اسرائيل وامريكا خطة تفاوضية متقنة
مقالات
اسرائيل وامريكا خطة تفاوضية متقنة
راسم عبيدات
4 أيلول 2024 , 10:06 ص


بقلم :- راسم عبيدات

واضح بأن ما يجري الحديث عنه من مقترح امريكي جديد سيقدم الى المقاومة الفلسطينية وفي قلبها حماس والى اسرائيل على الأرجح يوم الجمعة القادم،هو يأتي في إطار خطة اسرائيلية - امريكية متقنة لتوزيع الأدوار بينهما ،ففي كل مرة يأتي الأمريكي بطواقمه السياسية والأمنية للمنطقة، وزير الخارجية بلينكن ومدير وكالة المخابرات المركزية وليم بيرنز وجون كيربي كبير مستشاري الإدارة الأمركية للإتصالات الإستراتيجية وبريت ماكغورك كبير المستشارين الأمريكيين لمنطقة الشرق الأوسط من أجل الضغط لإتمام صفقة تبادل الأسرى وما يسمونه تقريب وجهات النظر،ومع نهاية كل جولة نسمع نفس اللازمة تحميل حماس والمقاومة مسؤولية افشال الصفقة،رغم ان من يرفضها ويفشلها نتنياهو نفسه ...

وخير مثال على ذلك في المرة الأخيرة وفي زيارة اليهودي بلينكن التاسعة لإسرائيل،قيل بأنه قادم لكي يضغط على نتنياهو للموافقة على المبادرة الأمريكية 31/أيار،ولكي نجد أنه وافق على شروط نتنياهو الأمنية بإستمرار السيطرة الإسرائيلية على محور فلادلفيا ومفرق نتساريم والشروط المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وعدوة النازحين من جنوب القطاع لشماله،والتي اراد من حماس الموافقة عليها،وإلا ستتحمل مسؤولية فشل المفاوضات والصفقة ..وعندما قالت حماس والمقاومة بأنهم يتمسكون بالنص الأصلي للمبادرة الأمريكية 31/5/2024،وبعد مقتل ستة من الأسرى الإسرائيليين وما شهدته اسرائيل من احتجاجات واسعة،شارك فيها اتحاد النقابات العمالية " الهستدروت"، تحمل نتنياهو مسؤولية قتلهم وعدم اتمام الصفقة ...وجدنا بأن امريكا وعلى لسان رئيسها ،خرجت لتقول بأنها ستقدم مقترح نهائي لحماس والمقاومة من جهة ولإسرائيل من جهة ثانية،إما ان يتم اخذه بشكل كامل او رفضه بشكل كامل ...وبما ان امريكا ليست وسيط نزيه او محايد وهو شريك في هذه الحرب ، فالمطالب الإسرائيلية ستكون حاضرة في هذا المقترح على حساب الحقوق الفلسطينية،ويعني ذلك بأن هذا المقترح منطقة وسط بين المبادرة الأمريكية الأًصلية وبين مطالب نتنياهو الأمنية، أي ستلبي جزء من مطالب نتنياهو الأمنية،وتحرم الفلسطينيين جزء من حقوقهم ...وعلى الفلسطينيين ان يوافقوا على ذلك من خلال الضغوط التي ستمارس عليهم من قبل الوسطاء العرب ،وإلا فإنهم يستحملون المسؤولية عن فشل الصفقة واستمرار الحرب العدوانية على القطاع ...ومحظور تحميل نتنياهو مسؤولية فشل تلك المفاوضات وصفقة تبادل الأسرى لأن ذلك يعني دعم وانتصار لموقف حماس والمقاومة وتشجيع لما يسميه نتنياهو ب" الإرهاب" ..أسامة حمدان القيادي في حركة حماس استبق هذا المقترح او المبادرة الأمريكية الجديدة بالقول بأنه لا حاجة لمبادرات او مقترحات جديدة،بل إلزام نتنياهو بقبول المبادرة الأمريكية بصورتها الأصلية التي وافقت عليها حماس والمقاومة ...ويأتي هذا الطرح الأمريكي من أجل امتصاص الغضب الإسرائيلي المتنامي في الشارع الإسرائيلي على خلفية مقتل ستة من الأٍسرى الإسرائيلين الموجودين في ايدي المقاومة الفلسطينية ..وتحميل اهالي الأسرى والعديد من القادة الإسرائيليين عسكرين وسياسيين من امثل غانتس وايزنكوت ولبيد والعقيد احتياط اسحق بريك وغالانت لنتنياهو مسؤولية عدم اتمام الصفقة ....ولعل حكومة الولايات المتحدة ووزارة القضاء الأمريكية،قد استبقت المقترح الأمريكي الجديد بقرار من وزير العدل الأمريكي ،حيث أعلن أعلنت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء «الثلاثاء بالتوقيت المحلي الأميركي» عن توجيه اتهامات جنائية إلى كبار قادة حركة حماس، بما في ذلك رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، متهمة إياهم بقيادة جهود رامية إلى قتل المدنيين وتدمير دولة إسرائيل.

وقال وزير العدل ميريك جارلاند في بيان «كما هو موضح في دعوانا،قاد هؤلاء المتهمون، المسلحون بالأسلحة والدعم السياسي والتمويل من حكومة إيران ودعم من حزب الله، جهود حماس الرامية لتدمير دولة إسرائيل وقتل المدنيين دعما لهذا الهدف».

وأضافت وكالة الأنباء الفرنسية أن وزير العدل قال في بيانه أيضا أنهم « مولوا وقادوا حملة على مدى عقود، لقتل مواطنين أميركيين وتعريض أمن الولايات المتحدة للخطر».

وأكد ف في بيانه «إن الاتهامات التي تم الكشف عنها اليوم ليست سوى جزء واحد من جهودنا لاستهداف كل جانب من جوانب عمليات حماس. ولن تكون هذه الإجراءات الأخيرة».

نحن ندرك تماماً بأن الإدارة الأمريكية لا تجرؤ ولا تريد القول لنتنياهو، إما ان تقبل بالمبادرة الأمريكية الأمريكية ،او ستواجه منع تدفق السلاح الأمريكي ،فهذه الإدارة الشريك لنتنياهو في هذه الحرب،وصاحبة فكرتها ،هي من تقود الحرب عسكرياً وامنيا على شعبنا في القطاع والضفة الغربية،ولذلك هي استبقت مقترح الرئيس الأمريكي بايدن الجديد ،بقرار جديد من وزير عدلها،يتهم فيها ستة من قادة حماس بالإرهاب والسعي لتدمير دولة اسرائيل وقتل المدنيين،وحتى تهديد الأمن القومي الأمريكي ،ولذلك لكي تقنع نتنياهو بقبول المقترح الجديد،والذي يأخذ جزء كبير من اشتراطاته الأمنية بعين الإعتبار على حساب الحقوق الفلسطينية،وحتى اذا لم يجر الموافقة على مقترح بايدن الجديد من قبل حماس والمقاومة الفلسطينية ،او من قبل نتنياهو، فسيكون المسؤول عن فشله في كلا الحالتين حماس والمقاومة ،فنتنياهو محظور تحميله مسؤولية الفشل،ولعل التهديد الأمريكي بالإنسحاب من الوساطة المزعومة، سيخرج علينا جماعة " الخلاف الإسرائيلي- الأمريكي " بالقول بأنه يجب علينا ان نبقي منفتحين على أمريكا ،وأن لا نضيع الفرص ،وكأن الفرص تكمن في تقديم التنازلات ورفع راية الإستلام من الجانب الفلسطيني، هكذا تربت دول النظام الرسمي العربي تاريخياً وفي كل المفاوضات التي خاضتها مع دولة الإحتلال،بأن التنازل والتخلي عن الحقوق سيد الموقف ،تحت اسم الواقعية والعقلانية،ولعل تهديد بايدن بالإنسحاب،قد يدفع دول النظام الرسمي العربي المنهار للقول بأنه علينا ان نعتصم حتى يعدل بايدن عن قراره ،" فنحن نأنس بوجود وساطته ونشعر بالوحشة إذا انسحب".

نتنياهو اذا ما حوصر داخلياً وخارجياً،ولأن الإدارة الأمريكية تريد الصوت العربي- الإسلامي من اجل تحسين فرص كامالا هاريس للفوز في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من اكتوبر،ولكي يجهض ويمنع تصاعد الحركة الإحتجاجية الداخلية ضده على خلفية رفضه اتمام صفقة تبادل الأسرى ،فهو قد يوافق على تنفيذ المرحلة الأولى منها،حيث يستعيد عدد لا بأس به من اسراه،ويرمم صورته وشعبيته امام الجمهور الإسرائيلي،ومن ثم يستانف علمياته العسكرية على القطاع،فلا ضمانات ملزمة تمنعه من ذلك ولا رهانات على أي وسيط ،وخاصة بأن كل المقترحات الأمريكية والصياغات منذ الجولة الأولى وحتى الان تتحدث عن وقف إطلاق نار وليس انهاء عدوان ،وعن استعادة مخطوفين وليس تبادل اسرى.

فلسطين – القدس المحتلة

4/9/2024

[email protected]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري