كتب الأستاذ حليم خاتون.. إرهاب المطّبعين، والقصاص الثوري..
من منا لم يحلم في اليوم التالي لاستشهاد سليماني والمهندس، أن يصوّب مسدسا إلى رأس دونالد ترامب ويقول له؛ خذها من يد سليماني والمهندس؟
من منّا لا يحلم كل يوم بإعدام ابن سلمان وابن زايد انتقاما لأطفال اليمن؟
من منّا لا يحلم كل دقيقة بإحراق تل أبيب، انتقاما لكل شجرة زيتون اقتُلعت أو أُحرقت؟
من منا لا يحلم بيوم الإنتقام للمحرقة الصهيونية بحق الفلسطينيين، حيث لن يكفيه إحراق كل الكيان بما عليه ومن فيه؟...
الظلم يستدعي القِصاص، فما بالك بظلمٍ تمادى،لأكثر من سبعة عقود ولا زال؟!!
لقد فرضت أمريكا، على مصر والسعودية والأردن،تغيير وحذف آيات من القرآن... فهل ستعجز عن إجبارهم على تغيير كتابة التاريخ لتصبح فلسطين أرض الميعاد؟
ألم يصبح الفلسطيني أزعرَ في تعليقات كلاب الإمارات؟
ألم يصبح الفلسطيني خأئنا في تعليقات كلاب السعودية وآخرهم، بندر بن سلطان؟
في أواخر الأربعينيات، اعتقلت السلطات اللبنانية مؤسس الحزب القومي السوري، أنطوان سعادة.
كان سعادة ليس فقط مشعلا وطنيا لكل بلاد الشام وبالأخص، درة هذه البلاد، فلسطين؛ بل كان تهديداً لنظام العمالة في لبنان، للرجعية والاستعمار.
كان أهل السلطة في لبنان، يخشون أن تتحوَل محاكمة سعادة إلى محاكمة لهم هم.
حققوا معه تحقيقا سريعا..
في نفس ليلة الاعتقال، وفي نفس الليلة عُقدت محكمة صورية أصدرت حكما بالإعدام نُفٍّذمع مطلع الفجر.
على هذا الظلم، ردّ الحزب القومي باغتيال رئيس حكومة الإعدام يومها، رياض الصلح.
نفس هذا الحزب، قرر الانتقام من الرجعية العربية التي خذلت الفلسطينيين، فقامت باغتيال الملك الأردني يومها، عبدالله الأول، الذي كان يأتمر بأوامر البريطانيين،إلى درجة أن قائد جيشه كان البريطاني غلوب باشا.
وكلنا نعرف دور بريطانيا في ما حصل من ظلمٍ للفلسطينيين.
من بين الفصائل الفلسطينية، قد تكون الجبهة الشعبية أكثر الفصائل التي لم تنم على ضيم.
فقد تميّزت الجبهة بالكثير من العمليات الثورية التي كانت تضرب ليس الكيان وحده، بل مَن يدعمه أيضا من دول الإمبريالية.
قامت الجبهة بضرب المصالح الغربية أينما وُجدت، وإلى أي مكان استطاعت يدها الوصول إليه، لدرجةٍ أطارت عقول الصهاينة وعقول الاستخبارات الغربية، حتى توصلوا، عبر خيانة في استخبارات صدام حسين، إلى تسميم العقل المدّبر لهذا الانتقام الثوري، الشهيد الدكتور وديع حداد.
آخر إبداعات الجبهة، كان الانتقام لاستشهاد الرفيق الأمين العام، أبو علي مصطفى، باغتيال وزير سياحة العدو، في وسط القدس.
يُطلق الغرب على كل هذه العمليات صفة الإرهاب.
وبطبيعة الحال يسمّي المناضلينن إرهابيين.
تماما كما يطلق صفة الإرهاب على كل المنظمات أو الدول التي تقاوم أو حتى تساند الفلسطينيين في نضالهم لاسترجاع حقوقهم التاريخية.
يساعد هذا الغرب بعض كلاب العرب ممن يذيقون شعوبهم أنواع القهر السياسي والظلم الاجتماعي.
قصيدة شعر واحدة انتقدت أمير قطر أودت بصاحبها إلى حكم بالسجن، لمدة خمسة عشر عاما مع تطبيل وتزمير علماء "الإخوان المسلمين" وبعض المتمركسين.
إذا كان ابن سلمان قد قطّع خاشقجي وذوّبه بالأسيد وهو خارج "السعودية"، فما بالك بما يمكن أن يفعله هذا الطاغية بمن يجرؤ على قول الحق من داخل المملكة؟
وماذا عن ابن زايد الذي لم يتحمّل كلمة نقد من شاعرة واديبة؟!
صادر جواز سفرها ووضعها في إقامة جبرية، إلى أن يقررهو مصير روح خلقها الله حرة، ولكن ابن زايد قرر استعبادها.
