نهاية التاريخ في صُوَر قليلة
مقالات
نهاية التاريخ في صُوَر قليلة
حليم خاتون
3 أيلول 2024 , 15:10 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

بين ٥٠٠ طائرة محملة بالعتاد والذخائر، تحدثت هآرتس عن ١٥ طائرة منها جاءت من بلغراد إلى الكيان مباشرة...

سبعة موانئ مصرية تعمل إلى جانب خط الإمارات/ السعودية/ الأردن لكسر حصار الحوثيين ضد كيان الإبادة والاستيطان في فلسطين؛

في نفس الوقت، أصبحت القاهرة إحدى عواصم حصار غزة...

تحت حجة منع تهجير سكان غزة إلى سيناء، منعت القاهرة دخول المساعدات إلى القطاع...

فقدت القاهرة مًلَكَة اللغة العربية وخلطت بين منع الخروج لمنع التهجير القسري، وبين منع الدخول، تسهيلا للتجويع...

انها نفس القاهرة التي كانت تستورد من الكيان ما بين أكتوبر وآب، أغسطس سنة ٢٠٢٢ ب١٠٦ ملايين دولار، وصارت تستورد في نفس الفترة سنة ٢٠٢٤ ب٣٦٢ مليون دولار...

نيودلهي عاصمة الهند يحكمها اليوم رجل هندوسي حلمه القضاء على المسلمين أينما وجدوا...

تعلم من الكيان كيفية الاستيطان... أغرق كشمير بالمستوطنين الهندوس لطمس الهوية القومية والدينية لهذا الوطن المحتل...

لم يمنع تطويع آلاف المرتزقة من الهندوس لارتكاب مزيد من الإبادة في فلسطين...

ثلاث عواصم،

بلغراد، القاهرة، نيودلهي...

ثلاث رجال،

جوزيف بروز تيتو من بلغراد،

جمال عبد الناصر من القاهرة،

جواهر لال نهرو من نيو دلهي...

ثلاث رجال خرجوا في خمسينات القرن الماضي ليعلنوا إقامة منظمة دول عدم الإنحياز في عالم القطبين، عالم أميركا والإتحاد السوفياتي...

ثلاث رجال عظام جعلوا من عواصمهم مركز الثقل الثالث في عالم القطبين...

انهار الاتحاد السوفياتي فاعلن فوكوياما نهاية التاريخ...

تحول العالم الى سلطة القطب الواحد...

أميركا هي الرب الجديد الذي يحدد مصير اي شيء في العالم...

ألم يخرج بعض الكويتيين إلى الشوارع يصرخون بوش أكبر بعد "تحرير" الكويت...

أميركا هي من يحدد شكل التاريخ وطريق سيره...

حتى قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، نجح محمد أنور السادات في تحويل مصر إلى جمهورية موز في حديقة أميركا الخلفية، وصارت القاهرة مجرد مدينة نفايات مادية، وبشرية...

صمد عدم الإنحياز بفضل بقاء يوغوسلافيا والهند على خط قمة الجبل إلى أن انهار الاتحاد السوفياتي...

مات تيتو فجاء ميلوسوفيتش وساهم في تقسيم يوغوسلافيا...

اغتيل رجيف غاندي في الهند، وجاء سينغ الذي لم ير من الإسلام إلا أمثال داعش والنصرة...

بعد أن كانت إنديرا غاندي تعترض على الفيتو الباكستاني لدخول الهند إلى منظمة التعاون الإسلامي وتقول ان في الهند عدد من المسلمين يفوق بملايين عدد الكثير من دول منظمة التعاون؛ صار كل هم سينغ هو تطهير الهند من المسلمين والإسلام إلى درجة التعاون الوثيق مع أميركا الامبريالية والصداقة الحميمة مع الكيان الصهيوني في سبيل هذا الحلم...

هل نعيش فعلا في عصر نهاية التاريخ...؟

أميركا التي فقدت ذراعها الإيراني بسقوط الشاه، أسقطت مصر ثم غزت العراق وخربت سوريا وحولت الخليج إلى مجرد قواعد إسناد للكيان الصهيوني...

لكن هناك نقطة واحدة عصت على نهاية التاريخ...

انها فلسطين...

جاء ترامب يريد شراء ما تبقى من القضية الفلسطينية بأموال يجنيها من خليج مهترئ بعد انتقاله من شرف الصحراء إلى قعر حضارة دبي ونيوم...

العرب من المحيط إلى الخليج صاروا في جيب أميركا...

عبيد بيض وسمر وسود بإستثناء بضع بقاع لم ير فيها الأميركي الا نقاط ممكن إزالتها عبر أفواج من الهمج والوحوش البشرية كان اخترعها أيام أفغانستان تحت إسم المجاهدين...

انهم نفس المجاهدين الذين خربوا الجزائر أيام العشرية السوداء قبل أن تزرع أميركا أمثالهم في العراق وسوريا...

لا يتوقف الشيطان النازي الأميركي عن عبقرية الشر...

كما يُخرِج الساحر الأرانب من تحت القبعة، يخرج لنا الأميركي كل يوم وحش جديد حتى من بين اهل المنطقة...

بعد عدة قرون من التلوث الفكري الذي نشره الاستعمار صارت التربة حاضنة لأشكال وأصناف من أشباه البشر لم يكن البغدادي أولهم، ولن يكون الجولاني آخرهم...

صار عندنا برازاني في العراق، و"برازاني" آخر في سوريا؛ كأن حشرات العنصر العربي المنتشرة لا تكفي...

اليوم يخوض الشعب الفلسطيني آخر صراعات البقاء التي تهدد سيطرة أميركا المطلقة على العالم...

قدر فلسطين أن تكون هي نقطة القتال الأخيرة...

قدر فلسطين أن الطامعين بها هم من يسود أميركا ويسود العالم المسمى "حر" بعد أن تحرر من القيم والأخلاق...

هل انتصار الفلسطيني حتمي؟

ام يلحق هذا الفلسطيني بمن سبقه من الشعوب التي صارت جزءا من تاريخ متاحف الشعوب...

انتقل الأميركي من غزة إلى الضفة والكل يصرخ اننا لا نريد الحرب، لكننا "مستعدون!" لها...

يخرج فطاحل المحللين بأن أميركا لا تريد توسع الحرب والدليل هو الأساطيل التي تحمي القضاء على آخر نقطة من نقاط المقاومة ضد البلطجة الأميركية...

أميركا تحارب في كل الجبهات تحت شعار منع توسع الحرب!!!...

كيف يستوي هذا المنطق؟

ربك أعلم...

هذه ليست احجية...

ولا هي نكتة...

انها عبقرية سيطرة أميركا على عقول الجميع بمن في ذلك الكثير من عقول محور المقاومة الذي صار ممانعة قبل أن ينتهي إلى الإسناد...

انها المعركة الأخيرة...

اذا سقطت فلسطين لن يبقى لبنان ولا سوريا ولا حشد ولا يمن ولا إيران... ولا حتى روسيا...

ربما تتابع الصين التجارة ومراكمة الأرباح لتنتهي في الاخير إلى مجرد هونكونج كبيرة في عالم نهاية التاريخ...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري