*من يعطي الشرعية لمن؟
مقالات
*من يعطي الشرعية لمن؟
حليم خاتون
3 تموز 2024 , 06:56 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

يروي الوزير اللبناني وئام وهاب نقلا عن بعض المناضلين في حركة القوميين العرب عن حادثة تسريب اسماء صحيحة الى المخابرات المركزية الأميركية لبعض من كان يوقع في الحركة بأسماء حركية مستعارة...

بعد عملية تقصٍ وتحقيق سري، تبين أن المدعو فؤاد السنيورة هو الذي كان يسرب تلك الأسماء...

جرت محاكمة غيابية ثورية في الحركة وصدر الأمر بإعدام الخائن بعملية بعيدة عن الأعين...

قام ثلاثة مناضلين بتركيب "فيلم" عن مهمة في منطقة نائية من لبنان...

وصلت السيارة إلى مكان معزول وقام أحدهم بقراءة الحكم على فؤاد السنيورة قبل إعدامه رميا بالرصاص...

لكن سيارة شرطة لبنانية لفرقة ال ١٦ ظهرت فجأة ما آثار بلبلة وسمح للخائن باللجوء إليها والنفاذ من تنفيذ حكم الإعدام الثوري الصادر عن حركة القوميين العرب..

منذ ذلك اليوم اصيب الرجل بتشنج عضلي لا يزال ظاهرا على وجهه كلما تكلم...

صحيفة الشروق الجزائرية روت من جهتها قصة أخرى اتهمت فيها فؤاد السنيورة بالعمالة للمخابرات المركزية الأميركية...

مستشار الرئيس رفيق الحريري الفضل شلق روى كيف فوجئ هو والرئيس الحريري بمصادفة وجود الوزير في حكومته، فؤاد السنيورة في واشنطن دون علم الأخير...

اكثر من مرة تم توجيه تهمة العمالة لهذا الرجل الذي يعد رأس حربة فريق عملاء أميركا في لبنان والمنطقة دون أن يحاول ولو حتى اللجوء إلى القضاء لإثبات العكس...

آخر مبتكرات هذا "الرجل"، كان الخروج علنا على قناة "العربية" السعودية لانتقاد قرار رفع اسم حزب الله عن لائحة الإرهاب في جامعة دول النظام الرسمي العربي...

كل الأوصاف والنعوت التي وُصف بها هذا العميل لا تعطي ذلك الخائن الذي كان مع غيره من عملاء ١٤ آذار يرجون كونداليزا رايس فيي السفارة الأميركية في عوكر في لبنان سنة ٢٠٠٦ عدم إيقاف الحرب الأميركية الإسرائيلية على لبنان قبل النيل من مقاومة حزب الله...

لم يكن هؤلاء يعلمون أن رجلا اسمه جوليان أسانج سوف يبتكر موقع ويكليكس ينشر كل تلك الأسرار التي قامت بفضح كل عملاء أميركا إلى درجة أن أحد موظفي السفارة اعترف لرؤسائه بأنه كاد في إحدى تلك الجلسات يبصق على تلك الوجوه التي تريد استمرار قتل الأبرياء اللبنانيين فقط للنيل من حزب الله...

رفع النظام الرسمي العربي حزب الله عن لائحة الإرهاب...

في كل الأحوال لا تعطي جامعة ناقصة الشرف والكرامة أي شرعية لمقاومة لا تزال تقاتل منذ تسعة أشهر دفاعا عن فلسطين وعن شرف وكرامة الأمة...

أعضاء جامعة دول النظام الرسمي العربي هذه لا يجرؤون حتى على التبول دون إذن من السيد الأميركي...

ماذا حصل؟

لماذا حرصت الجامعة على هذا الفعل بعد اعطاء الأميركيين شيكا على بياض طيلة تسعة أشهر لإبادة الشعب الفلسطيني..

حاول المندوب الأميركي الاسرائيلي الجنسية والهوية عاموس هوكشتاين التواصل المباشر مع حزب الله دون جدوى...

حزب الله منذ إنطلاقته في الثمانينيات من القرن الماضي رفع شعار "المصافحة إعتراف"...

رفض الشيخ الشهيد راغب حرب أي مصافحة مع ضابط الاحتلال وجنود الكيان يحيطون بالبيت من كل النواحي...

لم يفاوض حزب الله ابدا الا بشكل غير مباشر...

حتى الرئيس الأميركي جيمي كاتر لم يستطع مقابلة أي مسؤول في حزب الله بسبب ادواره السوداء في الصراع العربي الصهيوني...

ما يريد حزب الله قوله وصل إلى آذان الاميركيين مباشرة في سلطنة عمان عن طريق الموفد الإيراني...

