خميس أسود، أبيض، أم رمادي
مقالات
خميس أسود، أبيض، أم رمادي
حليم خاتون
14 آب 2024 , 17:29 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

كتب الأميركي السيناريو المفترض ودفع به إلى المخرجين المصري والقطري لتغليف السم بالعسل...

أما ما تبقى من الأعراب...

هم في "الخرج" كما يقول أهل الشام...

يتبعون مشيئة السيد الأميركي الأبيض في كل الأحوال، وفي كل الحالات...

أحيانا رهبة...

وأحيانا أخرى رغبة، تماما كما ترغب العاهرة في افتعال السيد الأبيض بها كما يشاء...

اختلط الأمر على هؤلاء الأعراب بين كلمتين:

الطهر والعهر...

هو حرف فارق واحد فقط في اللغة العربية...

ليس هناك تبرير في عدم الفهم او عدم التفريق بين الكلمتين...

الجماعة صاروا من قوم لوط إياهم...

ألم يبتدعوا الخمر الحلال؟

والمخدرات الحلال؟

الم يستبدلوا الصلاة بمهرجانات الترفيه؟

أما الزكاة؛ فلا حرج...

الأميركي لا يترك لهم شيئا لهذه الزكاة...

ابتدع الأميركي موعد مفاوضات تهدئة في غزة يوم الخميس في الخامس عشر من هذا الشهر...

هو يكذب حتى حين يقول ما يبدو صدقا...

في جميع الأحوال، الأميركي كاذب حتى العظم...

ابتدع موعدا كاذبا حتى يجبر محور المقاومة على عدم تنفيذ الرد الموعود...

في كل الأحوال، لن يكون هناك اية تهدئة لأن هدف الإبادة والمجازر والتهجير القصري ليس هدفا حصريا بهذا الكيان...

أميركا والغرب وكل قوى الاستعمار تريد تصفية القضية الفلسطينية حتى لو أدى ذلك إلى عمليات إبادة...

هم ارتكبوا الإبادات، الواحدة تلو الأخرى...

هم أهل الإبادة...

هم أم الابادة وأبوها...

تاريخهم بالكامل، تاريخ إبادات...

تهيّب محور المقاومة من هذا الموقف...

في النهاية، وجد نفسه في وضع من سوف يتم تحميله مسؤولية استمرار مجازر الكيان في غزة والضفة إن هو قام بالرد...

المحير في الأمر أن محور المقاومة يسمح لنفسه دائما التواجد في ظرف المتهم...

حتى في قضية مجدل شمس، لجأ إلى التحليلات التبريرية بدل صفع الكيان بموقف صارم وفرض نفس هذا الموقف الصارم على الحكومة اللبنانية التي "طلبت" من أميركا "حث إسرائيل على ضبط النفس!!"

هو يستطيع كذا، لكنه يخشى أن يتحول الإنتباه العالمي عما يحصل في غزة وينشغل هذا العالم بالحرب الكبرى او ما يشابه...

هو يخشى المبادرة إلى شن الحرب الكبرى حتى لا يخسر الرأي العام العالمي...

لو مهما فعلنا، سوف نكون نحن دوما متهمين...

حتى حين تتم ابادتنا، نكون متهمين...

"إن خر... قاتلك، وإن ما خر... قاتلك"

يقول المثل الشامي...

قامت السيدة بهية على قناة الميادين بالطلب من إعلام الذكاء الاصطناعي AI، كتابة مقال عن جرائم الإبادة في أوكرانيا...

خرج بلحظات مقال طويل مفصل بالأرقام والتواريخ لما سماه ال AI جرائم إبادة روسية في أوكرانيا...

كررت السيدة بهية الطلب مع استبدال اسم فلسطين او غزة بدل أوكرانيا، فكان الجواب هو عدم وجود إبادة في هذه المنطقة...

رغم ان عدد القتلى ونسبة الدمار وكمية المتفجرات المستعملة ونوعها أعلى بكثير جدا جدا في غزة منه في أوكرانيا...

