أثيرت تساؤلات في الآونة الأخيرة احتمال انتهاك الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، لقانون لوغان، وذلك عقب تقارير حديثة تشير إلى علاقاته الشخصية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. تلك العلاقات تطرح شكوكا حول إمكانية تجاوز ترامب لصلاحياته كمواطن أميركي غير مخول للتفاوض مع حكومات أجنبية معادية للولايات المتحدة، وذلك في فترة حساسة تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة.
خلفية عن قانون لوغان
قانون لوغان هو تشريع أميركي يعود تاريخه إلى عام 1799، يهدف إلى منع المواطنين غير المخولين من التفاوض مع حكومات أجنبية في حالات الخلاف مع الولايات المتحدة. ويعتبر هذا القانون وسيلة للحفاظ على وحدة الموقف الأميركي أمام الأزمات الدولية. رغم ذلك، لم يُحاكم أو يُدان أي شخص بموجب هذا القانون حتى الآن، حيث رفعت قضيتان فقط بموجبه في الأعوام 1803 و1853، ولم تسفر أي منهما عن إدانة.
تفاصيل التقارير حول ترامب وبوتين
وفقا لما ورد في كتاب الإعلامي الأميركي بوب ودوارد "الحرب"، كشف عن أن دونالد ترامب قد أجرى عدة مكالمات شخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ مغادرته البيت الأبيض في عام 2021. وذكر الكتاب أن ترامب أمر مساعده بالخروج من مكتبه في مقر إقامته بفلوريدا ليتمكن من إجراء مكالمة هاتفية خاصة مع بوتين، في وقت حساس قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويشير ودوارد إلى أن عدد المكالمات التي جرت بين ترامب وبوتين قد يصل إلى سبع محادثات شخصية. بالإضافة إلى ذلك، ذكر الكتاب أن ترامب أرسل معدات اختبار لكوفيد-19 إلى بوتين في بداية الوباء للاستخدام الشخصي.
نفي ترامب لهذه الادعاءات
رغم هذه التقارير، نفت حملة ترامب هذه الادعاءات بشكل قاطع، ووصفتها بأنها "مزيفة تماما". كما نفى الكرملين جزءًا من التقارير، مؤكدًا أن ترامب أرسل بالفعل معدات اختبار لكوفيد-19، لكنه نفى إجراء أي مكالمات هاتفية مع بوتين.
تحليل قانوني: هل انتهك ترامب قانون لوغان؟
يتساءل البعض عما إذا كانت هذه الاتصالات بين ترامب وبوتين تمثل انتهاكًا لقانون لوغان. وفقا للخبير القانوني جوليان كو، يعتمد تقييم هذا الانتهاك على طبيعة المحتوى الذي دار في هذه المحادثات. فإذا كانت المحادثات تدور حول مواضيع غير حساسة مثل الطقس، فلا يوجد انتهاك للقانون. ومع ذلك، إذا تضمنت المحادثات محاولات لتقويض السياسة الأميركية تجاه روسيا، فقد يكون هناك خرق واضح.
لكن حتى لو تم اعتبار هذه المكالمات انتهاكا لقانون لوغان، قد يكون لدى ترامب دفاع قوي بموجب التعديل الأول من الدستور الأميركي، الذي يحمي حرية التعبير. وبالتالي، يظل الأمر محل نقاش قانوني معقد.
استخدام قانون لوغان في المناكفات السياسية
رغم عدم استخدام قانون لوغان لإدانة أي شخص حتى الآن، إلا أنه يظهر أحيانا في السجالات السياسية. فعلى سبيل المثال، في عام 2019، اتهم ترامب وزير الخارجية الأسبق، جون كيري، بانتهاك القانون بسبب مشاركته في مفاوضات مع إيران، وهو ما نفاه كيري. وفي عام 2020، اتهم ترامب السيناتور كريس ميرفي بانتهاك القانون بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني.
قانون لوغان، رغم عمره الطويل وعدم استخدامه في محاكمات فعلية، يظهر في السجالات السياسية بين الحين والآخر. ورغم الشكوك حول انتهاك ترامب لهذا القانون بتواصله مع بوتين، إلا أن المسألة تعتمد بشكل أساسي على طبيعة تلك المحادثات وما إذا كانت تتعارض مع سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا. لكن حتى في حال ثبوت انتهاكه، قد يكون لترامب حجة قانونية قوية بناءً على حماية حرية التعبير المكفولة بموجب الدستور.