كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعتي أكسفورد وإكستر عن وجود صلة وثيقة بين الضغوطات المالية وارتفاع خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة لدى كبار السن، سلطت الدراسة الضوء على كيفية تأثير الوضع المالي على الصحة البدنية، خاصة لدى الفئات العمرية الأكبر، مع تقديم رؤى هامة حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة
شملت الدراسة أكثر من 5000 شخص تجاوزوا سن الـ65 في إنجلترا. جميع المشاركين كانوا يعانون بالفعل من آلام الظهر عند بدء الدراسة، مما أتاح للباحثين تتبع تطور الأعراض لديهم خلال فترة استمرت عامين.
وأظهرت النتائج أن الأفراد الذين كانوا يعانون من ضغوط مالية أكبر كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن آلام شديدة في الظهر. فبعد مرور عامين، تضاعف احتمال استمرار الألم المزمن لدى هذه الفئة مقارنة بأقرانهم ممن يتمتعون باستقرار مالي أكبر.
الأثر النفسي والاقتصادي: عوامل مضاعفة للألم
أظهرت الدراسة أن القلق المستمر بشأن الوضع المالي يساهم بشكل كبير في زيادة الألم المزمن. وأشار الباحثون إلى أن التوتر الناتج عن الضغوط المالية قد يؤدي إلى تفاقم الاستجابات العصبية المرتبطة بالألم.
كما أن الأشخاص الذين يعانون من أوضاع مالية صعبة كانوا أقل احتمالا لطلب العلاج الطبي أو ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وهي وسائل فعالة لتخفيف آلام الظهر.
عوائق الوصول إلى العلاج
خلص الباحثون إلى أن الفئات ذات الدخل المنخفض تواجه تحديات مضاعفة، حيث يصعب عليها الوصول إلى العلاجات أو المشاركة في الأنشطة البدنية. ووفقا للدكتورة إستر ويليامسون، الخبيرة في آلام الظهر بجامعة أكسفورد وأحد أعضاء فريق البحث:
"الأشخاص من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الأقل يعانون بشكل أكبر من آلام الظهر المزمنة بسبب محدودية الوصول إلى العلاج المناسب. كما أنهم أقل احتمالا للمشاركة في التمارين الرياضية التي تساعد في إدارة الألم."
استمرار الألم لدى غالبية المشاركين
أشارت الدراسة إلى أن نحو 4 من كل 5 مشاركين ظلوا يعانون من آلام الظهر بنهاية فترة البحث، بغض النظر عن وضعهم المالي. لكن من بين هؤلاء، كانت شدة الألم متفاوتة:
ثلث المشاركين وصفوا الألم بأنه "مزعج إلى حد ما".
أكثر من 1 من كل 10 أبلغوا عن آلام شديدة تؤثر على قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية.
أهمية التمارين في الوقاية والعلاج
اكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين يتبنون موقفا سلبيا تجاه ممارسة التمارين الرياضية في مراحل لاحقة من حياتهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بآلام الظهر المستمرة. وأكدت الدكتورة ويليامسون أن تمارين التمدد والأنشطة البدنية الموجهة يمكن أن تلعب دورا كبيرا في تخفيف الألم وتحسين نوعية الحياة.
دعوة لتغيير المفاهيم
أكدت الدراسة على ضرورة تغيير المفهوم السائد بأن آلام الظهر هي جزء طبيعي من الشيخوخة. وأوصت بتوفير العلاجات والتمارين الرياضية بأسعار معقولة وتسهيل وصول جميع الفئات إليها، خاصة أولئك الذين يعانون من ضغوط مالية.
وأضافت ويليامسون:
"المفتاح هو جعل العلاجات متاحة للجميع، وتشجيع كبار السن على المشاركة في الأنشطة التي تساهم في إدارة الألم."
تظهر هذه الدراسة بوضوح أن الضغوط المالية ليست مجرد عبء نفسي، بل تمتد لتؤثر بشكل مباشر على الصحة البدنية. ومن الضروري اتخاذ خطوات فاعلة لتقليل الفجوة في الوصول إلى العلاج بين مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية.