ان الذي لا ريب فيه ولا يختلف بشأنه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان وكال ذي لبِّ وجنان ان الكيان الصهيوني - القاعدة المتقدمة- للغرب الاستعماري في الشرق الاوسط. يحاربنا بها وهي الناطق الرسمي ولسان حاله في التعبير عن سياسته المتعلقة بالاقليم.وعندما يفشل الكيان في اداء دوره الوظيفي كوكيل يتقدم الاصيل.
بعد طوفان الاقصى الذي وجَّه ضربة قاصمة للكيان وجيشه، واربكت قيادته السياسية والعسكرية، تقدم الاصيل وعلى اعلى مستوى الرئيس الامريكي بايدن والرئيس الفرنسي ماكرون وقادة اوروبا الاخرون يعلنون وقوفهم الى جانب الكيان.تولت امريكا ادارة الصراع سياسيا. وعسكريا، ولطمأنة الكيان صرح منسق مجلس الامن القومي في الشرق الاوسط بريت ماكغورك في الساعة 1:12صباحا: (( نحن معكم )). وارسل بايدن وزير الخارجية الامريكي توني بلينكن وهبط في اسرائيل صباح يوم الخميس 12 اكتوبر وتوجه مباشرة لرؤية نتنياهو، قال نتنياهو :(( نحتاج الى ثلاثة اشياء: الذخيرة، الذخيرة، الذخيرة)).
قال بلينكن لنتنياهو وحكومته الامنية: (( نحن معكم.نحن معكم.سنقدم الدعم لكم.والعمل جارٍ بالفعل على تزويدكم بالذخيرة)). واضاف:(( نحن معكم)). وبعد تصاعد المقاومة الفلسطينية في غزة ودخول جبهات الاسناد الى جانبها ظهر للعيان مدى الانهاك الذي اعترى جيش الكيان والوهن الذي حل بقيادته العسكرية، وتشتت التماسك الاجتماعي للمجتمع الاستيطاني الصهيوني، والهجرة العكسية بلا عودة، وانعدام الامن والامان في داخل الكيان من اهم تداعيات طوفان الاقصى.ان مجتمع المستوطنين المتماسك هو الشرط الاساسي لامن الكيان / القاعدة الذي يشكل سياج امنه والمسوغ الوطني والاخلاقي لبقائها.(( الجيش الذي له دولة)).
سبق وقلنا ان هذه الحرب لن تتوقف الا بانتصار احد الطرفين وهزيمة الاخر.اثناء الصراع لاحت بوادر انتصار لمحور المقاومة عندما راكم انتصارات في كل معاركه بالنقاط طيلة اربعة عشر شهرا.وفي نفس الوقت كنا نقول ان نتنياهو هو الوحيد الذي يخوض الحرب بعقل استراتيجي الذي يؤدي الى تحقيق النصر.
الم نسخر منه عندما وقف على منبر هيئة الامم المتحدة وهو يحمل خريطة ملونة يوضح فيها برنامجه التوسعي الذي يضم شرق النيل من ارض مصر وشمال الجزيرة العربية والاردن ولبنان وسورية وغرب الفرات العراقي.(( حدودك يا اسرائيل من الفرات الى النيل)) الشعار المكتوب عل مبنى الكنيست الصهيوني.قلنا حينها ساخرين: نحن لسنا كعكة يقطعها نتنياهو بالسكين.الم يكن كلام نتنياهو على مسمع وتحت نظر العالم اجمع؟الم يطرح برنامجه التوسعي الا بعد ان اخذ الضوء الاخضر من الدولة العميقة في امريكا بشقيها الديموقراطي والجمهوري؟وكان رد الفعل العربي معدوما، خاصة تلك الدول التي كانت الخريطة تضم قسما منها.لكن الادهى والامر ان هذا كان يمسُّ محور المقاومة سورية والعراق وفي العمق طهران وموسكو.
ان الدول العظمى التي لديها سلاح الردع النووي وترسانة نووية قادرة على تدمير الكرة الارضية لا تتظاهر بالقوة لانه ليس هناك قيمة استراتيجية للتظاهر.وان حقائق القوة التي بحوزتها تستخلص من الصمت بدلا من الخطابة والتظاهر.عندما تحيك الاخطار الوجودية باحدى الدول العظمى فلن تتورع عن استخدام السلاح النووي كما حصل في هيروشيما وناجازاكي في اليابان اثناء الحرب العالمية الثانية، او التلويح باستخدامه كما صرح الرئيس الروسي بوتين وعقله الفيلسوف الكسندر دوغين في مقابلات تلفزيونية بان روسيا ستستخدم السلاح النووي دفاعا عن وجودها لان العالم بدون روسيا لا يساوي شيئاً.
