يبدو أن ما يسمى زوراً بالتطبيع لا يترك لنا مساحة للشرح و التحليل و التفصيل و التبيان و الإقناع لأن ما يحصل هو خيانة وطنية عظمى ، و بكل المقاييس القانونية و الثورية و الإنسانية ؛ و تحت مسميات مختلفة لا نريد إجترارهاً دهراً و تبيان إجراميتها و خيانة و نذالة القائمين عليها.
رأس حربة الخيانة العربية الرسمية هي بالأصل فلسطينية عرفاتية حبلى بجبل من الخيانات الواضحة جداً ، و لم يعد ممكناً إخفاء الزنا و السفاح العرفاتي الإخونجي إلا بمعجزة كبرى و تسمية الأمور بغير مسمياتها كزواج شرعي و مبارك مع "Love Story " تمتد رسمياً منذ إنطلاقة العهر في 1.1.1965 كتشابك و تواصل لسياسة إخونجية عتيقة ، جذورها تقع عند حسن البنا في نهاية عشرينيات القرن الماضي لتشويه كل ما هو شريف و إنساني و تقدمي و قومي عربي و تبهيته و تتفيهه حتى أسفل الدرجات.
عرفات مسلحاً بالدولار الخليجي كان زعيم ذلك المشروع وأستغرب بشدة أن البعض الفلسطيني يسمي "سادات فلسطين" شهيداً مع أن كل فلسطيني يعرف أن كل من يمتدح عرفات فإنما لأن سحر الدولار و الريال السعودي و الخليجي كان له غلبة و سلطان أقوى من فلسطين و دم الشهداء و عذابات الجرحى و الأسرى و الإنتماء لفلسطين و العروبة.
و عوداً على بدء و ما تلاه نقول بأن المعلومات و الأنباء الواردة و غير المتضاربة تشير أن الجهاد الإسلامي و الجبهة الشعبية ستشاركان بمؤامرة الإنتخابات اللا شرعية و الغير قانونية ، لما يُسمى المجلس التشريعي وتحت سقف أوسلو التي لا تخدم سوى الكيان الصهيوني و مصالحه و أقصى ما يمكن أن يحصل عليه الفلسطينيون هو نوع من الإدارة الذاتية لتجمعات فلسطينية كي يصبح إحتلال فلسطين كل فلسطين و الجولان و مزارع شبعا كأرخص إحتلال عبر التاريخ.
هنا تحول الجهاد الإسلامي و الجبهة الشعبية كشهود زور على الحفلة المتصهينة الماجنة لإغتصاب الشعب الفلسطيني و تدمير كرامته و إظهار ذلك و كأنه موافق على ذلك و بهذه الشروط المجحفة المذلة.
أما الجبهة الشعبية و كي نفهم لماذا وصل بها الإنحطاط إلى هذا المستوى و خصوصاً و ربما حصراً في جسمها القيادي فلا بد من فهم و تحديد بعض النقاط:
1. إنسلاخها و منذ النشأة عن حركة القوميين التي كانت واعدة جداً و تبنيها للفكر الماركسي اللينيني على طريقة مهرجي السيرك.
2. التخلي عن وديع حداد و رفاقه بل و سرقة نضالهم و إرثهم الثوري و تمييع شعار وراء العدو في كل مكان.
3. تبهيت و تشتيت المضمون الفكري لتراث كنفاني السياسي.
4. التراجع عن مضمون و أسس و معنى جبهة الرفض بحجة سخيفة جداً هي مواجهة كامب ديفيد مع أن عرفات أخطر من السادات و أكثر تصهيناً.
5. قبول الإنسحاب من بيروت في 1982 و عدم القتال بصورة كافية و مقبولة و بذلك أعطت شيكاً على بياض لسادات فلسطين لإستكمال خططه للوصول إلى أوسلو و قبلها مدريد و لرفع شعار يا وحدنا.
6. تفاهمات الجبهة مع عرفات في الجزائر 1984 حيث قدمت لعرفات تنازلات جديدة أدت لتصدع و إنسلاخ في قواعد الجبهة.
7. مؤتمر الجزائر ل م.ت.ف عام 1988 و أدى لتثبيت و تقوية السلطة العرفاتية.
8. ذهاب قيادة الشعبية إلى بيت الطاعة العرفاتي في رام الله و ضمن مخرجات أوسلو التي رفضتها الجبهة قولاً و تحولت إلى موظفين لدى العرفاتيين الأوسلويين بعد أن تخلت بشكل شبه كلي و شامل عن كل تنظيم الجبهة في الخارج.
بالتدريج و بمال الحرام و الخيانة لم يعد أمام تلك القيادة إلا أن تلتزم بأوامر السلطة الإخونجية في الضفة و شقيقتها السلطة الإخونجية في غزة .
هذا هي صورة الوضع الآن فماذا نحن فاعلون ؟
يتبع في المقال القادم ...
جاسر خلف