الذكاء الاصطناعي، كما الإعلام، وكما الرأي العام، يمشي حسب التلقيم، والتلقيم حتى اليوم، وسوف يستمر طويلا جدا تحت سيطرة الصهيونية العالمية التي وصلت حبالها إلى كل النظام الدولي إلى درجة أن هذا الأخطبوط لا يسيطر فقط على البلدان الاستعمارية والبلدان التابعة لها أو وتلك التي تسير في فلكها؛ هذا الأخطبوط موجود حتى في روسيا ولا يزال موجودا ولو بشكل أقل في الصين التي استثمرت في الكيان بأكثر من ١٥ مليار دولار في السنين الأخيرة ما قبل طوفان الأقصى...

كل هذا، دون العودة إلى فضائح الأعراب التي تفوق كل وصف...

العالم قائم على اللاعدل...

إنه عالم ينتظر من يقوم بإحراقه...

لولا عقل بن لادن الأعوج القائم على العصبية الدينية المذهبية العنصرية العمياء، ربما وجدنا منطقا في صراعه ضد كل أولاد القحبة هؤلاء في هذا النظام العالمي الفاقد لكل مقومات العدالة البشرية...

كما يبدو من الوهلة الأولى، اراد المحور تأجيل الرد إلى ما بعد الخامس عشر من هذا الشهر الموافق يوم الخميس القادم حتى لا يُتهم زورا بتعطيل التهدئة وكف الشر الصهيوني الغربي/ العربي عن أهل القطاع...

لكن الجواب جاء حاسما من الشعب الفلسطيني،

رفضت حركة المقاومة الإسلامية حماس العودة إلى مفاوضات تعرف هي كما يعرف كل ذي عقل ومنطق انها ليست سوى حركة عقيمة تهدف إلى امتصاص نقمة اللحظة الآنية والسماح للكيان بالعودة لاحقا الى حرب الإبادة والتطهير العرقي...

وبعد الرفض بيومين، أطلقت حماس صاروخين من نوع M90 على تل أبيب...

جواب حماس هذا، سواء السياسي أول من امس، او العسكري هذا المساء إنما يهدف القول لمحور المقاومة إن شعب فلسطين يعيش الموت المجاني في كل لحظة؛ إن تأجيل الرد او عدم الرد لن يساهم في إنقاذ أطفال فلسطين؛ بل على العكس تماما...

إن الخضوع لسيناريو أميركا والغرب الاستعماري وعرب الذل سوف يؤدي إلى مزيد من الدماء...

إن محور المقاومة يحمل واجبا إنسانيا أخلاقيا بكل المعايير يفرض عليه عدم الخضوع لبروباغاندا محور الشر الغربي العربي...

وذلك حتى لا نقع في الحيص بيص الذي وقع فيه الإعلامي جان عزيز منذ يومين مع جوزفين ديب على قناة الجديد...

حوالي ساعة كاملة من بعض الحق، والكثير الكثير من الباطل...

جان عزيز الذي تكلم او كتب سابقا بإيجابية في يوم من الأيام عن تجربة العنف الثوري مع الدكتور وديع حداد، خرج يلوم حركة حماس وبطلها الاسطوري يحي السنوار لأنه "افتعل" حربا دون الاستعداد الكافي لها...

يبدو أن جان عزيز الذي يسافر بحرية بين لبنان وفرنسا وغيرها من البلدان، نسي أن يحي السنوار والشعب الفلسطيني في غزة يعيشون في قفص؛ في مخيم اعتقال جماعي، وان سلطات الكيان تحسب حتى عددالوحدات الحرارية التي يحق للفلسطينيين تناولها حتى يموتوا جوعا على البطيء...

كل ما فعله السنوار وأبطال المقاومة في غزة هو انهم أظهروا للعالم علنا ما يفعله الكيان دون أضواء؛ كل هذا مع تآمر عربي فاضح سواء في الحصار المباشر، أم في القتل غير المباشر عبر التطبيع والتجارة مع القاتل باسم سلام يقوم على جماجم الفلسطينيين...

