ضربات المقاومة على الكيان الإسرائيلي تُقرِّبه من مصيره المحتوم وواقع الكيان الإسرائيلي يثبت صحة سياسة الصبر الاستراتيجي للمقاومة
مباراة للملاكمة بين ملاكمين غير متكافئين، لا بد أن تفرض على الأقل قوة، أن يدرس خصمه الأقوى جيداً، كي يستطيع أن يحدد مكامن ضعفه لمحاولة ايلامه تدريجياً وتصاعدياً إلى حد إنهاكه.
وحينما تبدأ مؤشرات عدم التوازن على الخصم الأكثر قوة، ينقضّ الأقل قوة لمحاولة توجيه الضربة القاضية والقضاء عليه نهائياً.
فإذا اعتبرنا هذا الكيان ماردا متوحشا لديه جسد كامل، رأسه في الشمال وركيزتاه في الجنوب وقلبه في الوسط (غوش دان) ويداه دعم غربي وعربي تطبيعي يضرب بهما ويردّان عنه المسيرات والصواريخ، فقد قامت مقاومة غزة بضربة موجعة جداً على قدميّ هذا المارد، وهو إن حاول أن يستر جروحه النازفة عبر همجية تدميرية فلن يستطيع، إذاً مرحلة تكسيح القدمين قد حصلت واقعاً، وصورة الجندي مسحوب من رقبته من أعلى الميركافا الى الأرض، هي ذاتها قرينة لصورة هذا الكيان المترنّح المثقل بالجراح الغارق في رمال غزة المتحركة.
في الثامن من أكتوبر، فتحت جبهة إسناد من جنوب لبنان، والغاية منها ضربات لرأس هذا المارد لجعله يفقد تركيزه، علما أن الشمال الفلسطيني المحتل هو الثقل الزراعي والسياحي، ولا ننسى أهميته الاستراتيجية الطبيعية من هضبة الجولان وقمم جبل الشيخ بالإضافة لمصادر المياه في مزارع شبعا والجليل وبحيرة طبريا وسهول الحولة.
الإنجاز النوعي لمقاومة جنوب لبنان أنها وُفقت بإفراغ الشمال من مظاهر الحياة وبالتالي إحداث جلطة دماغية للرأس، وإذا ضُرب الرأس شُلَّ الجسد.
هنا يجب أن نشير إلى أن السيد نصرالله قد تحدث عن المكسب بالنقاط.
إن اليمن وبرغم بعده عن فلسطين بالمسافة، لكنه حصّل تماساً مع مقاومة غزة بضربه الشريان الأهم الذي يغذّي العدو، استعمال ورقة البحر الأحمر لا تقضي على الكيان لكنها تزيد ضعفه، وهو ما نجح فيه اليمنيون نجاحاً باهراً.
المقاومة العراقية واليمنية، قد استطاعتا أن تُشغِلا يديّ هذا المارد، عبر ضرب القواعد الأميركية في العراق وسوريا وإشغال اليدين بعيداً عن الجسد، لذلك نرى أن العدو قد لجأ إلى يديه في مواجهة اليمن والعراق (أميركا وبريطانيا)، واضطر أن يستعمل الأيدي الإضافية له في مواجهة الضربة الإيرانية (الأردن ومصر) واستنفر كل أذرعه لكي تذود عنه.
إن عبارة الصبر الإستراتيجي قد أثبتت صحّتها من قبل المقاومة فعلاً، ويبقى للمقاومة تحديد موعد ضرب قلب المارد لقتله والإجهاز عليه نهائياً، أو انتظار أن يُنقل للعلاج بكلِّه إلى بلدان المنشأ، لأن الطب في أوروبا وأميركا متطوّر جداً، ولهذه البلاد الحرية في إنعاش هذا المارد وإعادة زرعه في كياناتها، أو قطع الأوكسجين عنه وقتله، ونحن كشعوب أصيلة لهذه المنطقة منذ فجر التاريخ، نعد تلك الدول ألّا نتدخل في مشاكلها الداخلية ونراعي استقلالية قرارها.