في الإمارات، يبلغ عدد السكان الأصليين، أي أصحاب البلاد، حوالي ١٠٪
من مجموع القاطنين على أرضها، حيث يعتمد ابن زايد على جيش وشرطة من المرتزقة الأغراب، لحبس من يتجرأ على المطالبة بالحرية، أو من يجاهر بمناصرة الحق في فلسطين أو اليمن أو غيرها.
بالله عليكم، كيف يمكن العيش في ظل هكذا أنظمة تنتمي فكريا إلى القرون الوسطى، وتستعمل لخدمة وسيطرة هذا الفكر أحدث أنواع التكنولوجيا التي يؤمنها الغرب وتؤمنها الصهيونية.
يعيش ملوك وأمراء الجاهلية الحديثة هؤلاء،ويستمرون في السيطرة، بالحديد والنار على كل من يولد، وقد يفتح يوما فاهه للمطالبة بحقوق البشر الطبيعية.
هؤلاء يشترون بالمال ضعاف النفوس من سكان البلاد، ويضمنون بالحديد والنار الطاعة على من قد تسول له نفسه، قول كلمة حق في وجه سلطان جائر.
في هذا العالم القائم فقط على حكم القوي، هناك رد واحد لا غير،
العين بالعين، والسن بالسن،وما أُخذب القوة، لا يُسترد إلّا بالقوة.
شاهدوا وسائل الإعلام الغربية، وحتى تلك الناطقة باللغة العربية التي تستضيف واحداً شريفًاً، مقابل مئة مُطبّلٍ لهذه الأنظمة وهذا الظلم، فقط لذرِّ الرّماد في العيون.
ذبح أحد غلمان داعش من الذين ساندهم ساركوزي وفابيوس وهولاند لذبح السوريين والعراقيين؛ ذبح استاذ تاريخ لأنه عرض رسوما كاريكاتورية لنبي الإسلام.
هبّت الحكومة والمنظمات، من كل حدب وصوب، للدفاع عن قيم الجمهورية في حق التعبير.
إنه حق التعبيرنفسه الذي يمنع أي بحثٍ علمي يتناول ما حدث فعلاً، في الحرب العالمية الثانية.
ممنوع أن تناقش السرد الرسمي لما حدث في تلك الحرب.
يجب أن توافق على ما كتبه المنتصرون .
البروفسور روجيه غارودي، أحد أساتذة جامعة السوربون، غُرِّم بما يعادل ال ١٥٠٠٠ يورو في نفس هذه العاصمة، باريس، لأنه تجرّأ وشكّك بصحة رقم الستة ملايين ضحية من اليهود، على أيدي النازيين الألمان.
في نفس هذا البلد فرنسا، وفي معظم أوروبا، صار انتقاد الكيان الصهيوني جريمة عداءٍ للسامية.
حتى منظمة BDS التي تدعو سلمياً، لمقاطعة الكيان الصهيوني، بسبب وحشيّته ضدّ الفلسطينيين، والتي يعرفها العالم كلّه، عن هذا الكيان تجاه الفلسطينيين، حتى الدعوة لمعاقبة الصهاينة المتوحّشين صارت ممنوعة، وصارت الBDS، معادية للسامية.
في هذا الغرب تُدان النازية بالعنصرية والشوفينية، لأنها تعتبر أن الجنس الآري(الألماني)، هو الجنس البشري الأسمى.
بينما تحكم المحكمة بالغرامة والحبس، على كل من يقول: إن الصهيونية عنصرية وشوفينية، رغم أن المبدأ الأساسي للصهيونية يقول: إن الجنس اليهودي هو الجنس الأسمى، وإنّ اليهود هم شعب الله المختار، وإنّ الله خلق بقية البشر لخدمتهم.
في هكذا عالم، هل يستطيع المرء إلا أن يكون ثوريا؟
كيف يمكن أن ترى جياع أفريقيا الذين أجاعتهم مئات السنين من عبودية الغرب لهم، كيف يمكن أن تراهم، ثم تذهب الى الفراش وكأنّ هذا شيئٌ طبيعي؟
أثناء تعلمي اللغة الألمانية، وفي حصة الاقتصاد التي كان يديرها أستاذ يساري عرف إني من مواليد أفريقيا، توجه إلي بالقول: إنّ سبب مأساة الأفارقة هي الفساد المستشري في القارة السوداء.
وافقته الرأي طبعا، لأن هذا التفسير جزء من الحقيقة.
ثم قلت له:"هرباومن، أنا ولدت في نيجيريا وعشت فيها أكثر طفولتي، كما تسنّى لي العيش في جمهورية بينين وفي جمهورية الكونغو .
في برازافيل، عاصمة الكونغو جدارية كانت هدية من كوبا تتحدث عن عصر العبودية؛ وأمام الجدارية تمثال طائر مصري، كُتب تحته أن المستعمرين أخذوا من القارة، خمسة وخمسين مليون إنسان في سلاسل العبودية إلى العالم الجديد.