بل يذهب جان عزيز إلى نكتة سمجة حين يدين حماس التي لم تجيّر انتصار السابع من أكتوبر إلى محمود عباس وزبانيته الذين يرددون ليل نهار انهم يفخرون بالعمالة لكيان الاستيطان والإبادة...

محمود عباس الذي يدعو إلى مقاومة مدنية في العلن ويلعن دين الشعب الفلسطيني في تنسيق أمني غير منطقي مع الاحتلال...

لا يعرف المرء في أي كتاب قرأ محمود عباس فلسفة المقاومة المدنية...

هل تعلم ذلك من المهاتما غاندي الذي خلع بدلة خضوع العبيد ونسج لنفسه قطعة قماش التحفها لبقية حياته النضالية؟

لا يبدو ذلك على "أبو كرش"...

أم تعلم ذلك من المناضل نيلسون مانديلا الذي فاوض من موقع الرفض لنظام الابارتايد وأصر على شعار

One man, one voice...

لا يكتفي الأستاذ جان عزيز بهذه البهلوانيات من التراجيديا السوداء بل يتمادى ليتهم يحي السنوار إنه لم يسلم النظام الرسمي العربي الأوراق التي كسبتها المقاومة في السابع من أكتوبر لكي يحقق له العرب المكاسب المرتجاة...

يبدو أن الأستاذ عزيز الذي بدأ منذ فترة ليست قصيرة بالرقص على الحبال أيام الآحاد مع جورج صليبي على الجديد؛ يبدو أنه قرر تعليب نفسه داخل علبة مشيخات الخليج التافهة بعد أن تمرد فترة جلبت له بعض الاحترام الذي فقده بالمطلق في مقابلته الأخيرة على الجديد مع جوزفين ديب...

السؤال الموجه لمحور المقاومة اليوم هو ماذا بعد جواب حماس بالنسبة للمفاوضات، وبعد صواريخ الغلاف وصاروخي تل أبيب أمس...

بل ماذا اذا أعاد الأميركي تغيير السيناريو السابق ومدد تاريخ بدء المفاوضات اسبوعا واحدا أو اسبوعين...

هل سوف تتأجل حتمية الرد على قصف الضاحية واستهداف طهران؟

المشكلة ليست في نتنياهو، ولا في بن غفير وسموتريتش...

وجود هذا الكيان العنصري الاستيطاني القائم على مبدأ التطهير العرقي او الإبادة هو المشكلة...

إنهاء هذه المشكلة يتطلب موقفا مبدئيا يقول إننا ذاهبون إلى الحرب الشاملة ولو بالتقسيط...

إنهاء هذه المشكلة يتطلب رؤية واضحة جلية تقول باختصار إن طريق تحرير فلسطين يجب أن يمر في كل عواصم النظام الرسمي العربي وإلى محاربة أميركا وكل حلف الناتو...

يقول الدكتور حسام مطر على ال LBC إن محور المقاومة يملك من مقومات الحرب والقدرة على الاشتباك على جبهة تمتد على مساحة ثلاثة ملايين كلم٢؛ إن هذا المحور يملك ما يشبه مفعول سلاح نووي عبر السيطرة على أبواب هذه المنطقة وممراتها...

مع فارق بسيط هو أن الدكتور مطر يعتبر أن المحور لا يستطيع استعمال كل هذا لأن المفاعيل عظيمة وقد تؤدي إلى انهيار كل منظومة العالم القائم حاليا والذي يقوم بفعل الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، في حين يفرض المنطق أن يقوم المحور فعلا باستعمال كل ما يملك لتوجيه ضربة قاصمة إلى هذا الغرب لانهاء تحكمه بهذا العالم وتحرير الإنسانية من طوق العبودية الذي يلتف حول كل الشعوب الحرة التواقة إلى الحرية والسيادة والاستقلال...

إذا اضطر الأمر؛ فليهدم الهيكل على رؤوس الجميع...

الخسارة الفعلية سوف تقع على من يسود، وليس على من يُساد...

إذا لم يكن من الموت بدا...

من العار أن تموت جبان...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري