بقلم :- راسم عبيدات
بوتين في لقائه مع الأسد في موسكو في 24/7/2024 ،يبدو انه يمتلك معلومات استخبارية دقيقة،بأن المنطقة ذاهبة نحو التصعيد،وسوريا ستكون في قلب ذلك التصعيد،ليس من قبل الجماعات التكفيرية والإرهابية في الشمال السوري المحتل،بل من قبل " اسرائيل" ،وفي جعبة بوتين ما قاله وما سيقوله،وذلك من خلال الرغبة لليمين المتطرف الإنجيلي والعنصري أمريكياً وأوروبياً والراغب في توسيع دائرة الحرب عالمياً وإقليمياً وشرق أوسطياً ....فقمة "الناتو" الخامسة والسبعين في امريكا،من ضمن قراراتها تخصيص دعم مالي أوروبي غربي لأوكرانيا ب 40مليار دولار،وإطلاق يدها في استخدام الأسلحة الغربية المتطورة من صواريخ استراتيجية وغيرها في ضرب العمق الروسي،وكذلك نشر اسلحة استراتيجية وصواريخ فرط صوتية أمريكية في المانيا،وبما يشكل تهديد مباشر للأمن القومي الروسي،وفرض المزيد من العقوبات المالية والإقتصادية على روسيا..نعم الترجمة لما قاله بوتين وما سبق اجتماع نتنياهو مع بايدن وخطابه في بيت الإفتراء الأمريكي العالمي "الكونغرس" وحفلة الرقص والتصفيق الغجرية لنتنياهو من اعضاءه،كأكبر حفلة نفاق كما وصفها نصرالله في تأبين الحاج محسن ،القائد فؤاد شكر ...شنت "اسرائيل" عدوان واسع على ميناء الحديدة اليمني بطائرات "اف 35"،مستهدفة مواقع تخزين الوقود ومحطة الكهرباء ..وصودق بالقراءة الأولى في الكنيست بأغلبية 68 صوتاً مؤيد مقابل 9 معارضة،برفض اقامة دولة فلسطينية على جزء من " ارض اسرائيل الكاملة"،بلغة جدعون ساعر زعيم حزب اليمين الوطني ...في نفي واضح لوجود شعب فلسطيني وارض فلسطينية والغاء وشطب لأكذوبة حل الدولتين ...فاليمين الصهيوني بشقيه الديني التوراتي والقومي،يرفض اي شكل من اشكال الكيانية الفلسطينية،تمكن من اقامة دولة فلسطينية على جزء من فلسطين التاريخية..بعد لقاء نتنياهو - بايدن ...جرى اتخاذ قرارات جوهرها ربط الملفات الإستراتيجية في المنطقة مع بعضها البعض ...وبما لا يمكن ولا يسمح بهزيمة " اسرائيل" أو تمكين محور المقاومة من ربح المعركة والإنتصار في قطاع غزة،فهذا من شأنه تهديد كل المصالح الأمريكية الإستراتيجية في المنطقة وتشكيل خطر وجودي على مستقبل وجود " اسرائيل"،ولذلك سلم نتنياهو اوراقه التفاوضيه لبايدن حول وقف إطلاق النار وصفقة التبادل في القطاع، بشروط نتنياهو المعدلة التي تشطب الوصول الى اتفاق حول صفقة تبادل الأسرى، إلا ضمن شروطه،وعلى بايدن ان "يستحلب" الطرف العربي الوسيط قطر ومصر وأن يمارس ضغوطه عليها،لكي تضغط على حماس والمقاومة،لكي تستجيب لشروط نتنياهو،ولذلك اتضح هذا المخطط والمشروع من ما عرف بمفاوضات روما الرباعية أمريكا و"اسرائيل" وقطر ومصر حول صفقة تبادل الأسرى،حيث لم يرسل نتنياهو لتلك المفاوضات سوى رئيس " موساده" ديفيد برنياع،وغاب رئيس " الشاباك" غونين بار ،ورئيس لجنة الأسرى والمفقودين نيتسان الون عن تلك المفاوضات،لقناعتهما بأن نتنياهو لا يريد صفقة لتبادل الأسرى ويربط اتمامها بشروطه التعجيزية...أمريكا التي تواجه استحقاق سحب قواتها من العراق ، تريد التملص من اتمامه،عبر ربط ملف الإنسحاب لجيشها وقوات امنها من العراق وسوريا، بمصير وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى كورقة خروج يجري اخراجها في الوقت الحرج ..
ولذلك قرار التنسيق العسكري والسياسي الأمريكي ،ولرفع رصيد نتنياهو وحضوره الشخصي والسياسي والحزبي ، لا بد من تنفيذ عمليات كبرى تخرج عن كل قواعد الإشتباك وتكسرها،وبقرار وموافقة أمريكية.
العمليات العسكرية التي شنت في الضاحية الجنوبية مساء الثلاثاء 30/7/2024 ،واستهدفت القائد فؤاد شكر،وكذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الحاج اسماعيل هنية فجر الأربعاء 31/7/2024 في طهران ،وقصف ميناء الحديدة وما قامت به أمريكا من قصف لمعسكرات الحشد الشعبي في العراق،كلها تقول بأن المنطقة باتت على مفترق طرق،ودخلت مرحلة وتطور جديد ...ونحن نعرف بأن نتنياهو يدرك بأن عمليات الإغتيال والقصف،لن تضعف فصائل المقاومة ولا محورها، بل دللت عمليات الإغتيال للعديد من قادة المقاومة فلسطينية وعربية وإيرانية، بأنها ساهمت في تصليبها وتقويتها وشد عضدها ولحمتها الداخلية،والخط البياني لها صاعد،وبالموس قال نصرالله في خطابه لوداع القائد فؤاد شكر، بأن تنظيمات الجهاد الإسلامي وحركة حماس وحزب الله وغيرها من حركات المقاومة والحركات الجهادية التي جرى اغتيال قادتها خطها البياني صاعد،تتطور وتتقوى وتتصلب وتتوسع.