هل تعرف، هر باومن، أن عدد سكان القارة يومها لم يكن يزيد على مئة وخمسين مليون نسمة؟
يومها جاء الأوروبيون، وأخذوا أكثر من ثلث السكان من الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٤٠ أو ٥٠ سنة من الرجال والنساء الأقوياء الذين يستطيعون العمل في الزراعة وغيرهاوالذين يستطيعون الصيد لإطعام أطفالهم أو الذين يمكن أن يحاربوا دفاعا عن عوائلهم.
تركوا خلفهم الأطفال والعجائز، دون مقدرة على مواجهة الحياة.
ثم أضفت:
"عدد سكان المانيا هذه الأيام يزيد قليلا على 83 مليون.
ماذا سوف يحل بالمانيا إذا حصلت مصيبة ما وخسر البلد أكثر من ٢٧ مليون من الاقوياء جسديا وفكريا، من الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٥٠ سنة"؟
صفن الاستاذ قليلاً، نظر إلي بعين حزينة وقال: سوف تنهار ألمانيا بالتأكيد.
هؤلاء الأوروبيون أنفسهم، هم الذين دمروا إمكانية التطور السكاني الطبيعي اجتماعيا واقتصاديا في أفريقيا، عادوا وتآمروا على أحرارها، من نيكروما إلى لومومبا إلى سيكوتوري إلى توماس سانكارا إلى عبد الناصر ...
والقائمة تطول ...
في عالم الظلم هذا..
في عالم الحصار والعقوبات والتجويع والإبتزاز...
في عالم الوحشية التي مات فيها مليون طفل عراقي، بسبب الحصار الأميركي، ورأت الوزيرة الأميركية مادلين أولبرايت أنّ هذا الثمن جدير بمهمة أميركا المقدسة في الشرق الأوسط.
في عالم تملك فيه اسرائيل أكثر من ثلاث مئة رأس نووي بمساعدةٍ أميركيةٍ، فرنسيةٍ غربية، ويُمنع لبنان من تملك صاروخ يزيد مداه على بضعة كيلومترات للدفاع عن نفسه..
في هذا العالم الذي ينصَبون علينا أفّاقا كالسيسي، أو لصوصا كطبقة الواحد بالمئة الذين أفلسوا لبنان ومصر والسودان وتونس وغيرها،
في الجزيرة العربية التي جعلوا عليها وحوشا كاسرة تستبيح دماء البحرينيين واليمنيين، بدعم غربي كامل وسكوت بقية العالم...
في عالم تتشبث فيه العجوز الفلسطينية بشجرة زيتون لتمنع قطعان المستوطنين من قطعها..
في عالم يُحرم الطفل الفلسطيني من الحلم، ويُجبر على الخضوع لألف حاجز، للوصول إلى مدرسة أو الذهاب الى عيادة...
في عالم يُصرع فيه محمد الدرة، لأن أباه اصطحبه في ذلك اليوم المشؤوم..
في عالم يتجرأ فيه أولاد زايد على استباحة فلسطين، وكرامة فلسطين، وشرف فلسطين...
في هذا العالم، لم يتركوا لنا سوى الحق في الاقتِصاص .
سوف يقولون عنّا: إرهابيين، قتلة...
لا يا سادة،هذا ليس سوى عدالة غائبة، نصحح مسارها.
كما يُحكَم على المواطن العادي الخائن بالموت،
كذلك على الشعوب أن تحكم بالموت، بأي طريقة ممكنة، على الملوك والأمراء والرؤساء الخونة.
هؤلاء لم يكتفوا بخيانة القدس وفلسطين،
هؤلاء ارتكبوا من الموبقات ما يندى له الجبين.
ها هي أوراق كلينتون تخرج، لترى الشعوب ما ارتكب الغرب وهؤلاء الانذال من الأعراب، في سوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين وليبيا...
ماذا سوف يقول برهان غليون، أو ميشال كيلو، من منظري الثورة السورية التي أرادت استخراج "الدبس من طيز النمس"؟
أرادوا استجرار الحرية والديموقراطية من ظلمات بني سعود وبني زايد وخليفة...
ماذا لو خرج شاب يوما وأطلق النار على رأس أي كلب من هذه الكلاب، انتقاما لأب أو أم أو أخت أو ولد...
إذا أُريد لهذا العالم أن ينعم بالعدالةوالسلام فعلاً، فإنّ على كل الظالمين، وبالأخص كبارهم..أن يتحسسوا رِقابهم...
قد يركع مظلوم... قد يخنع مظلوم آخر...
لكن من هناك...من خلف النسيان...ومن خلف القهر والعذاب والمعاناة...
سوف يخرج مظلوم ما، ربما إثنان، ربما أكثر،سوف يخرج مع مسدس،ليقول لابن زايد وابن سلمان وابن خليفة والسيسي وغليون وكيلو
وغيرهم:
خذها من أطفال فلسطين.
خذها من أطفال اليمن..
خذها من شعب سوريا الذبيح...
خذها من العراق المظلوم..
إلى كلاب العرب هؤلاء، إلى أسيادهم من كلاب هذا العالم القبيح: ناموا وعيونكم مفتوحة...شعبي قادم، قادم.
لا محالة، شعبي قادم، وكذلك القِصاص..