أظهرت الدراسات أن التنفس العميق يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتقليل التوتر في مكان العمل. ومع ذلك، كثير من الناس في العمل لا يفكرون في كيفية تنفسهم، فالموظفون المكتبيون الذين يجلسون أمام الكمبيوتر غالبا ما يأخذون أنفاسا سطحية بينما يرتفع كتفاهم. أما العاملون في مجال البيع بالتجزئة أو الرعاية الصحية، فقد يكونون مشغولين جدا بحيث لا يركزون على تنفسهم.

ولكن هناك سبب وجيه للتوقف وأخذ نفس عميق بين الحين والآخر. فوفقا لجمعية القلب الأمريكية، يمكن أن يكون التوتر المزمن غير المُدار ضارا بالصحة مثل التدخين السلبي، حيث يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. وتظهر الأبحاث أن تمارين التنفس العميق يمكن أن تخفض ضغط الدم وتقلل القلق.

فوائد متعددة للتنفس العميق

من ميزات التنفس العميق أنه مجاني، ويمكن القيام به في أي مكان ولا يتطلب قضاء نصف ساعة في التأمل. يكفي دقيقة أو دقيقتان من التنفس العميق لتهدئة الأفكار المتسارعة، بحسب ما يقوله الخبراء.

تقول ليزا ماري ديليفو، وهي محترفة في التسويق وأم لخمسة أطفال: "يجعل ذهني مسترخيا تماما. يعيدك إلى اللحظة الحالية". تعرضت ديليفو لتسريح من العمل قبل عدة أشهر وتعاني من صعوبة في إيجاد وظيفة جديدة. تستيقظ معظم الصباحات عند الرابعة أو الخامسة صباحا، قبل أن يستيقظ الأطفال، لممارسة تمارين التنفس. ومن بين هذه التمارين تقنية تُعرف بالتنفس من خلال الأنف البديل، وهي تمرين يوغا يتضمن الشهيق من خلال فتحة أنف والزفير من خلال الأخرى، مع استخدام الإبهام أو السبابة لإغلاق إحدى فتحتي الأنف في كل مرة.

تقول ديليفو: "إذا وضعت نفسك في الأولوية، يمكنك إيجاد الوقت".

تقنية التنفس لتهدئة الأفكار المشتتة

يقول الدكتور غلين ليفين، أستاذ الطب في كلية بايلور: "يمكنك التركيز على التنفس لدقيقة إلى خمس دقائق للمساعدة في تنظيف الذهن ومسح جميع الأفكار المشتتة... مما يسمح لك بالتركيز على الشيء الذي تريد إنجازه".

ويضيف: "أفضل تشبيه هو إيقاف تشغيل الكمبيوتر عندما يكون لديك 37 برنامجا مفتوحا ويتجمد".

ينصح ليفين بممارسة تمارين التنفس أثناء الجلوس على مقعد في الخارج إن أمكن. وفي حال عدم توفر ذلك، يمكن القيام بها على المكتب. ويوضح: "إما أن تطفئ شاشتك أو تضع شيئا فارغا على الشاشة ليبدو وكأنك لا تزال تعمل. بدلاً من التركيز على الشاشة، ركز على تنفسك. وإذا كان ذلك ممكنا، أغمض عينيك".

تمرينات التنفس قبل بدء اليوم

للتغلب على القلق قبل بدء يوم مليء بالاتصالات الباردة، تقوم ليندسي كارلايل، ممثلة مبيعات التطوير، بممارسة تمارين التنفس مع ابنتها البالغة من العمر 7 سنوات أثناء القيادة إلى المدرسة. يتنفسون لسبع عدات، يحبسون أنفاسهم لخمسة، يزفرون لسبع عدات، ويكررون الدورة عدة مرات.

تقول كارلايل، التي تعيش في فلينت، ميتشغن: "خلال هذه العملية، تبدأ أكتافي في الهبوط تلقائيا، وهو أمر مهدئ حقا. لست مدربة يوغا. لا أعرف تمامًا ما أفعله، لكنه يعمل".

تقنية التنفس الصندوقي

تُدرِّب سوزي يالوف شوارتز، التي كانت تعمل كمحررة أزياء مرهقة قبل أن تتعلم تقنية تأمل لمدة ثلاث دقائق من حماتها، تقنية تنفس تُعرف بالتنفس الصندوقي. تتضمن هذه التقنية الشهيق لأربع عدات، الاحتفاظ بالنفس لأربع عدات، الزفير لأربع عدات والاحتفاظ بالنفس لأربع أخرى. تقول شوارتز: "أفضل ما يمكن القيام به في العمل هو التنفس قبل الاجتماع، أو قبل إرسال بريد إلكتروني، أو قبل إجراء محادثة صعبة. لأنه يهدئك ويزيل الطاقة السلبية".

كيفية دمج التنفس العميق في العمل اليومي

في بيئات العمل مثل البيع بالتجزئة، حيث يتعامل الموظفون مع العملاء، توصي شوارتز بممارسة التنفس العميق أثناء تسجيل البيع أو طي الملابس، أو حتى أخذ نفس عميق قبل دخول الغرفة.

أما موظفو المكاتب، فيمكنهم ضبط مؤقت على هواتفهم لتذكيرهم بالتنفس العميق، كما تفعل كارلايل، التي تحتفظ بملاحظة على شاشتها تقول: "تنفس".

تختم كارلايل: "القلق دائمًا موجود. ولكن على الأقل أعلم أن لدي أداة صغيرة واحدة... قد يبدو الأمر بسيطا وسخيفا، لكنه فعّال".