الأزمات الداخلية،قد تطيح بحكومة نتنياهو
مقالات
الأزمات الداخلية،قد تطيح بحكومة نتنياهو
راسم عبيدات
11 تموز 2024 , 21:44 م


بقلم :- راسم عبيدات

يبدو بأن الأزمات الداخلية "كالمطرقة الثقيلة" تهوي على رأس نتنياهو تباعاً ..فبعد خروج غانتس وايزنكوت من مجلس الحرب المصغر على خلفية عدم وجود رؤيا استراتيجية لنتنياهو بإدارة الحرب على قطاع غزة،وغياب الإستراتيجية،لكيفية التعاطي مع اليوم التالي لوقف الحرب على القطاع ...وبخروجهما وتشكل التحالف الثلاثي من ليبرمان ولبيد وساغر ضد نتنياهو وسياساته وإدارته للحرب على القطاع،والشعور والقناعة بان نتنياهو يطيل أمد هذه الحرب خدمة لمصالحه السياسية والشخصية،ولا تحكمها المصالح " القومية" لدولة الإحتلال،وهذا الموقف يتبناه رؤوساء وزراء سابقين من امثال يهود بارك ويهود اولمرت ورؤوساء اركان امثال دان حلوتس ومحلليين عسكريين عاموس هارئيل وعاملين في مركز ابحاث الأمن القومي عوفر شيلح وغيرهم وقادة أجهزة امنية وألوية احتياط من امثال الألوية اسحق بريك وكوبي ميروم ..الخ، مسيرات ومظاهرات اهالي الأسرى الإحتجاجية تعززت بوقوف قادة المعارضة السياسية الى جانبهم،واصبحوا يلتقون على مطالب سياسية تتجاوز الجانب الشخصي والأسري والعائلي بإتمام صفقة تبادل الأسرى واستعادة ابنائهم الأسرى أحياء، بل باتت مطالبهم رحيل نتنياهو واسقاط حكومته واجراء انتخابات تبكيرية سادسة.

نتنياهو يخسر على الجبهتين السياسية والشعبية " الإسرائيلية،وتزداد المطالبة برحيله ،ولكن الخطورة الأكثر بأن الخلافات انتقلت الى داخل بيته الحكومي،وبما يهدد شرعيته البرلمانية،ويشكل خطر على استمرارها، فبن غفير زعيم حزب" عوتسما يهوديت" ،يقول بأنه لن يصوت لصالح مشاريع القرارات والحكومية،ما لم يتم ضمه الى المنتدى الأمني المصغر،وظهر ذلك جلياً فيما يعرف بقانون " تعيين الحاخامات"،حيث اضطر نتنياهو الى سحبه من التداول وعدم عرضه على الكنيست للتصويت عليه،لعدم وجود أغلبية لتمرير هذا القرار،وقانون "تعيين الحاخامات" ،قدمته حركة " شاس" الحريدية،والذي يدعو الى نقل صلاحيات تعيين الحاخامات من صلاحية المجالس المحلية الى وزارة التي الأديان، التي يرأسها وزير من حركة " شاس"،وهذا يمكن تلك الحركة من الإنتفاع من الأموال المخصصة لتلك المجالس،من اجل توظيف اعضائها وانصارها،والإستفادة من تلك الأموال لصالح معاهدها ومدارسها ومؤسساتها الدينية،والفشل في تمرير هذا القرار،جعل زعيم حركة "شاس" الحاخام عوفاديا يوسف، القول لنتنياهو " أنت لا تسيطر على شيء".

تعمق الخلافات بين "شاس" وبن غفير فاقم من الخلافات بين أطراف التحالف الحكومي،ولم تعد الأمور تقتصر على امساك بن غفير وسموتريتش ب" عنق" القرار السياسي لنتنياهو،والتهديد المستمر له بإسقاط الحكومة اذا ما ذهب الى وقف الحرب على قطاع غزة ووقع صفقة تبادل الأٍسرى،وبما لا يحقق ما يسمونه بالأهداف الإستراتيجية المتطرفة لهذه المعركة،بل الخلافات تستعر بين بن غفير والأحزاب اليهودية الحريدية ،وكذلك تلك الأحزاب، لم تعد تجد خيار تحالفها مع نتنياهو بالتحالف المقدس،بل باتت تبحث عن بدائل، قد تكون مع غانتس والكتلة اليمينية قيد التشكل.

