ستون يوما غامضا.. نصر شعبي وارتباك إسرائيلي*
مقالات
ستون يوما غامضا.. نصر شعبي وارتباك إسرائيلي*
حليم خاتون
28 تشرين الثاني 2024 , 17:33 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

"هذه الأرض لنا"...
أمس، خرج شعب المقاومة يعلن نصرا على الطريقة اللبنانية...

رفع إبن الخيام شارة النصر على بعد أمتار من الدبابة الإسرائيلية...

لكن حتى الآن، لم يتم إعلان اتفاق واضح من قبل الحكومة اللبنانية...

هذا ما يخيف فعلا...
كأن هناك قطبة مخفية لا يريد النظام اللبناني كشفها...

رغم كل مساوئ ال ١٧٠١، يبدو أن الأميركي يريد تخطيه إلى الأسوأ عبر لجنة يقودها هوكشتاين رقم ٢...

يجب عدم نسيان أن هذه الحرب على لبنان وفلسطين اميركية بامتياز...

كما يجب عدم نسيان أن هوكشتاين ضابط إسرائيلي في بدلة رسمية أميركية...

لذلك من الأرجح أن يكون الجنرال الذي سوف يرأس لجنة الرقابة نسخة طبق الأصل عن هوكشتاين؛ أو في أحسن الأحوال، نسخة عن دايتون الذي حوّل السلطة الفلسطينية إلى حرس حماية لإسرائيل عبر التنسيق الأمني...

كل أعضاء لجنة المراقبة والتحقق هم أعداء شعب المقاومة...

تم تصوير عضوية فرنسا داخل هذه اللجنة كأنه إنجاز في غير مصلحة إسرائيل...

جرى سباق بين المقاومة عبر الزحف الشعبي من جهة، وبين إسرائيل التي ارسلت مسيرات مراقبة وأطلقت النار واعتقلت مواطنين استجابوا لنداء الرئيس بري وعادوا إلى بيوتهم من جهة أخرى...

كل فريق يسعى إلى تكريس قراءته للاتفاق...

راهن الاميركيون على استغلال غموض الإتفاق من اجل توجيه ضربات متلاحقة خلال ستين يوم إلى حزب الله جنوبي الليطاني...

يبدو أن هذه الخطة كانت محبكة ومتفق عليها بين إسرائيل وأمريكا وربما أطراف لبنانية تلعب تحت الطاولة...

سارع حزب الله إلى تنفيس الخطة الأميركية الإسرائيلية عبر الزحف الشعبي الذي فاجأ أميركا وإسرائيل معا...

ردت إسرائيل عبر قطع الطريق على هذا الزحف الشعبي على أمل أن يبدأ الجيش اللبناني واليونيفيل بالاصطدام بالمقاومة عند اول منعطف...

الضمانة الوحيدة لمنع الصدام بين المقاومة من جهة، والجيش واليونيفيل من جهة اخرى هو هذا الزحف الشعبي تحديدا...

هل ينفجر الوضع مجددا؟

من المؤكد أن إسرائيل قد فشلت، حتى الآن على الأقل...

بعد ٦٦ يوم، لم يستطع جيش الاحتلال التمركز في نقاط محددة ينطلق منها لتطوير الهجوم البري الذي بدأه...

إعلان رئيس أركان العدو هاليفي عن بدء المرحلة الثانية من الهجوم كان كاريكاتوريا لأن الجيش لم يكن قد تمكن من إنجاز المرحلة الأولى...

وسط هذا المازق جاء هوكشتاين لإخراج جيش الاحتلال من عنق الزجاجة...

يبدو وفق ما نشر عن الإتفاق من قبل الكيان، أن مهمة الجيش اللبناني واليونيفيل هو "تطهير" جنوبي الليطاني من المقاومة؛
أي تحقيق ما عجز عنه العدو...

هكذا اراد هوكشتاين تحقيق ما لم تستطع إسرائيل تحقيقه...

بدل أن يموت جنود الكيان في مهمة تبين انها مستحيلة، يقوم الجيش اللبناني واليونيفيل بهذه المهمة...

إذا نجحوا، يكون هدف إسرائيل قد تحقق...
واذا فشلوا، يتم اول صدام بين المقاومة والجيش اللبناني؛ صدام قد يتطور الى حرب أهلية...

حتى اليوم صباحا لم تكن حكومة لبنان قد نشرت نسختها من الإتفاق...

إذا أخذنا بالنسخة الاسرائيلية، يظهر واضحا أن مهمة اليونيفيل والجيش اللبناني سوف تكون الصدام مع المقاومة...

من هذا المنطلق سارع الرئيس بري إلى دعوة الناس للعودة إلى البيوت في محاولة لخلق سد بشري يمنع الجيش من تنفيذ إملاءات اليونيفيل الذي لم يكن يوما سوى حرس حدود لإسرائيل...

النظام اللبناني فاوض ووقع على اتفاق لا نعرف حتى اليوم نقاطه...
لكن شعب المقاومة قرر تفسير الإتفاق كما يحلو له...

خرجت الناس أمس وحولت كل الكلام المشكك بإرادة المقاومة إلى مجرد كلمات في الهواء...

شعب المقاومة لم يعر أتباع أميركا في لبنان أي اهتمام...

هذا الشعب يعرف ان الصراع هدأ لفترة، ليس أكثر...

طالما هناك احتلال، لا بد لهذا الصراع أن يندلع مجددا...

لكن ما لا يعرفه الناس أن عودة الحرب قد لا تطول...

الرهان على أن ترامب لا يريد حروبا في عهده ليس ضمانة...

لذلك، لا ضمانة أن لا يقوم العدو بهجوم مفاجى صاعق على لبنان في حال استجاب حزب الله وانسحب إلى شمال الليطاني...

نحن الآن في وضع استراحة بعد جولة ملاكمة بين المقاومة والعدو...

خلف الكواليس، تم تغيير طاقم من يسجل النقاط؛ كما تم تعيين حكم جديد للمباراة يتفق مع هذا الطاقم على نصرة العدو...

شعب المقاومة هو الجمهور الذي يشاهد هذه المبارة...

على هذا الجمهور أن يكون متنبها يتحرك عندما تبدأ "الزعبرة"...

الأمل الوحيد هو في التيقن أن وقف النار هذا ليس سوى فترة استعداد للوثب على المقاومة لخنقها...

فإن كانت على إستعداد، نبادر نحن الى دخول الحرب هذه المرة... 

نقوم بالضربة الأولى ونفاجئ العدو حتى لا نفاجأ بعملية من نسق ال pagers...

أما إذا انتظرنا طويلا في الوهم كما فعلنا بعد السابع من أكتوبر...

سوف نجد أنفسنا نتعرض لنكسات اكثر ضراوة مما حصل...

يقول ماو تسي تونغ أن في كل سلبية يوجد شيء ما إيجابي؛

من داخل سلبية ال ١٧٠١ والاتفاق الجديد، علينا انتزع الايجابية عبر طوفان أقصى لبناني هذه المرة...

في الحالة المعاكسة، ونحن ننتظر عد النقاط، سوف يفاجئنا الأميركي بتوجيه ضربة قاصمة آتية حتما ترمينا خارج الحلبة لعدة عقود آتية...
                            

المصدر: موقع إضاءات الإخباري