامر السياسية وليس العكس" .

"ولدى قراءة التفاصيل تبين لي أنه لا يوجد أية علاقة للخبر بالعنوان؛ لأن المضمون يتحدث عن تجميد النشاط العسكري في غزة من معبر كرم أبو سالم وحتى شمال غزة يوميَا من الساعة الثامنة صباحًا وحتى السابعة مساءً وحتى إشعار آخر لإيصال المواد الغذائية".

"لذا آمل التدقيق في كل ما ينشر من أخبار والتدقيق بها. وبالنسبة لتجميد إسرائيل للعمليات العسكرية من طرفها وبدون اي إتفاق والسماح بتدفق المواد الغذائية أمر يثير الريبة لأنه ليس من عادتها.

وهذا يجب أن يكون العنوان"

"فلننتظر الميدان بما سيخبرنا في الساعات القادمة؛ لأن العبرة في التنفيذ.

وجاء رد نتنياهو بسرعة البرق؛ فهاجم مباشرة القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلي بعد أن أعلنت عن "هدنة تكتيكية" في مدينة رفح بقطاع غزة "دون التنسيق معه" حسب قوله. وأكد أن هذه الهدنة "غير مقبولة"، وأنه "سمع عنها عبر الإعلام".

وأضاف نتنياهو أن "إسرائيل دولة لديها جيش، وليست جيشًا لديه دولة"، وأكد أن "هناك من يريد تغيير أهداف الحرب (على قطاع غزة) على غرار الوزيرين المستقيلين"، في إشارة لبيني غانتس وغادي آيزنكوت اللذين استقالا من حكومة الطوارئ الأسبوع الماضي، معتبرا أنهم "يريدون قرارات انهزامية".

وجاءت الضربة الثانية على رأس نتنياهو من المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانييل هاغاري حين قال :" إن الحديث عن تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ذر للرماد، وطالما لم تجد الحكومة بديلا لحماس فالحركة ستبقى".

وأضاف هاغاري في مقابلة مع القناة الـ13 الإسرائيلية أن "الاعتقاد أن بالإمكان تدمير حركة حماس وإخفاءها هو ذر للرماد في عيون الإسرائيليين".

ولفت إلى أن حماس فكرة وحزب، وأنها مغروسة في قلوب الناس، ومن يعتقد أن بإمكاننا إخفاءها فهو مخطئ، وأكمل قائلا "هي فكرة لا يمكن القضاء عليها، فالإخوان المسلمون موجودون في المنطقة".

وقال الأدميرال دانييل هاغاري، إن "أولئك الذين يعتقدون أننا قادرون على جعل حماس تختفي مخطئون".

وفي حين لم يحدد هاغاري من قصدهم عندما استخدم كلمة "أولئك"، فإن تصريحاته خلال المقابلة أدت إلى رد سريع من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال: "إن تدمير حماس يظل هدفا رئيسيًا للحرب“.

فهذا السجال عاى هذا المستوى خطير جدًا في مواقف الجيش من نتنياهو؛ وهي بمثابة "ضرب تحت الحزام"؛ فلسان حاله يقول كفى…كفى… بصوتٍ عالٍ جدًا.

وفي تقديري للموقف فإن الجيش لم يعد يحتمل شلالات الكذب الذي يطلقها نتنياهو وإصراره على المضي في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بالرغم من الخسائر الفادحة التي يتكبدها عناصر الجيش يوميًا جسديًا ونفسيًا؛ حتى أصبح أكثر من 70.000 جندي بحاجة إلى عناية عقلية ونفسية.

فنتنياهو لا يعرف معاناة الجنود الذين فقدوا الروح المعنوية في الميدان؛ فزاد عدد القتلى والجرحى بنيران صديقة ومن بينهم أسرى كان من المفروض تحريرهم ؛ وأن المقاومين يخرجون كالأشباح من بين الركام ويحولون الدبابات وناقلات الجند إلى توابيت للجنود. وقد إختار أحد مجاهدي القسام يوم السبت الماضي في رفح درة تاج الصناعة العسكرية الإسرائيلية "مدرعة النمر" بقذيفة الياسين فقتل داخلها 8 جنود واحترقوا كليًا. ودارت معارك عنيفة جدًا طوال الليل وحتى صباح يوم الأحد حيث تم سحب الآلية المدمرة بواسطة جرافتي D9 حتى لا يتم أسر الجثث.

فالجيش من وجهة نظر عسكرية قد فشل في تحقيق أهداف نتنياهو بعد مرور 259 يومًا لأنه بذل كل ما في وسعه؛ ولو أطلقت الصواريخ والقذائف التي اطلقت على مساحة 365 كلم٢ على قارة لاستسلمت في أقل من إسبوع.

فهذه الخلافات ستزداد لأن وجهات نظر قيادة الجيش ونتنياهو متناقضة تمامًا ولا يوجد مواقف وسطية يمكن التوافق عليها ؛ فنتنياهو لا يصغي للغة العقل، لأنه مصر على المغامرة بمصير الكيان المؤقت. وهو غير متزن عقليًا لأنه اعتبر تقديم أمريكا أكثر من 1.000.000طن من الصواريخ الدقيقة التي مسحت العديد من الَمنازل، المستشفيات، المدارس والبنى التحتية عن وجه الأرض بأنه "قطرة بالكاد" من المساعدات العسكرية الأمريكية التي تصل إسرائيل.

فنتنياهو ناكر للجميل مع سبب بقائه في فلسطين المحتلة وهو يواصل في إبتزازه الإدارة الأمريكية ومواصلة خلافه العلني الشديد مع إدارة بايدن حول آلية تنفيذ الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في رفح وليس في المبدأ.

فنتنياهو غير مستقر عقليًا وقراراته غير متزنة؛ ولنأخذ عبرة من تعامله مع أرباب نعمته وسبب بقائه في الحكم. فيجب أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر منه.

وإن غدًا لناظره قريب

21 حزيران/يونيو 2024

المصدر: موقع إضاءات الإخباري