خطأ بشار الأسد المميت
مقالات
خطأ بشار الأسد المميت
حليم خاتون
9 كانون الأول 2024 , 05:20 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

بعد عقدين من الزمن، انتجت السينما الروسية عدة أفلام عن حقبة انهيار الاتحاد السوفياتي، لعل من اكثر هذه الأفلام تعبيرا عما حصل وعما كان يحصل، فيلم "أحلام" أو Dreams...

كم من السنين سوف يمر قبل أن تنتج السينما السورية أفلاما تتحدث عن سقوط الدولة السورية ومأساة هذا البلد قبل السقوط وبعده...

لكن الأكيد أن سقوط نظام بشار الأسد يشبه كثيرا سقوط النظام السوفياتي، إن من حيث السرعة او من حيث ضخامة وتأثير الحدث...

بل أن صفة واحدة على الأقل جمعت بين غورباتشوف وبشار الأسد:

عدم قتال ومواجهة الغرب حين كان يجب ذلك...

لكن المأساة سوف تكتمل في سوريا إذا استلم السلطة رجل من طينة بوريس يلتسين؛ هنا سوف تكون المصيبة...

عدم امتلاك الجرأة، وعدم امتلاك الإرادة في المبادرة إلى الهجوم هي وصمة عار رافقت كل القيادات العربية الرسمية منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى وصولا إلى يومنا هذا...

حتى كبار رجال هذه الأمة أصابهم بلاء عدم الجرأة على المبادرة إلى الحرب...

منذ عبد الناصر وحتى يومنا هذا...

حتى قبل السابع من أكتوبر، كان يدور جدل كبير حول تعرض سوريا بشكل مستمر لضربات إسرائيل دون أن يتجرأ النظام على الرد...

كانت حجة أنصار النظام دائما موجودة...

في البدء كانت الإجابة وجوب انتظار الزمان والمكان المناسبين...

لكن مع الوقت تغيرت الاسطوانة...

صار الجواب أن وضع الدولة السورية في خطر كبير...

كان الجواب يقول دائما أن الرد على إسرائيل قد يستجلب حربا إسرائيلية على سوريا تضعف النظام أمام جحافل الارهابيين والتكفيريين...

في أكثر من مرة...

وفي اكثر من مقالة، كتب صاحب هذه الأسطر عن تجربة الرئيس الأسبق حافظ الأسد مع التهديد التركي بغزو سوريا...

في إحدى أخطر تلك المرات، لم يستنفر حافظ الأسد جيشه على الحدود التركية ردا على تهديدات أنقرة...

على العكس تماما؛ سحب حافظ الأسد كل الفرق الموجودة على الحدود مع تركيا وارسلها الى الحدود مع كيان الاحتلال الصهيوني مع رسالة إلى الرئيس التركي من بضعة كلمات كانت كافية لردع تركيا...

يومها هدد حافظ الأسد إنه بمجرد دخول اي قوات تركية إلى سوريا، سوف يبدأ الجيش السوري هجوما كاملا شاملا على الاحتلال الصهيوني...

خافت تركيا،

وخافت أميركا، وتراجعت الحشود التركية بعيدا عن سوريا...

ظل نظام بشار الأسد يتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى من إسرائيل وهو لا يتجرأ على الرد....

في كل مرة كانت الناس تطالب بالرد على الغارات بالقصف الصاروخي وخلق معادلة ردع كان اهل النظام يتذرعون بالخوف من حرب إسرائيلية تضعف البلد فتعمل تركيا وجماعاتها على استغلال ذلك للهجوم على الدولة السورية...

ظل نظام بشار يتحمل الضربات دون رد إلى أن تحركت تركيا وجماعاتها واسقطوا النظام بدون حتى حرب...

ألم يكن اشرف لبشار الأسد أن يرد على إسرائيل منذ سنين وليكن ما يكون...

على الأقل، كان سوف يسقط بطلا يواجه إسرائيل بدل أن يهرب على متن طائرة إلى موسكو تاركا بلدا بأكمله تحت رحمة اكثر من ثلاثين تنظيما تكفيريا قد لا يمر وقت طويل قبل أن يحول هؤلاء سوريا إلى صومال او أفغانستان ثانية...

ما فعله بشار الأسد بعدم مقاتلة إسرائيل، فعله قبل حوالي ستة عقود جمال عبد الناصر حين لم يبادر إلى الهجوم على إسرائيل ما سمح لنكسة حزيران أن تقع...

ولكي يزيد عبد الناصر الطين بلة عمد إلى تعيين رجل البرجوازية الصاعدة في مجلس قيادة الثورة نائبا للرئيس حتى اذا حان الوقت انقلب محمد أنور السادات على ثورة يوليو ومنجزاتها، وأعاد عقارب الزمن بإعادة مصر مرتعا يلعب فيها الخارج كما أيام الخديوي...

حتى حركات المقاومة على اختلافها أصيبت بهذه العدوى، فباعت منظمة التحرير الفلسطينية القضية في اتفاق أوسلو بدل تطوير الانتفاضة في الداخل الفلسطيني...

وصلت العدوى إلى إيران وحركات محور الممانعة...

تم الاعتداء على مرفأ بيروت دون اي رد...

ثم تم دفع لبنان إلى القبول بترسيم للحدود البحرية خسرنا بموجبه حقل كاريش...

ثم تم خرق الردع في بدايات حرب الإسناد عبر اغتيال العاروري في الضاحية دون أن يقوم حزب الله بالرد في حيفا...

ثم جرى اغتيال الرئيس الإيراني السيد رئيسي ليبتلع النظام في طهران ما جرى دون اي رد حتى وصل الأمر أن يبتلع النظام الإيراني لسانه ولا يقوم بالرد على آخر هجوم اسرائيلي رغم كل الشعارات والتهديدات الفارغة التي رفعها...

الغريب ان المقاومة في لبنان كانت تتحف الناس بأفلام مصورة عن بنك أهداف حملها مسلسل الهدهد حتى إذا ما جاء الوقت ووجب الرد...

حدث هذا الرد على شكل مهزلة، هذا اذا حصل الرد من الأصل...

يدور في الاروقة أنه كانت هناك مبالغة في تقدير القدرات عند حزب الله، بينما يرجح آخرون أن قوة التدمير كانت موجود فعلا عند الحزب لكنها تعرضت للتدمير في ال ١٦٠٠ غارة التي حصلت في اليوم الأول...

يدعي الاسرائيليون انهم دمروا ٧٠ إلى ٨٠% من قدرات حزب الله الصاروخية...

حتى لو كانت إسرائيل تبالغ وان الذي خسره حزب الله لا يزيد على ٥٠%؛ هذا يعني أن حزب الله خسر ٧٥الف صاروخ على الأقل قبل بدء الحرب بشكل كامل في ضربة مشابهة لما حصل مع عبد الناصر في الخامس من حزيران ٦٧...

كل هذا حصل مع المحور لأن إيران لا تريد الحرب...

ولأن بشار لا يريد الحرب...

كما الحزب لا يريد الحرب...

لا يمكنك أن تعلن إنك لا تريد الحرب بينما تقوم أميركا والناتو بأفعال حربية ليل نهار وتتوسع بهذه الحرب حت تصل إلى اليمن...

هناك وجهة نظر تقول ان حزب الله كان خائفا من عملاء الداخل من أحزاب اليمين من عملاء أميركا او حتى من خلايا التكفيريين السرية بين النازحين السوريين وفي المخيمات الفلسطينية؛

قد يكون هذا الخوف في محله...

لكن هل يكون الحل بعدم خوض الحرب...

العملاء في هذا البلد سوف يكونون هناك دوما...

التكفيريون في هذه الأمة موجودون منذ إبن تيمية وصولا إلى عبدالله عزام وسيد قطب...

عملاء الإخوان المسلمين موجودون منذ بدايات القرن الماضي وقبلهم كان الوهابيون في شبه الجزيرة العربية ينشرون الرعب والقتل في كل من يذكر الشهادتين...

هل يكون الحل بعدم الذهاب إلى القتال...

في اليمن يسود قول عند الزيديين يقول "إن الإمام من قام"...

من يريد قيادة الناس، عليه ان يقوم...

خسر عبد الناصر الحرب رغم ان كل الشعوب العربية كانت خلفه لانه لم يقم...

خسر بشار الأسد الناس قبل أن يخسر في ساحة المواجهة لانه لم يقم بقتال إسرائيل...

كاد حزب الله ان يخسر الحرب لولا البطولات الخارقة التي قام بها رجال الله في الميدان مما عدل في الميزان لانه كان يحاول تجنب المواجهة باي ثمن حتى وقع الثمن العظيم بتساقط القيادات من الصفين الأول والثاني كما في حقل رماية حرة...

بعد سوريا، قد تقع الضربة القادمة على إيران...

قد تكون إيران عل حق في عدم الدفاع عن النظام في سوريا لأنه فقد كل الشعبية التي كان يملك...

لكن الضربة القادمة آتية حتما...

علينا تهيئة أنفسنا في لبنان...

لم يعد مطلوبا القتال من اجل فلسطين...

لقد وصل النظام التركي هو نفسه إلى حدود فلسطين...

أجهض الأتراك والتكفيريون مشروع إيران الشيعية لتحرير فلسطين...

يجب ترك تركيا وكل جماعات التكفير... بل وكل عالم السُنّة يدافعون عن فلسطين...

أين محمد سلام يصرخ و"يجعر" كما الخنزير الميت مطالبا المارد السُنّي أن ينهض...

ام أن مواجهة الروافض هي المطلوبة بينما يجري اغتصاب فلسطين كل دقيقة، وكل ثانية... 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري