كتب حليم خاتون:
الرواية التي تتحدث عن خروج الدكتور وديع حداد من الجبهة الشعبية تقول: إنّ الجبهة خيرت المناضل حداد بين البقاء في الجبهة أو الخروج، إذا ظل مصمماعلى ما سمي يومها بالإرهاب الثوري، خاصة خطف الطائرات.
خرج الدكتور حداد وأكمل نضاله عبر الأذرع الدولية،التي أذاقت الصهاينة أمرّ أيامهم،؛ بالأخص عملية الجيش الأحمر الياباني الإنتحارية في مطار اللد، والتي انتهت باستشهاد مناضلين يابانيين، جاءا من آخر أصقاع العالم للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي خذله أخوانه العرب، كما خذلته القيادات التي لم تكن على مستوى حتمية الصراع ودرجة أهميته، لهزيمة الإمبريالية. جُرح الرفيق أكاموتو جرحا بليغا، ووقع في أسر استمر لأكثر من عقدين.
في ذلك الوقت، خرج بعض اليساريين "ذوي الألسنة المتفلسفة"، يحاولون التفريق بين العنف الثوري وما سموه
يومها، " بالإرهاب الثورجي".
رغم كل الكلام الذي قيل يومها، لا أحد يستطيع إنكار أن ما سموه بالإرهاب الثوري، من خطف للطائرات، إلى مهاجمةكل الأهداف الممكن مهاجمتها والتابعة للكيان أو حلفائه من الإمبرياليين، هو الذي جعل الصهاينة والغرب يقفون يومها على رجل ونصف؛ وهو الذي فرض فلسطين على الخارطة الدولية، بعدما كانت رئيسة وزراء العدو قد تساءلت، في أحد الأحاديث الصحفية،عن جدية وجود شيء اسمه شعب فلسطيني.
أما الشهيد أبو حسن سلامة، أو الأمير الأحمر كما كانت الصحف الغربية تلقبه؛
أبو حسن سلامة هو "الزنبرك" في حركة فتح.
هو الذي لم يكن يكترث كثيرا لفلسفة "ابو مازن " في ما سمي زورا، النضال السلمي. ببساطة، لأن المسافة بين نضال غاندي أو مانديلا السلمي، بعيد مليون سنة ضوئية عن تفكير"أبومازن" الذي لم يستحِ بعد، ويُضرب عن الطعام لينال شهادة قد تغفر له المآسي التي جلبها للشعب الفلسطيني، قبل أوسلو،ومعه، وبعده.
أبو حسن سلامة صمم أن يشارك الفلسطينيون في الألعاب الأولمبية التي تجري في ميونيخ في ألمانيا الاتّحادية.
كان الغرب الذي سلب الفلسطينيين وطنهم لا يعترف حتى بوجود القسم الذي أيده في خريطة تقسيم الأمم المتحدة لفلسطين.
لكن الأمير الأحمر، أرسل فريقا فلسطينيا إلى ميونيخ واستطاع الحصول على الميدالية الماسية النادرة في مباراة استمرت إحدى وعشرين ساعة، وانتهت باستشهاد قسم من الفريق الفلسطيني ووقوع أخرين في الأسر، بعد تكبيد الصهاينة خسائر رهيبة.
اليوم لعله اليوم الثامن والسبعين لإضراب المناضل الفلسطيني ماهر الأخرس عن الطعام احتجاجا على الإعتقال الإداري، وهو الإعتقال الغير إنساني الذي تعذب به سلطات الأحتلال الفاشي كل الشعب الفلسطيني.
قريبا سوف يُضرب كل الشعب الفلسطيني عن الطعام إلا الأخ أبو مازن المتشبث بالنضال السلمي الذي لا نرى له أثر.
الفصائل تهدد بعظائم الأمور.
إسرائيل اعتادت على تهديدات صوتية لم تصل أبدا إلى مستوى الجرائم التي تحصل.
لكل جريمة عقاب، إلا في فلسطين.
هل الشعب الفلسطيني يتيم هذه الأمة، حتى لا يتم إنصافه؟
ألم يشبٌ ذلك اليتيم بعد؟
حين أرادت الجبهة الشعبية بقيادة الرفيق جورج حبش تحويل بيروت الى ستالينغراد العرب أثناء غزو سنة ٨٢، رفض حلفاء الجبهة قبل خصومها، وتذرعوا بأن بيروت ليست مدينة فلسطينية!!!
وكأن الإحتلال يميز كثيرا بين بيروت أو غيرها في التنكيل!!
استشهد أبو علي مصطفى، فردت الجبهة الشعبية باغتيال وزير السياحة في الكيان.
الجبهة مثلها مثل غيرها، مطالبة بالرد كل يوم وكل ساعة على الجرائم الصهيونية التي لا تتوقف.
غزة والضفة فلسطينيتان، ويمكن تحويلها إلى ستالينغراد فلسطين.
ليس هناك من عذر لعدم الرد.
الوضع الفلسطيني صعب بالتأكيد.وهو اصعب من كل الاوضاع التي عرفها العالم العربي.
لكن، هل هذا سبب كاف للرد دوما بقنابل صوتية؟
الحصار المضروب على اليمنيين أيضا صعب.
أيضا على اليمنيين عدم توفير اي مناسبة لضرب السعودية والإمارات بكل ما أوتوا من قوة.
في هكذا حالات، يجب عدم النظر إلى الخسائر التي من الممكن أن يتكبدها الطرف الأضعف،
لأن سكونه يجلب عليه خسائر يومية تتراكم إلى درجة بث اليأس.
في هذه الحالة، الجماهير تحتاج إلى الرد، أي رد.
قصف مستوطنات، قصف مدن مهمة اقتصاديا؛
أي شيء.
والمقاومة الفلسطينية الآن، تملك ما يكفي لهز المنطقة.
السكوت سوف يؤدي بالسعودية إلى التمادي، كما أدى السكوت بالإمارات إلى الخيانة القصوى.
هل ضرب حيفا مستحيل؟
هل ضرب منصات الغاز مستحيل؟
لماذا يُحاصر الشعب الفلسطيني ويجوع وتنعم اسرائيل بالهدوء؟
صحيح أن الفصائل أكثر تقدما من ابو مازن بالمواقف.
ولكن الصحيح أيضا، أنهم متخلفون جدا عن مجاراة
ما يحدث على الأرض.
إسرائيل تسبقهم دائما بخطوات، وليس بخطوة واحدة فقط.
ربما إذا فعلوا شيئا، يوقظ هذا بعض الفلسطينيين النائمين.
بل ربما يوقظ نيام العرب المنبطحين في كهوف الذل والعار.
كل يوم تأخير، كل ساعة تأخير، كل دقيقة تأخير،
هو تمكين الإحتلال من ترسيخ وقائع على الأرض.
أذا استمر الوضع هكذا، سوف نصحو ذات يوم ونجد الصهاينة وقد احتلوا بالتطبيع ٩٠٪ من البلاد العربية.
الآن، الآن، وليس غدا...