كتب الأستاذ حليم خاتون:
في اجتياح لبنان سنة ٨٢، تمكنت إسرائيل من توجيه ضربة قاضية للنضال الذي قادته الأمة لتحرير فلسطين تحت قيادة الحركات القومية العربية من حركة قوميين عرب، وناصريين وبعثيين وغيرهم...
رغم الوحدة الظاهرة لكل عناصر هذه الأمة في تلك العقود الثلاثة، يمكن إرجاع الهزيمة إلى خونة الرجعية العربية في النظام الرسمي العربي وحركة الاخوان المسلمين من جهة، وعدم نضج حركات التحرير بالشكل الكافي...
لقد افرزت حركة الإخوان عدة حركات كانت مستعدة للذهاب الى آخر الدنيا لقتال الكفرة والملحدين ومؤازرة الأخوة في الدين بإستثناء فلسطين...
لسبب قد يخفى على بعض السذج، أبدت كل الحركات المنبثقة من الاخوان المسلمين كل استعداد على التمسك بالجهاد أينما كان بإستثناء فلسطين...
مع انطلاق حرب التحرير الجديدة سنة ٨٣ بقيادة حزب الله في لبنان، دخلنا مرحلة مقاومة إسلامية أساسها إيران الشيعية وحزب الله اللبناني اللذان قاما بتدريب وتمويل وتسليح حركات المقاومة الفلسطينية في حركتي حماس والجهاد الإسلامي السُنّيتين بالإضافة إلى الجبهة الشعبية والجبهة الشعبية القيادة العامة...
تميزت هذه المرحلة الثانية ليس فقط بابتعاد العالم السُنّي عن قضية فلسطين، بل في محاربة المعسكر الشيعي حين يكون معاديا لإسرائيل كما في حالة إيران والتحالف معه حين يكون صديقا لاسرائيل كما مع نفس إيران مع الشاه، او كما في الوقوف والتحالف مع اذربيجان التي تقيم علاقة وثيقة جدا مع إسرائيل...
بينما غزة تقاوم...
بينما حزب الله يتصدى لحرب كونية ضده بسبب وقوفه إلى جانب غزة...
تبين أن أردوغان كان يهيئ الظروف للإجهاز على هذا المعسكر الشيعي المعادي لإسرائيل...
إذا كان الثمن الذي حصل عليه الروس من أجل السماح لحركات التكفير بالسيطرة على جزء كبير من الأرض السورية لا نعرف مداه حتى اليوم هو وعد إسرائيلي بالعمل على وقف حرب الناتو في أوكرانيا ضد روسيا...
فإن الثمن الذي سوف تحصل عليه تركيا بسبب الدعم الكامل والقوي جدا لحركات التكفير من اجل الانقضاض على سوريا غير مفهوم حتى اليوم...
انها ببساطة تبعية أردوغان لأميركا...
إذا كان خبث أردوغان استطاع خداع الناس حين ذرف دموع التماسيح على غزة، فإن صنيعته أبو محمد الجولاني لم يخف على ال CNN شكره لإسرائيل لما قدمته من مساعدة مباشرة وغير مباشرة؛ كما لم يخف عزمه ونياته بإقامة علاقات أخوة وصداقة مع إسرائيل التي تقوم وفق كل أحرار العالم بابادة الشعب الفلسطيني الذي يشكل السُنّة فيه نسبة تفوق بكثير ال٩٠%....
سوف يمضي وقت قبل أن يتم تحليل كل ما حصل، ويتم كشف الاخطاء المميتة التي ارتكبتها إيران وباقي المحور؛ لكننا بكل تأكيد، لا يمكننا عدم رؤية خيانة أردوغان لفلسطين بالأفعال وإن كان يحاول إخفاء كل هذا بكلمات لا تسمن ولا تغني عن جوع...
كل كلام قد يقال في هذا يجب أن نرى تحليلا موضوعيا فيه، وليس مجرد صفصفة كلمات انتهازية لا تعني شيئا...