ما الذي يعنيه قرار الجنائية الدولية بحق قادة دولة الإحتلال..؟؟
مقالات
ما الذي يعنيه قرار الجنائية الدولية بحق قادة دولة الإحتلال..؟؟
راسم عبيدات
21 تشرين الثاني 2024 , 23:02 م

بقلم :- راسم عبيدات

قرار محكمة الجنائية الدولية الذي تأخر صدروه كثيراً ضد رئيس وزراء الإحتلال نتنياهو ووزير حربه المقال غالانت بسبب ضغوط وتهديدات كبيرة واجهها رئيس محكمة الجنايات الدولية كريم خان وقضاتها من قبل أمريكا، والتي سعت لإبتزاز رئيس المحكمة وقضاتها مادياً وشخصياً ،وهددت بفرض عقوبات على محكمة الجنايات الدولية، إن اقدمت على اصدار مذكرة اعتقال بحق قادة الإحتلال، فهذه المحاكم وفق التوصيف الأمريكي ،فقط انشئت من اجل العرب والأفارقة والرؤوساء المارقين أو البلطجية امثال الرئيس الروسي بوتين،وليس لمحاكمة قادة امريكا وضباطها وجنودها وقادة الدول الغربية، أو حلفائهم من " الديمقراطيين" أمثال قادة دولة الإحتلال،هؤلاء القادة الذين "تقطر" الإنسانية من وجوههم" وأيديهم لم  "تتلطخ بدماء الأبرياء ،من اطفال ونساء  في قطاع غزة،ولم يمارسوا بحقهم التجويع والحصار والقتل والإضطهاد والممارسات اللا انسانية وفق قرار محكمة الجنايات الدولية،هذا القرار سيشكل حالة إرباك وقلق وخوف،ويزيد من حدة الإنقسامات والصراعات داخل اسرائيل ،فهذا القرار وصفه زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد بالفشل السياسي، في حين زعيم ما يعرف بالمعسكر الوطني بني غانتس  وصفه بالعمى الأخلاقي والعار التاريخي الذي لا ينسى ،اما بن غفير  زعيم حزب القوة اليهودية، فقال بأن هذا عار لا مثيل له،ويجب مجابهة هذا القرار عبر زيادة الإستيطان وضم الضفة الغربية وزيادة الضغط على السلطة الفلسطينية وقطع العلاقات معها.،وفرض عقوبات عليها في حين قال رئيس وزراء الإحتلال السابق نفتالي بينت،بأن من عليه ان يخجل قضاة المحكمة وليس " اسرائيل".،وكذلك زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي جون ثون،قبل صدور هذا القرار هدد بفرض عقوبات على محكمة الجنايات الدولية،ووصفها بالمحكمة السيئة ،وكذلك فعل وزير خارجية الإحتلال جدعون ساعر بوصف هذا القرار باللاشرعي،وأنه يمثل مرحلة سوداء في تاريخ هذه المحكمة، التي أصبحت اداة سياسية ، على حد وصفه ،بيد من يعملون على تقويض الأمن والسلم الدوليين،وبأن هذا القرار لا شرعي ويفتقر الى الألية التنفيذية،في حين قال رئيس وزراء الإحتلال نتنياهو،بأن القرار معاد للسامية،وكذلك وزيرة النقل الإسرائيلية ميري ريغيف ،وصفة مذكرات الإعتقال بالسخافة القانونية.
هذا القرار المتأخر،شكل خطوة في الإتجاه الصحيح ،وتطور نوعي منذ 76  عاماً في مساءلة واصدار مذكرات اعتقال بحق قادة دولة الإحتلال،وتوجيه الإتهامات لهم بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويشكل انتصار سياسي ودبلوماسي، فلسطيني بإمتياز،وإنتصار لكل احرار العالم ومناصري المضطهدين والمظلومين في العالم،ونصر للعرب والمسلمين،وإن كانوا دون مستوى التحدي  والدعم والإسناد في هذا الجانب،ولعل من مفاعيل هذا القرار وتداعياته، بأن حكومة الإحتلال ، ستقدم على خطوات دراماتيكة في عمليات الضم والتهويد والطرد والتهجير ،والسيطرة على الحرم الإبراهمي الشريف، حيث عضو كنيست اسرائيلي عن الليكود قال يجب السيطرة على الحرم الإبراهيمي متراً متراً،أي تهويده بالكامل،وعلينا ان لا ننسى بأن ذلك سيدفع نحو التقدم على صعيد تهويد القدس والأقصى .
هذا القرار ستتعدى ابعاده الجوانب القضائية والقانونية ،وسيكون له تداعيات بأبعاد فلسطينية وعربية ودولية ،فهو قد يدفع بأمريكا الى أن تنتقم من رئيس المحكمة الدولية وقضاتها وتحد من حركتهم،وربما تعاقبهم مالياً،وقد تقدم على وقف تمويل محكمة الجنايات الدولية،وستطلب من حلفائها وقف تمويل المحكمة،تماماً كما فعلت في "شيطنة" وكالة الغوث واللاجئين"  الأونروا" ،وقطع التمويل عنها،استنادا الى اتهامات اسرائيلية،لعدد من العاملين فيها لا يتعدى اصابع اليد الواحدة بالمشاركة في معركة السابع من اكتوبر/2023،دون تقديم أدلة واثباتات قطعية،مما حدى بالدول الأوروبية الغربية الى اعادة تمويل الوكالة،والتي عمدت اسرائيل لاحقاً الى قطع العلاقات معها،واعتبارها منظمة غير مشروعة،والغت الإمتيازات الإقتصادية والسياسية الممنوحة للعاملين فيها.