رئيس جهاز المخابرات الألمانية طار إلى بيروت وقابل نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم رغم ان ألمانيا تضع هذا الحزب على لائحة الإرهاب كما معظم رعاة إسرائيل في الغرب...

ماذا يريد كل هؤلاء؟

لماذا أصرت قطر على علانية رفع اسم الحزب عن لائحة الإرهاب قبل أن يحمل النظام الرسمي العربي آخر ابتكارات الأميركيين في حرب إبادة الفلسطينيين إلى الحزب مع وعد من دول الخليج الثرية بإعادة إعمار لبنان...

ببساطة لأن قطر لا تريد اتهامات أميركية لاحقا كما حصل مع قصة تمويل حركة حماس التي كانت تجري بطلب غربي إسرائيلي من أجل زرع الشقاق بين الفلسطينيين ومنع أي أفق سياسي أمام أي إدارة فلسطينية في أي بقعة من مراكز الثقل الديموطغرافي الفلسطيني...

ماذا يريد هؤلاء؟

ببساطة يريدون أن يوافق حزب الله على تجميد الحرب على حدود فلسطين الشمالية عند انتقال إسرائيل إلى ما يسمى المرحلة الثالثة من الحرب تحت حجة أن إسرائيل سوف تنسحب من مراكز التركيز السكاني في القطاع وتقوم بإعلان ما يشبه هدنة متحركة يقوم فيها الاسرائيلي بعمليات موضعية كل ما رأى ذلك...

كان جواب حزب الله لرئيس جهاز المخابرات الألماني كما سوف يكون لهؤلاء الأعراب:

حزب الله سوف يوافق فقط على ما توافق عليه المقاومة الفلسطينية...

يستطيع الكيان اعلان ما يريد لكن المقاومة في غزة لن تقبل بالتخلي عن أي مطلب من المطالب التي رفعت في مطلع الحرب؛ لا بل يجب رفع السقف لضمان أمن الفلسطينيين ليس في غزة فقط، ولا في الضفة فقط؛ بل في كل بقعة من فلسطين التاريخية...

الثمن الذي دفعه الفلسطيني في الأشهر التسعة من حرب الابادة تلك أكبر بكثير من أن يتم السماح باختزاله ببضعة اكياس طحين او إعاشة تحت عنوان وقف المقاومة مقابل الغذاء على نسق نفط مقابل الغذاء...

دم الأطفال لن يرضى بأقل من ثمن سياسي يجب أن تدفعه أميركا وإسرائيل...

الأفضل ألف ألف مرة أن تستمر المقاومة حتى ولو من داخل الابادة على أن يوافق الفلسطيني على إقامة غيتوات يتعاطى فيها الغرب بمنطق ما جرى مع السكان الأصليين في أميركا وأستراليا...

قوة الصهاينة كبيرة جدا...

نفوذ الصهاينة أكبر بكثير من كل النفوذ الذي كان لدى الاقلية البيضاء في جنوب أفريقيا...

الصهيونية العالمية لن تعطي اي حقوق كما حصل في جنوب أفريقيا الا تحت تاثير المقاومة والكفاح المسلح...

الفلسطيني يملك حقا لا تستطيع أي قوة في العالم انتزاعه حتى ولو تمت إبادة مئات الآلاف، بل وملايين الفلسطينيين...

إنه حق التوقيع على التنازل والتخلي عن الحقوق في فلسطين...

هذا حق فردي لكل فلسطيني...

لا يستطيع أي كان المزايدة على المقاومة الفلسطينية...

لكن لا يريد أي فلسطيني سماع ذلك الجواب الذي سمعه المناضل حيدر عبد الشافي بعد أوسلو حين سأل الأميركيين عن البنود التي وقع عليها أربعة فلسطينيين بحضور مستشار عرفات، محسن إبراهيم...

قال الأميركيون لعبد الشافي لقد وقع ممثلو ياسر عرفات ومحمود عباس على ما كان وفدكم الفلسطيني في واشنطن يرفض التوقيع عليه...

في كتابه "مائة عام من الحرب على فلسطين" الصادر بالإنجليزية في أميركا كرر المناضل الفلسطيني الدكتور رشيد الخالدي هذه الحكاية حيث كان هو احد الذين كانوا يفاوضون وزير الخارجية الأميركية جورج شولتز لإيجاد حل للقضية الفلسطينية...

حزب الله أعطى مقاومة غزة تفويضا في قرار قبول او رفض كل ما يطرحه الأميركي؛ لأن الأميركي هو من يقود حرب الإبادة...

القرار الفلسطيني يجب أن ينطلق من قدسية الدم الفلسطيني وليس الضعف أمام أهوال ما أريق من دماء وما يمكن أن يراق...

هذا حق سوف ينتقل من جيل إلى جيل لو مهما طال الزمن...

أن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين،

بين السلة والذلة...

وهيهات منا الذلة...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري