أعلنت وكالة ناسا عن إطلاق مهمتها الجديدة للبحث عن الكائنات الفضائية على قمر أوروبا، رابع أكبر أقمار كوكب المشتري. وقد انطلقت مركبة "يوروبا كليبر" من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا في الساعة 12:08 بعد الظهر بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وذلك داخل صاروخ "فالكون" التابع لشركة سبيس إكس.
تكلفة المهمة والمسافة المستهدفة
تبلغ تكلفة المهمة 5.2 مليار دولار، وستسافر المركبة نحو 1.8 مليار ميل حتى تصل إلى أوروبا، حيث من المتوقع أن تصل في أبريل 2030. خلال رحلتها، ستقوم المركبة بأكثر من 40 مرورا للبحث عن "الظروف المناسبة للحياة".
أهمية قمر أوروبا في البحث عن الحياة
تُعتبر أوروبا واحدة من أبرز الأماكن التي يمكن أن تحتوي على مقومات الحياة، وذلك بفضل وجود محيط من الماء السائل تحت سطحها الجليدي. وذكرت جينا ديبراتشيو، إحدى مسؤولي ناسا، أن "أوروبا واحدة من أكثر الأماكن وعدًا للبحث عن الحياة خارج كوكب الأرض".
البحث عن مقومات الحياة: ثلاثة مكونات أساسية
على الرغم من أن المهمة ليست مصممة خصيصا للبحث عن الحياة، إلا أن "يوروبا كليبر" تهدف إلى مساعدة ناسا في معرفة ما إذا كان القمر يحتوي على العناصر الأساسية للحياة. وقد حدد العلماء سابقا أن كوكبا ما يحتاج إلى ثلاثة مكونات رئيسية لكي يحتضن الحياة: درجات حرارة تسمح بوجود الماء السائل، وجود جزيئات قائمة على الكربون، ومدخل للطاقة مثل ضوء الشمس. وتعتقد ناسا أن أوروبا تحتوي على هذه المكونات الثلاثة.
استكشاف المجهول
قالت الدكتورة بوراتتي إن المهام الاستكشافية مثل هذه دائمًا ما تكشف عن أشياء "لم نكن لنخمنها". وأشارت إلى أن هناك شيئًا ما سيكون هناك - المجهول - سيكون مذهلاً لدرجة أننا لا يمكننا تصوره في الوقت الحالي، وهو ما يثير حماسها أكثر.
الخصائص الجيولوجية لأوروبا
يُعتقد أن قمر أوروبا، الذي يعد واحدا من 95 قمرًا معروفًا حول كوكب المشتري، مغطى بطبقة جليدية يقدر سمكها بين 10 إلى 15 ميلا أو أكثر. يعتقد العلماء أن هذه القشرة المجمدة تخفي محيطا مائيا ملحيا قد يكون عمقه 80 ميلًا على الأقل ويمتلك ضعف كمية المياه الموجودة في محيطات الأرض مجتمعة.
تحليل البيانات والتكنولوجيا المتطورة
فصل صاروخ "فالكون هيفي" عن المرحلة الأساسية بعد حوالي خمس دقائق من الإطلاق، مما يعني أن "يوروبا كليبر" قد وصلت إلى الفضاء للمرة الأولى. تلقت ناسا وسبيس إكس بيانات تُظهر أن كلا من صاروخ "فالكون هيفي" و"كليبر" في حالة جيدة أثناء وجودهما في المدار. تم فصل المركبة الفضائية في حوالي الساعة 1:13 بعد الظهر بتوقيت شرق الولايات المتحدة.
قاد فريق من الباحثين من جامعة واشنطن عملية تحديد أن الأدوات الموجودة على متن "كليبر" قادرة على التقاط خلية حية واحدة من حبيبات جليدية صغيرة مطلوبة من محيطات القمر.
تحتوي المركبة على تسعة أجهزة، مع تخزين إلكترونياتها الحساسة في صندوق محصن بجدران كثيفة من الزنك والألومنيوم لحمايتها من الإشعاع. كما تحتوي المركبة أيضا على رادار مصمم خصيصا لاختراق الغلاف الجليدي للقمر.
الكشف عن الحياة: خطوة تالية
إذا أرسلت "كليبر" نتائج إيجابية، فستحتاج مهمة أخرى إلى القيام بالرحلة لمحاولة الكشف عن الحياة، مثل الحفر عبر القشرة الجليدية. قال روبرت بابالاردو، عالم المشروع في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا: "تعمل الأدوات معًا للإجابة عن أهم أسئلتنا حول أوروبا". وأضاف: "سنتعلم ما الذي يجعل أوروبا تعمل، من قلبها وداخلها الصخري إلى محيطها وقشرتها الجليدية وصولا إلى غلافها الجوي الرقيق والبيئة المحيطة بها".
الرحلة القادمة: مهمات مستقبلية
شهدت أوروبا زيارة خمس مركبات فضائية سابقة، ولكن "كليبر" ستحتوي على أقوى الأجهزة من أي مهمة سابقة، وتم تطويرها بهدف البحث عن الحياة. تعتقد الدكتورة بوراتتي أن أي حياة موجودة على أوروبا ستكون بدائية، مثل الحياة البكتيرية التي نشأت في فوهات المحيطات العميقة على الأرض.
ستستمر المهمة الرئيسية لأربع سنوات أخرى حيث تقوم المركبة بـ 49 مرورا فوق أوروبا، بحيث تقترب من سطح القمر لمسافة تصل إلى 16 ميلا. ستكون المركبة معرضة للإشعاع الشديد، مما يعادل عدة ملايين من الأشعة السينية للصدر في كل مرور.