هذا القرار من شأنه ان يعمق من أزمة وحصار اسرائيل على الصعيد الدولي،من حيث تحديد العلاقات معها من قبل دول العالم،ووقف التعاملات التجارية والإقتصادية،وقطع العلاقات معها،وصولاً الى منع تصدير السلاح اليها،ونحن شاهدنا كيف ان استراليا قد منعت وزير " العدل" الإسرائيلية السابقة اياليت شاكيد من دخول اراضيها خوفاً من التحريض والإحتجاجات.
في ظل هذا القرار فإن مسلسل التطبيع ما بين دولة الإحتلال وانظمة النظام الرسمي العربي ، سيصاب بضربة قاصمة،وسيضع العصي في مسنناته،وسيمنع دوران دوالبيه،كذلك هذا سيشكل دعم واسناد لجنوب افريقيا والدول التي شاركت الى جانبها وانضمت اليها في رفع دعوى ضد اسرائيل أمام محكمة العدل الدولية،والتي تتهم فيها اسرائيل بإرتكاب جرائم ابادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
اسرائيل التي تقوم في قطاع غزة وتحديداً في مناطقه الشمالية بإستخدام التجويع كسلاح ومنع ادخال المساعدات الإنسانية بشكل كاف وإرتكاب جرائم ابادة وتطهير عرقي،كما قالت صحيفة هارتس العبرية ، في افتتاحية لجريدتها قبل خمسة ايام، بأن التطهير العرقي هناك يمارس باوامر من نتنياهو وقادة الجيش،فهذا القرار قد "يفرمل" ما تقوم به اسرائيل من اجراءات  وممارسات وعمليات قمع وتنكيل وطرد وتهجير وتدمير.
وأمريكا الشريك المباشر في ما يرتكب من جرائم ترتكب بحق الشعب الفلسطيني،عبر ما توفره من غطاء سياسي وقانوني ودعم عسكري ومالي لإسرائيل،فإن مفاعيل استخدامها في ال 19/11/2024،قرار حق النقض" الفيتو" للمرة الرابعة ضد وقف إطلاق نار دائم للنار في قطاع غزة،قد تجري محاصرة مفاعيله ،وسيشكل عامل ضاغط على امريكا، التي باتت وحيدة في استمرار دعمها لجرائم الإحتلال في قطاع غزة،والتي نتوقع ان تفرض عقوبات مالية على المؤسسة الدولية .
طلبة الجامعات ومنظمات المجتمع المدني والحركات الإجتماعية،وحركة المقاطعة الدولية " بي دي اس" ،سيوفر لها هذا القرار الفرصة لتصعيد نضالاتها وحملاتها واحتجاجاتها الشعبية،والمطالبة بوقف التعامل مع اسرائيل ووقف العلاقات التجارية والإقتصادية والأكاديمة معها ،والدعوة الى سحب الإستثمارات منها .
نتيناهو الذي وصف القرار بالمعاداة للسامية،وبأن المحكمة تستهدفه، سيوفر له فرصة كبيرة لتحقيق اجماع قومي صهيوني حوله،يدين محكمة الجنايات الدولية،بإعتباره يتعرض لحملة شرسة وهو يقود حرب " الدفاع عن وجود الدولة،وبأنه سيسعى بشعبويته الى تعزيز شعبيته وحضوره في المجتمع الإٍسرائيلي،وبالذات في اوساط اليمين واليمين المتطرف ،وهو سيسعى أيضاً الى تصوير نفسه على ان انه ضحية ضحاياه من الفلسطينيين وأصدقائهم وأنصارهم في العالم. 
هذا القرار اذا ما احسن التعامل والتعاطي معه فلسطينياً وعربياً واسلامياً ،وتم توظيف كل الطاقات والإمكانيات والقدرات العربية من ثروات  نفطيه وغازية ،وكذلك التعامل مع امريكا وأوروبا الغربية على قاعدة المصالح،بحيث تشعر تلك الدول بأن مصالحها في العالم العربي ستكون مهددة ،إذا ما واصلت  دعمها لجرائم دولة الإحتلال،وكذلك اذا ما  اقدمت الدول العربية المطبعة مع اسرائيل والتي لديها اتفاقيات ومعاهدات سلام على مراجعتها، فإن ذلك قد يدفع نحو تشديد الضغط على اسرائيل وحلفائها لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني وفتح أفاق حقيقية لإنهاء الإحتلال،وخلق إمكانيات حقيقة نحو التقدم لحل سياسي ،يحقق لشعب الفلسطيني جزء من حقوقه المشروعة ،بإقامة دولة فلسطينية على جزء من اراضي فلسطين التاريخية.

فلسطين – القدس المحتلة
21/11/2024
المصدر: موقع إضاءات الإخباري