مقالات
كتب البروفيسور الدكتور محمّد كاظم المهاجر: "فلينظرْ كلُّ ذي بصيرة ، ولينكفئ كلُّ مُغرِض".
د. محمد كاظم المهاجر 30 أيلول 2024 , 22:02 م
_ سيل متصاعد من الكتابات على صفحات الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى المستوى النسبي او التفسيري التفصيلي، تصاعدت وتائِرُه بشكل مكثّف، واشتدت مع العدوان الصهيوني الأخير على لبنان، بكل تفاصيلها المعروفة وقمتُها شهادةُ سيدِ المقاومة الحسنِ المُرْتَقي في مسيرته، إلى الباري عز وجل.
وهذا يستدعي مِنّا منظوراً عميقاً مستنداً الى سياقِ وعيِنا، ومساقات عقيدتِنا وروحِ ايمانِنا ومنحى سلوكِنا المُنطلِقِ عن ذلك،وهذا ما سنسوقهُ في مقالتنا هذه.
_ الأحداث التفصيليةُ والنسبية، ضِمْنَ كُلِّ مراحلِ الصراع، وبكل أبعادها المحليةِ والإقليمية والدولية، إنْ هي إلّا تحرُّكاتٌ آنِيَّةٌ تخدمُ المُعطى الِاستراتيجيَّ المخطَّطَ له، وما يرتبطُ به منَ الهدفِ الأبعَد، وبما يوجِبُ النظرَ إليها وفق هذه القاعدة المنطقية.
_ المعطي الِاستراتيجيُّ الأبعَدُ لِمُنْطَلَقاتِ الهيمنةِ الغربيةِ الانكلو سكسونيةِ، الإحاطةُ بها تُوجِبُ العودةَ إلى: (مقرراتِ كامبِّلْ بِّنِرمان، منحى مجريات الفكرِ والسلوكِ للانكلو سكسون
بروتستانت (wesp)، وانصهارِ الحركةِ الصهيونيةِ فيها، كذراعٍ إقليميةٍ، وإلى منظورِ بريجنسكي (الضّربُ أسفلَ الجدار، الدين والقومية) ومنظورِ كيسنجر (الخطوة خطوة)، وإلى المشاريع المبذولة: (الشرق الأوسط الجديد، الفوضى الخلاقة،صفقة العصر،التطبيع ... .الخ )،كل ذلك يستوجبُ حضورَه في أذهانِنا، عند النظر إلى الصراع الوجوديِّ معَ الكِيانِ الصهيونيّ؛وهنا أيضاًمنحى آخرُ تعملُ الماكينةُ الأمريكيةُ الصهيونيةُ على دَفْعِهِ، كَشَرْخٍ أساسيٍّ فاعلٍ ومفصليٍّ، ويحملُ شيئاً من معطياتٍ عميقةٍ تُمَهِّدُ لِلحَسْمٍ قائمٍ على استبدالِ الصراعِ العربيِّ الصهيونيِّ بِصراعٍ عربيٍّ فارسيّ، تُبْذَلُ لهُ كُلُّ مفاصلِ الحركة، ليس فقط على مستوى قُدُراتٍ عسكريّةٍ ومادِّيّةٍ، وإعلامٍ وسياساتٍ، وترويجاتٍ فكريةٍ منَ المركَز، وإنّمايُجَنّدُ لهُ كُلُّ المُستطاعِ حتى مستوى المنظمات المحلية ، ومراكزِ البحوث، وأفرادٍ بعناوينَ أكاديميةٍ، وكتبةٍ محلِّيِّينَ مُنتشرينَ، سواءً في أقطارِ الوطنِ العربيِّ أوفي دُوَلِ العالمِ، ومِنّ السّهْلِ جِدّاً التَّعَرُّفُ إليهم، بمتابعةٍ منظورة ؛ مع الإشارةِ إلى أنّها جعلتْ منَ الحربِ العراقيةِ الإيرانيةِ مدخلاً لهذا المُخَطَّطِ الشيطانيِّ الإجراميِّ الرهيب.
لقد سقطت استراتيجيةُ بريجنسكي: الضرب أسفلَ الجدار، بضرب الدين والقوميةِ الأعمقِ في حياة الشعوب، وسقطت ضرب الوَحدةِ الإسلاميةِ بين السُّنَّةِ والشيعة، بسقوط المنظماتِ التكفيريةِ الإرهابيةِ التي أوجدَتها أمريكا، كمااعترفت بذلك، وجاءتِ انتفاضةُ غزّةَ( طوفانُ الأقصى)،لِتَقْبُرَها إلى الأبد.
أماضربُ القومية التي يُجَنَّدُ لها أُناسٌ من فلولِ المتساقطينَ منَ المساراتِ القوميةِ يحرِفونهالِجَعْلِها تصبُّ في هدف إحداثِ الشرخِ الأكبرِِ المبذول: صراعٍ عربيٍّ فارسيٍّ بديلٍ للصراعِ العربيِّ الصهيونيّ؛وأيضا، لابُدّ لي من إشارةٍ مُضافةٍ أوردَها كيسنجر، كتوصية، وكما وردتْ في كتابه:( النظام العالمي). عندما أدركَ أنَّ سِرَّ قوّةِ المسلمينَ يكمُنُ في الروحِ الإيمانيةِ التي بثّها فيهمُ الرسولُ الكريم، وبالتالي، للهيمنةِ عليهم لابُدَّ أنّ سياقاتِ الصراعِ معهم يجبُ أنْ لاتقتصرَ على الجانبِ العسكريّ، إذْ لابدَّ من قتلِ الروحِ الإيمانيَّةِ عَبْرَ سِياقاتٍ اقتصادية ، اجتماعية، سياسية وفكرية.......الخ .
_ من هذا المنظورِ المعروضِ أعلاه نرى تفاصيل الصراع على أرض الواقع، كمفاصلَ مرحليةٍ شكّلتْ،
في المقاومةِ الإسلاميةِ، النَّد الأمنعَ والأصعبَ، بعد تحريرها لبنانَ منْ رِِجْسِ الِاغتِصابِ الصهيونيِّ الذي استمرَّ ( 1982_2000 )،وانتصار 2006، وإسقاطِ مشروعِ الشرقِ الأوسطِ الجديد، وكَسْرِ مُعادلَةِ التفوُّقِ وفرْضِ مُعادلةِ توازُنِ الرَّدْع؛ وجاءت معركةُ 7 تشرين( طوفان الأقصى )لتصب في سياقِ مسارها.
وبذلك شكّلتِ الحلقةَ التى يجبُ على الانكلوسكسون _ الصهيوني كَسْرَها،فانْصَبَّ العُدوانُ الصهيونيُّ بكلِّ خلفياتِهِ الغربيةِ، ليس فقط المسانِدَةَ، وإنّما المشاركةَ في العدوانِ، ومعهم بعضُ الأنظمةِ العربيةِ، لِكَسْرِ هذا المسارِ التَّحَرُّرِيِّ العادلِ، وفصلِهِ عن قِواهُ المُسانِدَةِ والداعمة،وإمدادِها العسكريِّ المتمثلةِ بالجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانية.
_ هُنا، لابُدَّ منَ التأكيدِ اليَقِينِيّ أنَّ المقاومةَ في لبنانَ وغزَّةَ، ومعَ أطرافِ مِحوَرِها في اليمن والعراق وسوريا، تقاتلُ بالنيابةِ عنِ الأُمّةِ بحالةِ صفائها، وهي لم تطلبْ في أيِّ يومٍ منَ الأيام، أنْ تُقاتِلَ معها إيرانُ إلّا بِمِقدارِ قرارِها الذاتيِّ المُنسَجمِ معَ سِياقِها الإستراتيجيِّ، والذي هو موضعُ احتِرامٍ، ويكفي منها الإمدادُ والدَّعمُ الذي تقومُ بِهِ خيرَ قِيام؛ وماالأقلامُ والأصواتُ التي تصاعدَتْ، سواءً تحميلُ حماسَ نكبةَ غزة، أوْ تحميلَ المقاومةِ الإسلاميةِ حرباً إقليميَّةً، والتّهَجُّمَ على الجمهوريةِالإسلاميةِ إلًاأصواتٌ وأقلامٌ مأجورةٌ ومدفوعةُ الثّمَنِ هادفةٌ إلى الشَّرْخِ، سواءً في محورِ المقاومةِ، أوْ معَ سَنَدِها الأساسِ: الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانية، أو إحداثِ شَرْخٍ وبلبلةٍ في بيئةِ المقاومةِ المُلْتَفَّةِ حولَها .
_ إنّ تَلَقِّي ضربةٍ مؤلمةٍ، منَ العدوِّ الصهيونيِّ ومعهُ الغربُ كُلُّه، والشكلَ الذي حدَثَ باستخدامِ التفوُّقِ التكنولوجيِّ ليس نهايةَ المطاف، وإنْ هِيَ إلّا حالةُالكَرِّ والفَرِّ التي يمكن أن تترافقَ مَعَ أيِّ حربٍ تنشأُ في عصرنا الراهن.
المهمُّ تأكيدُ المقاومةِ على نهجِها ووحدةِ ساحاتِها، واصرارَها على متابعةِ التّصدِّي لوجود هذا الكيان الغاصب، واستعادةِ بُنْيَتِها القتالِيَّةِ، بإيمانٍ أعلى واقتدارٍ أشدَّ تماسكاً ووحدةً، في محورِ المقاومةِ، أكثرَ تماسُكا ، وهو ما أكَّدَه نائبُ الأمينِ العامِ المُجاهِدِ الشيخ نعيم قاسم في خطابه اليوم.
_ أبَداً أبداً أبداً، إلى اِنقِطاعِ النَّفَس، النهجُ الحُسَيْنِيُّ في السيرإلى الباري عزّ وجلّ، والذي رَسَّخَهُ القائدُ الشهيدُ الحَسَنُ الطّاهِرُ:"النَّصْرُ أو الشهادة"، هو نهجٌ مُستَمِرٌّ قائمٌ إلى يومِ الدِّين، وهو مِنْ صُلْبِ عقيدَتِنا الإلٰهِيّة .
المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة
قصة الحلاج ونشيد والله ما طلعت شمس ولا غربت وموسيقى صوفية..
انشودة, أتظن أنك عندمـــا أحـــرقتنــي.. ورقصت كالشيطان فوق رفاتي
حرب أميركا الاستباقية
كتب :أ .د .نسيب حطيط - بيروت: المقاومة الثقافية, حتى لا تضيع التضحيات... بين التعويضات واعادة الإعمار!
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً