بين سقوط الشام وسقوط القسطنطينية عامل مشترك واحد على الأقل:

إنه الموت الذي يؤدي إلى فجر آخر...

الحياة لا تتوقف...

تموت أمم، وتولد أمم أخرى...

حتمية انتصار الحق مجرد سراب تحكي عنه قصص الهنود الحمر في القارة الأميركية...

أما الذي يعتقد أن منظومة القيم لا تسمح بالإبادة، فإن عالمنا يحمل كل يوم إبادة...

فلسطين لن تكون الأخيرة...

الروهينغا في بورما...

التاميل في سيريلنكا...

المسلمون في الهند...

راجعوا ما حصل وما يحصل في كشمير...

أما الذي يتكلم عن المؤامرة ضد المسلمين، فعليه مراجعة قواه العقلية...

المسلمون لا يحتاجون إلى من يقتلهم...

المسلمون قادرون...

المسلمون يقتلون مسلمين كل يوم...

في باكستان، في أفغانستان، في كل بلد قد يحوي اختلافا ما في رؤية ما...

لكل مجموعة، إله مجنون يكره بقية الآلهة ويكره كل من يتبعها...

خروج أوروبا من عصر الظلمات والدخول في عصر النهضة والعلم والفلسفة المادية كان بفضل سقوط القسطنطينية...

سقوط الشام أنهى بشكل من الأشكال الجدل حول وجود مسألة قومية عند العرب، او مسألة وطنية عند فتات الأعراب أو حتى مسألة وجود أمة دينية عند اتباع محمد على الأقل...

انتهى القرن العشرين بموت فكرة القومية العربية...

دخلنا الألفية الثانية مع انتصار المشروع الشيعي في إيران وتمدده إلى حدود فلسطين طامحا في حمل شرف تحرير بيت المقدس...

يمكننا اليوم التأكيد على موت المشروع الشيعي لتحرير فلسطين، ربما جزئيا بفضل عالم سُنّي ينتمي الى "الزومبي"...

شيعة أذربيجان مع الصهيونية العالمية...

شيعة العراق تحت الاحتلال الأميركي...

شيعة لبنان في طور الدخول تحت الهيمنة الأميركية...

شيعة الخليج تحت صرماية أنظمة الحذاء الأميركي...

شيعة إيران سكتوا عن اغتيال قاسم سليماني...

ثم عادوا وابتلعوا اغتيال رئيسي وعبداللهيان...

هم اليوم ينظّرون للتبعية لعالم الغرب الاميركي على يد محمد جواد ظريف وبيزيكشيان وعرقتشي...

في غزة؛ في شمال لبنان ومدن بلاد الشام يرقصون ويرفعون شارات النصر...

قناة العربي لا تخفي فرحتها؛

كذلك اقنية الجزيرة المختلفة...

كل الحديث يجري عن جرائم نظام البعث في سوريا...

خرجت على إحدى القنوات صورة محجبة تؤدي صلاة الشكر لسقوط بشار الأسد...

الكل مشغول بوصف وحشية هذا النظام الذي لا يقل وحشية عن أي نظام في اي بلد عربي أو إسلامي...

كلهم وحوش...

لكن وسط كل هذا الصخب، ودون ضجة اعلامية، تقوم إسرائيل بتنفيذ مهمتها التي من أجلها زرع الكيان في قلب بلاد الشام...

خلف اصوات الزغاريد وهيصة انتصار "الثوار"، قامت إسرائيل بتدمير كل المطارات والطائرات والصواريخ والمختبرات العلمية...

بدأ اغتيال العلماء ورجال الفكر في سوريا...

انه نفس المسلسل الذي نفذته أميركا وإسرائيل في العراق غداة سقوط صدام حسين...

كما تم إرجاع العراق إلى القرون الوسطى وتحويل هذا البلد إلى دولة فاشلة، كذلك يجري العمل في سوريا...

ابو محمد الجولاني لبس كرافات وتحول إلى احمد الشرع...

لم تعد جبهة النصرة تنظيما إرهابيا...

لقد شكر أحمد الشرع إسرائيل وأعلن أنه جزء من "معسكر الحرية"...

الإرهابي هو من يلفظ اسم فلسطين، و"ثوار سوريا" ليسوا من هؤلاء...

لكن العيب ليس فقط في كل هؤلاء من أهل مزبلة التاريخ...

كل يوم تخرج قصة مختلفة عن القصة التي سبقتها أو التي سوف تلحقها عما حدث في سوريا...

نفس الرجل الذي قال قبل اكثر من عشر سنوات لقاسم سليماني وبعض قادة ما يسمى محور الممانعة أنه لن يترك الشام وسوف يقاتل حتى النصر او الشهادة...

نفس هذا الرجل موجود الآن في موسكو...

منهم من يقول انه هرب على متن طائرة بعدان قام ب++تهريب عائلته...

منهم من يقول انه هرّب عائلته إلى الإمارات ولكن بوتين احتجزه حين ذهب يطلب مساعدة الروس لقتال المتمردين...

جريدة الشرق اللبنانية التابعة لبني سعود تُحمٍل إيران مسؤولية سقوط النظام...

أما كيف ولماذا...

أبواق السعودية والخليج قادرة على تحويل الذكر إلى أنثى والعكس هو الأصح في قاموس الأعراب...

لكن الحقيقة الثابتة بالمطلق هي ان بشار الأسد سقط قبل أن يسقط...

في سقوط بشار حكايات قد يكون لعزمي بشارة وخالد مشعل ضلع كبير فيها...

بشار المقاوم مات حين صار كل همه البقاء على كرسي الحكم ورفض حتى مجرد الرد على إسرائيل في محاولة للبقاء مقبولا من قبل المنظومة الغربية...

بشار الذي رفض أن يقاتل اسرائيل بشرف ويفرض معادلة ردع رغم امتلاكه كمية من الصواريخ تكفي لتدمير كل الكيان بحجة الحفاظ على سوريا وقوة سوريا انتهى إلى ترك سوريا بلا اية حماية تخسر طائراتها وصواريخها سدى بلا اي كرامة أو شرف في القتال...

قد تعلن موسكو بعد فترة وفاة بشار...

لكن بشار مات منذ أن لم يقاتل...

هنيئا لأمة الملياري مسلم...

وصلت تركيا وأهل السُنّة معها إلى حدود فلسطين...

حتى صباح اليوم وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى مسافة ٥٥ كلم من دمشق حيث ينشغل "الثوار" بالاحتفال بإسقاط رجل ميت ولا يرون الظلام الزاحف لابتلاع مزيد من الأرض ومزيد من الأعراض...