قضية تجنيد اليهود الحرديم التي جاءت لكي تعمق من أزمة حكومة نتنياهو وتدفع بها نحو الإنهيار، فمن بعد موافقة قضاة محكمة العدل" العليا " الإسرائيلية" بأنه يجب تطبيق التجنيد الإجباري على طلاب المعاهد والمدارس الدينية،وهذا القرار دفع بالخلافات بين اقطاب حكومة نتنياهو نحو درجة أعلى،حيث حاخامات اليهود الحريديم،أعادوا التاكيد على رفضهم لقرار التجنيد،ورددوا عباراتهم " نموت ولا نتجند" وتوراتنا مهنتنا"،وقاموا بمظاهرة واسعة في مدينة القدس حشدوا لها أكثر من 25 الف من انصارهم،وهاجموا قوات شرطة الإحتلال بالبيض والحجارة واغلقوا الطرقات وجرى قمعهم بشكل عنيف من قبل الشرطة ...ومن بعد ذلك تطورت الأمور وبسبب النقص في الجانب البشري لجيش الإحتلال ،وطرح تمديد فترة الخدمة لجنود الإحتياط من 24 شهر الى 32 شهر،وزير حرب الإحتلال غالانت،قال أنه يجب ان يتم تجنيد 3 ألآلاف من اليهود الحرديم،النصف منهم من سن 18 -21عاماً ،وهذا القضية دفعت حاخامات اليهود الحرديم إلى رفض هذا القرار،ودعوا انصارهم الى عدم الإمتثال لأوامر التجنيد وعدم الذهاب الى مكاتب التجنيد،بل وابعد من ذلك الحاخام الليتواني دوف لاندو ،كبير حاخامات " الحرديم" يقول :- الدولة التي تجند المدارس الدينية،ليس لها حق بالوجود".

ولذلك يرى نتنياهو بأن من يعمل على تفجير الحكومة من داخلها،هو وزير الحرب يؤاف غالانت،ولذلك أطلق العنان لحاشيته من وزراء واعضاء كنيست لشن حملة عليه وعلى رئيس اركان الجيش هيرتسي هاليفي ،فوزير الإتصالات شلومو كرعي هاجم غالانت واتهمه بالفشل وبان عليه الرحيل وقبل ذلك ميري رغيف وزيرة المواصلات وبن غفير وسموتريتش واوريت ستروك وغيرهم،ولذلك بات نتنياهو على قناعة بأن غالانت ،يعمل على تخريب علاقات الليكود مع الأحزاب الدينية على خلفية موقفه من قانون تجنيد اليهود الحرديم ،وكذلك الموقف من صفقة التبادل وتعديل التشريعات القضائية،ولذلك الحملة التي تشن على غالانت هدفها دفعه لكي يخرج طواعية من الحكومة او يتم إقالته، ويرى نتنياهو بأن الوقت المناصب لإقالة غالانت سيكون بعد القاءه لخطابه أمام الكونغرس الأمريكي في الرابع والعشرين من هذا الشهر،ودخول الكنيست في العطلة الشتوية،فهذه الإقالة سيكون لها صخب سياسي أقل ،لو تم إقالته في فترة عدم دخول الكنيست في عطلتها الشتوية.

الخلافات تكبر وتتصاعد داخل تحالف نتنياهو، والحرب عليه تستعر والضغوطات تتزايد داخلياً،من قبل اهالي الأسرى والذين يهددون بجر الدولة ومعهم المعارضة السياسية اتحاد النقابات العمالية " الهستدروت" الى حالة من العصيان المدني .

المنطقة كاملة تحت التصعيد وعلى كل الجبهات،رغم كل الصخب والحديث عن مفاوضات مكثفة لإنجاز صفقة تبادل في القاهرة والدوحة ومشاركة مباشرة من قبل قيادات امريكية مدير المخابرات المركزية الأمريكية " السي أي ايه" وليم بيرنز ،وبريت ماكفورك كبير مستشاري الإدارة الأمريكية ،نتيناهو لا يريد لا وقف الحرب ولا اتمام صفقة التبادل ،ويواصل وضع العصي في الدواليب،والمماطلة والتسويف ،تارة بالإعتراض على اسماء واحكام من سيفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين ،واخرى برفض الإنسحاب من معبر " نتساريم" ومحور فلادلفيا ومعبر رفح والتفتيش الشخصي للعائدين الى شمال قطاع غزة.

جبهات الشمال تتسع وحزب الله يمسك زمام المبادرة ويقول بأن خفض التصعيد في قطاع غزة لا يعني خفضه على الجبهة الشمالية،وجبهة الجولان تتصاعد فيها المعارك ويبدو أنها ستفتح ،وامريكا ترفض انسحاب كامل لجيشها من العراق ،وتريد ان تبقي جزء منها لحماية قواتها وقواعدها في شمال غرب سوريا التي تنهب النفط والغاز السوري ..وجبهة البحر الأحمر تهديد يمني للسعودية بمهاجمتها عسكرياً اذا ما قدمت تسهيلات لأمريكا في عدوانها على اليمن،وعلى الجبهة الإيرانية، الإدارة الأمريكية تقول بأنها غير معنية بالعودة للتفاوض مع ايران حول ملفها النووي،بعد الدعوة التي وجهها لها الرئيس الإيراني الجديد الإصلاحي بزشكيان.

وحكومة نتنياهو تدخل ازمات عميقة قادم الأيام ستكشف ان كانت ستصمد أم تنهار.

فلسطين – القدس المحتلة

11/7/2024

[email protected]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري