ناسا تكشف أزمة المياه العذبة عالميا وتحذر من تأثير تغير المناخ
منوعات
ناسا تكشف أزمة المياه العذبة عالميا وتحذر من تأثير تغير المناخ
26 تشرين الثاني 2024 , 11:43 ص

كشفت ناسا عن انخفاض دراماتيكي في مخزون المياه العذبة على سطح الأرض وفي باطنها خلال العقد الماضي، هذا التراجع أثار قلق العلماء من دخول القارات في مرحلة جفاف طويلة الأمد، مما يعمق المخاوف من تأثير تغير المناخ على موارد المياه.

انخفاض حاد في المياه العذبة عالميا

أظهرت بيانات الأقمار الصناعية التابعة لناسا وألمانيا، حدوث انخفاض مفاجئ وكبير في مخزون المياه العذبة على كوكب الأرض منذ مايو 2014. تشير دراسة منشورة في Surveys in Geophysics إلى أن هذا التراجع مستمر، مما يعزز فرضية دخول الكوكب في مرحلة جفاف طويلة الأمد.

أرقام مقلقة

بين عامي 2015 و2023، سجلت المراقبات عبر الأقمار الصناعية أن متوسط المياه العذبة المخزنة على الأرض - بما في ذلك المياه السطحية والجوفية - انخفض بمقدار 1200 كيلومتر مكعب، أي ما يعادل فقدان ضعفي ونصف حجم بحيرة إيري.

يوضح ماثيو روديل، عالم الهيدرولوجيا في مركز غودارد التابع لناسا: "هذا الانخفاض الكبير يعكس ضغوطاً متزايدة على موارد المياه، مما يعرض المجتمعات الزراعية والمدنية لمخاطر كبيرة مثل المجاعات والنزاعات وانتشار الأمراض".

دور الأقمار الصناعية في تحليل التغيرات

اعتمد العلماء في هذه الدراسة على بيانات من أقمار GRACE وGRACE-FO، التي تقيس التغيرات في الجاذبية الأرضية للكشف عن تغيرات الكتلة المائية على سطح الأرض وفي باطنها. بدأت الأقمار الأصلية عملها في 2002، بينما أُطلقت الأقمار الجديدة في 2018.

خريطة الجفاف العالمية

تُظهر الخريطة المصاحبة للدراسة أن الحد الأدنى لتخزين المياه العذبة خلال الـ22 عاما الماضية حدث في عدد كبير من المواقع منذ عام 2015، وهي الأعوام الأكثر حرارة في السجلات المناخية الحديثة. وبدأ هذا التراجع العالمي بموجة جفاف هائلة في شمال ووسط البرازيل، تبعتها موجات جفاف كبرى في أستراليا، وأمريكا الجنوبية، والشمالية، وأوروبا، وإفريقيا.

التأثيرات المناخية والجفاف المستمر

ساهمت درجات حرارة المحيط المرتفعة في المحيط الهادئ الاستوائي، والتي بلغت ذروتها خلال حدث النينيو الكبير بين 2014 و2016، في تغيرات جوية عالمية أثرت على أنماط الطقس وهطول الأمطار. ومع ذلك، حتى بعد انتهاء ظاهرة النينيو، لم تنتعش مستويات المياه العذبة، بل استمرت في الانخفاض.

تغير المناخ ودوره

يرى العلماء أن الاحترار العالمي ربما يكون سببا رئيسيا وراء تراجع المياه العذبة. أوضح مايكل بوسيلوفيتش، عالم الأرصاد الجوية في ناسا، أن الغلاف الجوي الأكثر دفئا يحتفظ بكميات أكبر من بخار الماء، مما يؤدي إلى فترات طويلة من الجفاف بين أحداث الهطول الشديد. وقال: "المشكلة في الهطول الشديد هي أن المياه غالبًا ما تتدفق بسرعة بدلا من أن تُمتص وتُعيد ملء المياه الجوفية".

تحديات التنبؤ بمستقبل المياه العذبة

رغم الأدلة التي تربط بين الاحترار العالمي وتراجع المياه العذبة، يشير بعض العلماء مثل سوزانا ويرث من جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا إلى وجود تحديات في تقديم تفسير قاطع. تقول ويرث: "التنبؤات المناخية تحتوي على قدر من الشكوك، والنماذج تحمل أخطاءً محتملة".

المستقبل المجهول

يبقى السؤال قائما: هل ستعود مستويات المياه العذبة إلى قيمها السابقة لعام 2015، أم ستظل مستقرة، أم أنها ستواصل الانخفاض؟ مع ارتباط السنوات التسع الأكثر حرارة بالتراجع الكبير في المياه، يشير روديل إلى أن هذا قد يكون مؤشرا لما هو قادم.

التراجع العالمي في المياه العذبة يشكل تهديدا كبيرا على الموارد الطبيعية، مما يتطلب استراتيجيات شاملة للتكيف مع تغير المناخ وإدارة المياه بشكل مستدام.