نتنياهو في العمليات التي نفذت في الضاحية الجنوبية وقلب طهران وميناء الحديدة والمجازر في قطاع غزة، أراد ان يهرب للأمام ويعوض عن عجزه وخسارته في الميدان،وأن يبحث عن صورة نصر،يرمم له صورته ويستعيد له شعبيته،ويعيد ثقة المجتمع "الإسرائيلي" بجيشه ومؤسسته العسكرية وأجهزته الأمنية،وبأن جيشه وأجهزته الأمنية قادرة على الوصول الي أي هدف وفي أي بلد.
وعمليات الإغتيال والقصف التي قامت بها " اسرائيل" حملت رسائل سياسية وأمنية لإيران كرأس المحور،وكل حركات المحور، بأن يدها وأذرعها طويلة،ولا تشكل أي بقعة جغرافية مكان أمن وامان لقادة المقاومة،حتى في طهران نفسها،والتي اراد ان يظهرها بأنها عاجزة عن حماية ضيوفها،وكذلك أراد ان يجد شرخ بين المقاومة وبين طهران على خلفية اغتيال هنية على ارضها وفي ضيافتها.
العمليات "الإسرائيلية" الأخيرة ،والتي ساد فيها الفرح المؤقت في " اسرائيل" ،يبدو بأن الردود عليها قادمة،وهي ردود حقيقية وقاسية ومؤلمة،وليست ردود في الإطار الإستعراضي والشكلي والمحدود ،وهذا ما يتضح من كلمات المرشد الأعلى والقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية الإمام علي خامينئي،في الصلاة على جثمان القائد الكبير اسماعيل هنية في جامعة طهران، عندما قال بأن الرد على تلك الجريمة سيكون بحجم الجريمة ،إن لم يكم أكبر واوسع،فهذه الجريمة مست ايران ليس في أمنها القومي وسيادتها وكرامتها فقط،بل الأهم من ذلك بشرفها،وكذلك قال السيد نصرالله في وداع القائد الحاج فؤاد،بأن الرد على عملية اغتيال القائد فؤاد شكر،منفصلة عن جبهة الإسناد التي ستعود الى عملها غداً الجمعة كالمعتاد،اما الرد على جريمة اغتيال القائد فؤاد شكر،فهو سيكون حقيقي والبحث من خلال فرصة حقيقية،والرد الآن بيد الميدان،ولا وقف لجبهات الإسناد دون توقف الحرب على قطاع غزة،وجبهات الإسناد لم تعد جبهات اسناد،بل هي معركة شاملة على كل الساحات.
اذاً واضح من كلمتي المرشد الأعلى الإمام خمينائي في الصلاة على جثمان القائد هنية،ومن خلال كلمة السيد نصر الله في وداع القائد فؤاد شكر، بأن المنطقة ذاهبة نحو التصعيد ،والوقوف على أبواب حرب اقليمية شاملة ...سيقول الميدان كلمته فيها من خلال الرد لجبهات محور المقاومة، والأهداف التي سيطالها وطبيعة تلك الأهداف والأماكن المستهدفة ،وأيضاً الرد " الإسرائيلي" وربما الأمريكي على عمليات الإستهداف تلك ،فإذا ما حملت تصعيداً واسعاً وخطيرا واستهدف بها ،اهداف حيوية واستراتيجية عسكرية وأمنية واقتصادية وقيادات وازنة من قادة المحور ،فهذا سيدفع نحو نشوب حرب شاملة في المنطقة، أرادها نتنياهو ولكنه كان يخشاها ويدفع أمريكا للمشاركة بها،ولكن بعد القرار بالردود من قبل المحور بقيادة طهران وحركاته في اليمن ولبنان و العراق وفلسطين ،والتصريحات التي صدرت عن وزير الدفاع الأمريكي أوستن، بأن أمريكا ستقف الى جانب " اسرائيل" عسكرياً اذا ما جرى استهدافها،وتحريك سفنها وبوارجها قرب السواحل اللبنانية، فهذا يعني بأن أمريكا ستكون شريك مباشر ل" اسرائيل" في هذه الحرب،بخلاف مواقفها المعلنة المضللة والخادعة والكاذبة،والتي تقول فيها بأنها تعمل من أجل كبح التصعيد في المنطقة،وهي لم تقم بأي خطوة عملية لكبح حليفتها وشريكتها " اسرائيل"،بل بإستهداف الضاحية الجنوبية واغتيال القائد فؤاد شكر،قالت بأن من حق "اسرائيل الدفاع عن نفسها".
المنطقة تنتقل من التفاوض على صفيح ساخن الى اللعب على حافة الهاوية...وربما أي حماقة ترتكب أو تهور ستدفع بالإنزلاق نحو الهاوية والحرب الإقليمية الكبرى .
فلسطين – القدس المحتلة
1/8/2024