استخلصت امريكا من تجربتها في الفيتنام والعراق وافغانستان، التي قتل فيها عشرات الاف الجنود واضعاف ذلك من الجرحى وكلفتها تريليونات الدولارات، تبنت سياسة جديدة تقوم على عدم ارسال قوات امريكية للقتال في الخارج وتقديم الدعم اللوجستي بكل انواعه لمنظمات المجتمع المدني ال N.G.O كطابور خامس وتسخير احزاب ومنظمات وتنظيمات مستعدة لبذل الدماء لتحقيق اهداف وهمية ما تلبث امريكا ان تجني ثمار تضحياتهم لصالح استراتيجيتها العليا.ان لدى امريكا احتياطي هائل من قوى الارهاب غب الطلب، ولا تحتاج امريكا الى الانتصار في صراعها مع الدول الكبرى.ما تحتاجه امريكا بكل بساطة هو اغراق الاخرين في الفوضى.بحيث لا يمكن لهم اعادة انتاج ما يكفي من القوة بحيث تشكل تحديا لها. فهل سورية مستثناة من هذه. الفوضى؟.
ان حالة الفوضى التي نشرتها امريكا في سورية من خلال الحصار الاقتصادي الجائر والكانتونات الارهابية في شمال غرب سورية المدعومة بالقوات التركية، وقوات قسد الكردية في شرق الفرات المدعومة بالقوات الامريكية ويتقاسمان عائدات النفط والثروة الحيوانية والزراعية، واحتياطي داعش في العراق وسورية، وقاعدة التنف على الحدود السورية العراقية الاردنية التي تتمركز فيها قوات المغاوير الجناح العسكري لاخوان سورية وقوات من داعش، واحتياطي الارهاب في الجولان والخلايا النائمة في الجنوب السوري.كل هذه القوى ادت الى شل دور سورية في المواجهة التي دارت مع الكيان واقتصر دورها على امداد السلاح سواء من مخزونها او القادم من ايران.
ان القيادة العربية التي تصدت للمشروع الصهيوني كانت ولا تزال تنقصها روح اجدادها العرب الذين فتحوا العالم بروح الاقدام والمبادرة في الهجوم حتى في الاوقات التي لم يكن لديهم القوة العسكرية الكافية كما حصل في معركة مؤتة.عندما حشدت اسرائيل قواتها على الجبهة المصرية لم يبادر عبد الناصر الى شن ضربة استباقية وقائية.بل الكيان هو من بادر بالهجوم والحق الهزيمة بالجيوش العربية وتجرع العرب كاس هزيمة حزيران عام ١٩٦٧.كذلك الاسد في سورية لو بادر واستخدم مخزونه الاستراتيجي من القوة الصارخية وصبها على الكيان على راي المثل ( علي وعلى اعدائي) لصار (( هوشي منه)) العرب ولغفرت له الجماهير جرائمه واستبداده.ان سبب هزائم هذه الامة ليس نقص المقاتلين المستعدين لبذل الارواح بل في انعدام روح المبادرة والاقدام التي تمتع بها الاجداد وانتهت بانتهاء الفتوحات حين كنا نعمل بهدي
* ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموه فانكم الغالبون* واستخدمها الاعداء فصاروا يدخلون علينا من ابوابنا فكانوا هم الغالبون.
امام سقوط دمشق الدولة والنظام، الزلزال الذي خلق واقعا جديدا في الاقليم ومحيطه واسفر عن تداعيات متعددة نلخصها في
١- الكيان الصهيوني :- صرح بنيامين نتنياهو وقادته العسكريون انهم قاموا بتدمير القدرات العسكرية السورية الجوية والبرية والصاروخية والبحرية.وصرح نتنياهو ان قوات قسد والاكراد هم الحليف الموثوق في سورية.واحتلت قواته المنطقة العازلة وجبل الشيخ والقنيطرة.
٢- تركيا:- التي تستضيف اكثر من خمسة ملايين سوري الذين يشكلون عبئاً ثقيلا ستسعى الى تسهيل عودتهم لسورية.لكن استجابتهم مرهونة باستقرار الوضع وما ستؤول اليه الاوضاع داخلها.حاول اردوغان ان يستثمر في تعاونه مع امريكاان يوجه ضربة اعسكرية لقوات قسد بواسطة ما يسمى الجيش الوطني لانه يعتبر قسد امتدادا لحزب العمال الكردستاني الارهابي والمحظور في تركيا.وردعته امريكا.
٣- امريكا:- توالت التصريحات الامريكية وعلى اعلى المستويات السياسية والعسكرية بان القوات الامريكية المرابطة في شرق سورية ستستمر في تقديم الدعم لقسد للتصدي لتنظيم داعش.
صرح البنتاجون بشان سورية (( بان اللحظة محفوفة بالمخاطر وعدم اليقين)).اما الهدف الحقيقي من اجماع امريكا والكيان عل دعم قسد هو خلق كيان كردي مستقل يتكون من كردستان ايران وكردستان العراق وكرد سورية وجنوب شرق تركيا - ديار بكر- وصولا الى شواطئ البحر الابيض المتوسط.ويضم اكثر من اربعين مليون كردي.وسيكون من تداعياته تقسيم تركيا عرقيا وسيكون بمثابة جزاء سنمار لاردوغان.
٤- ايران:- الواقعة تحت العقوبات الاقتصادية فان السناريو المعد لها هو الفوضى الخلاقة والقوى المشاركة فيها داخلية الاصلاحيون الذين اتى بهم خامنئي لاستلام السلطة ترضية لامريكا على غرار الرئيس روحاني ووزيره جواد ظريف الذي صار المستشار للرئيس الحالي واطلق عبارة " شالوم" من طهران، والاكراد والبلوش والطابور الخامس واحتياطي الارهاب في بلوشستان باكستان والاذريون في الشمال والقاعدة الصهيونية ومحطة الموساد في دولة اذربيجان ومنظمة مجاهدي خلق الايرانية .لن تكتفي امريكا باسقاط النظام في طهران بل ستعمل على تقسيمها عرقيا وطائفيا يينسلخ عنها اقليم كردستان وعربستان والقسم الاذري.وسنشهد حروب الشوارع في معظم المدن الايرانية وثمن كل هذا التظاهر باستخدام القوة وعدم التنفيذ واخذ زمام المبادرة.(( اذا اردت ان تطلق النار اطلقها لا تتكلم)) على ما جاء في الفيلم الامريكي الجيد والسيئ والقبيح (( If you want to shoot, shoot do not talk))
٥- روسيا:- التي يقال ان بوتين حصل على ضمانات من امريكا بعدم المساس بقاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية .اذا كان هذا صحيحا ، فان بوتين يكون قد كرر خطأ غورباتشوف الذي صدق التعهدات الامريكية بعدم تمدد الناتو شرقا ان هو قام بحل حلف وارسو.وبعد ان قام بذلك تمدد الناتو شرقا وصار على ابواب روسيا ثم حاول الدخول الى عقرها عن طريق محاولة امريكا ضم اوكرانيا للناتو.
٦- فلسطين:- اصبحت كل قوى وفصائل المقاومة الفلسطينية برمتها ودون استثناء معزولة وبلا رديف واصبحت حركة حماس التي تدير شؤون غزة مهيضة الجناح وسترغم على تقديم تنازلات مهينة وسيجني اليمين الفلسطيني الفتات.
٧-لبنان سيحافظ حزب الله على نفسه كحزب فاعل في لبنان ضمن المحاصصات الطائفية المعمول بها في النظام اللبناني اما على الصعيد العسكري فالمسألة ضبابية.
٨- سورية:- لا ينبغي ان يطلب احد من سورية والسوريين اي شيء.دعوا السوريين وشانهم.وان يفرحوا بطريقتهم وان يضع كل سوري ملصقا عليه العلم الجديد ويكتب عليه عبارة (( سورية حرة)) على غرار ما فعله الليبيون (( ليبيا حرة)) على سياراتهم ودراجاتهم النارية والهوائيه والباصات والشاحنات.وانتظروا انتهاء حفلة العرس الوطنية هذه.
ماذا لو وقع الطلاق والشقاق؟
ماذا بيدنا وبيد السوريين ان نفعل عندما تضع القوى الدولية سورية على طاولة المحاصصة الحكومية؟وما سيكون مصير سورية التي يعمل الكيان وامريكا على ابقائها داخل الفوضى التي سيفاقمها اختلاف قوى المعارضة التي توافقت على اسقاط النظام وستفرقها المحاصصة الحكومية.فهناك الاخوان والسلف والوهابيون والقاعدة والتركستان والكرد الخ.امام هذا الواقع المستجد دعوا سورية وشانها، فان حافظت على وحدتها الجغرافية والسيطرة عليها فانه خير لها وللاقليم وان بقيت في الفوضى ، خلوها دامية ستقيء الحمل على المشرق العربي بيتا بيتا وستغرس اصبعها في اعيننا وتقول لنا اولاد ال...انتم من اجرم بالعرين الاموي العربي واخترتم الاستعباد الصهيو امريكي.
م/ زياد ابو الرجا.